فقد شكلت مناورات "الشرق" إحدى أهم إجراءات التدريب القتالي وأوسعها في عام 2018. وجرت تلك المناورات، التي وصفها الخبراء العسكريون بأنها أكبر المناورات العسكرية في تاريخ روسيا، في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، بمشاركة وحدات من الجيشيْن الصيني والمنغولي.
وشارك فيها 25 ألف فرد من كل صنوف القوات المسلحة الروسية، إلى جانب حوالي خمسة آلاف قطعة من الأسلحة والمعدات الحربية والخاصة، بما فيها 130 طائرة ومروحية و100 طائرة من دون طيار.
فيما أجرت البحرية الروسية عام 2018 لأول مرة تدريبات قتالية في القسم الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وتضمنت مجموعة السفن المشاركة في التدريبات 28 سفينة حربية و36 طائرة ومروحية بحرية، وذلك بقيادة طراد "المارشال أوستينوف" الحامل للصواريخ.
وشاركت في التدريبات سفن مثلت غالبية الأساطيل التابعة لسلاح البحرية الروسي، وهي أسطول البحر الأسود وأسطول بحر البلطيق والأسطول الشمالي وأسطول قزوين. وشهدت التدريبات تحليق قاذفات "تو-160" الاستراتيجية ومقاتلات "سو-33" و"سو-30 إس إم" البحرية وطائرات مكافحة الغواصات "تو-142" و"إيل-38". وتدرب الأفراد خلال المناورات على مكافحة الغواصات والدفاع الجوي وحماية المواصلات البحرية ومكافحة القراصنة. كما شهدت إطلاق الصواريخ ونيران المدفعية البحرية.
وفي هذا السياق أطلقت غواصة يوري دولغوروكي النووية الاستراتيجية عام 2018، بنجاح أربعة صواريخ من طراز "بولافا-30" من البحر الأبيض في شمال روسيا نحو ميدان "كورا" التدريبي في شبه جزيرة كامتشاتكا. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ البحرية الروسية عندما أطلقت غواصة نووية كبيرة مثل "يوري دولغوروكي" أربعة صواريخ عاملة بالوقود الصلب دفعة واحدة.
وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أطلقت قاذفة "تو-160" المطورة، 12 صاروخا مجنحا جويا من طراز "خا-101" إلى ميدان "بامبوي" الواقع في منطقة القطب الشمالي. وفي حال تزويد هذا الصاروخ برؤوس نووية، فإنه يصبح قادراً على تدمير بلد صغير بمساحة 10 آلاف كيلومتر مربع.
هذا العام تميز بظهور مفهوم السلاح فرط الصوتي باعتباره كلمة جديدة في قاموس الحرب. حيث بدأت منظومة "كينجال" والتي تعني الخنجر وهو منظومة جوية فرط صوتية أداء مهام المناوبة القتالية في الجيش الروسي عام 2018، علماً أن المنظومة تضم مقاتلة "ميغ-31" والصاروخ فرط الصوتي الذي تحمله. وبهذا أصبحت روسيا أول بلد يختبر السلاح فرط الصوتي وباشرت باستخدامه في جيشها.
وقامت الطائرة الحاملة للصاروخ بـ89 طلعة جوية فوق مياه البحر الأسود وبحر قزوين. وبلغت السرعة القصوى لتحليق الصاروخ 12250 كيلومترا في الساعة، كما بلغ مدى إطلاقه من الطائرة مسافة 2000 كيلومتر يقطعها الصاروخ خلال عشر دقائق.
كما بدأت منظومة بيريسفيت الليزرية الروسية في الأول من كانون الأول/ديسمبر عام 2018، بأداء مناوبة قتالية اختبارية. وتمتلك المنظومة إمكانات واسعة تسمح لها بتدمير كل الأهداف الجوية عملياً، ما يزيد إلى حد بعيد من القدرات الدفاعية للدولة الروسية.
أما فيما يتعلق بصاروخ فويفودا، ويطلق حلف شمال الأطلسي عليه اسم "الشيطان"، فقد تم تحديثه وأجريت بنجاح عام 2018 الاختبارات البرية لهذا الصاروخ الذي أصبح اسمه "سارمات" الاستراتيجي الثقيل العامل بالوقود السائل من الجيل الخامس. وأطلق حلف الناتو على هذا الصاروخ لقب "الشيطان-2". وقد بلغ وزن الصاروخ 200 طن، ومدى إطلاقه غير محدود. ويتزود الصاروخ برأس قتالي متشطر إلى عشرة رؤوس قتالية صغيرة موجهة ذاتياً.
وفي عام 2018 شرع المتخصصون العسكريون باختبار أول غواصة نووية استراتيجية من مشروع "بوريه-آ"، وهي غواصة "الأمير فلاديمير" التي تتميز بالتخفي كلياً عن أجهزة الرادار ومستوى الأمانة العالية مقارنة بمثيلاتها الأجنبية.
تل أبيب تضرب عرض الحائط الاعتبارات الإقليمية والدولية
الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد سوريا يظهر بوضوح لا لبس فيه بأن تل أبيب لا تأخذ بعين الاعتبار أي تطور عسكري محلي أو إقليمي أو دولي. وهذا يعني أنها غير آبهة بوجود سلاح متطور مثل منظومة إس-300 للدفاع الجوي، ولا يعنيها الحضور الروسي الواسع النطاق، ومتجاهلة تماماً قرار انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
البعض يرى بأن إسرائيل من خلال هذه الأعمال العدوانية، مستعدة للرد بجدية على إمكانية تعزيز القوات الإيرانية في سوريا على خلفية انسحاب القوات الأمريكية، في إشارة إلى إن شدة الرد تعتمد على درجة التهديد. عشية ذلك، استخدم الجيش الإسرائيلي دفاعه الصاروخي لتحييد الصواريخ التي أطلقت من سوريا.
وفي الصدد، تشير القراءات الأخرى إلى إن هجمات إسرائيل تعتمد على الظروف، وهذا ليس مستغربا، نظراً لأن دمشق كثيراً ما تفضل ربط العمليات بأحداث السياسة الخارجية.
الأوساط العسكرية تتحدث عن أن الهجمات الإسرائيلية على القوات الموالية لإيران في سوريا تعود بالفائدة على الجانب الروسي، الذي يتمتع بتاريخ عريق ومعقد من العلاقات مع الجمهورية الإسلامية في سياق النزاع السوري المسلح.
التعاون مع إسرائيل يمنع روسيا الغوص في علاقات متينة مع إيران.. هذا من ناحية، لكن من ناحية أخرى، كبح الطموحات الإيرانية.. فطهران، لن تتخلى عن سوريا، وسوف تستمر في العمل هناك من خلال العديد من المجموعات المحلية، والشخصيات المخلصة في النخب العسكرية والسياسية السورية، وكذلك من خلال مختلف المشاريع الاقتصادية. وإيران تعتبر انسحاب المجموعات الأجنبية أداة للمساومة، وفي الوقت نفسه ترفض في الغالب انسحابها من مناطق معينة، على الرغم من طلبات موسكو.
أعذر من أنذر — موسكو تحذر واشنطن
واقع جديد يتشكل جراء الإجراءات والتدابير المترافقة مع زيادة النشاط العسكري لحلف شمال الأطلسي، خاصة فيما يتعلق بالتدريبات وغيرها من المناورات التي يقوم بها الحلف بشكل شبه يومي على طول الحدود الروسية.
موسكو حذرت تكراراً ومراراً وتحذر من حشد السلاح الأمريكي على مقربة من حدودها، فهي تعلم من تاريخ الحرب الباردة أن مثل هذا المزيج من التخطيط والسياسات العسكرية يؤدى إلى دوامة من سباق التسلح، وسيكون من الصعب جدا تخطيها.
الأميرال فلاديمير كوروليف القائد العام للقوات البحرية الروسية، أشار إلى إن الولايات المتحدة وحلف الناتو يزيدان من أنشطتهما العسكرية ليس فقط براً وإنما عند الساحل الروسي.
قوات البحرية ستكون موجودة في مناطق مهمة من المحيطات بالعدد الذي يسمح باستبعاد أي تهديدات من جهة البحار والمحيطات. وفي الوقت الحالي، يقوم بذلك حوالي 100 سفينة حربية من مختلف الفئات.
وزارة الدفاع الروسية أكدت بأن القوات الأمريكية جنباً إلى جنب مع تحالف شمال الأطلسي، تقوم بنشر أنظمة دفاعية بحرية مضادة للصواريخ، وأسلحة استراتيجية غير نووية عالية الدقة، وبنية تحتية عسكرية حول أراضي روسيا.
وقبل أسبوع من ذلك، أعلنت واشنطن عن الحاجة إلى تعزيز الوجود العسكري في القطب الشمالي بسبب التهديد القائم والمتزايد بحوادث بحرية في المنطقة. حيث وصف الأمريكيون الاستثمار الروسي في الطاقة، والخدمات اللوجستية والبنية التحتية على طول طريق بحر الشمال بأنه عامل خطر، وجرى التشديد على تراجع مساحة الجليد البحري في القطب الشمالي بدرجة كبيرة، منذ العام 1981.
الجنرال ميخائيل ميزينتسيف رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا أعلن في الوقت نفسه، أنه لن تكون السفن الحربية الأجنبية قادرة على الإبحار على طول طريق بحر الشمال بدءا من العام 2019، إلا بعد إخطار السلطات الروسية.
موج أحمر في السعودية
انطلق في مدينة جدة السعودية تدريبات "الموج الأحمر-1" بمشاركة قوات من المملكة والدول المطلة على البحر الأحمر. هذه المناورات تهدف لتعزيز قدراتها الدفاعية وضمان أمن الملاحة البحرية.
وجنباً إلى جنب مع القوات الخاصة والمشاة التابعة لسلاح البحرية السعودية تشارك في التدريبات قوات من الأردن ومصر والسودان وجيبوتي واليمن بالإضافة إلى مراقبين من الصومال.
اللواء صقر الحربي قائد الأسطول الغربي السعودي وقائد المناورات التي ستستمر حتى الثالث من شهر كانون الثاني/يناير لعام 2019 أشار إلى إن مهمة التدريبات الرئيسية هي تعزيز الأمن البحري للدول المطلة على البحر الأحمر وحماية المياه الإقليمية وتعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات القتالية بين البلدان المشاركة، بالإضافة إلى الإسهام في توحيد المفاهيم العسكرية ورفع الجاهزية القتالية لدى القوات المشاركة، في إشارة إلى أهمية البحر الأحمر البالغة لدى دول العالم كممر اقتصادي مهم.
الفريق الركن فهد بن عبدالله الغفيلي قائد القوات البحرية السعودية أوضح من جانبه، أن هذه التدريبات تشمل عدداً من الفرضيات التي خُطط لها سلفا بشكل دقيق يتوافق مع ما تمتلكه القوات البحرية الملكية السعودية من قدرات قتالية ومنظومات بحرية متطورة تعزز من الجاهزية القتالية للقوات البحرية للدول المشاركة في هذه المناورات.
العميد البحري الركن علي محمد الغانمي المشرف على هذه التدريبات أكد أنه ستطبق خلاله جميع التمارين العملية والنظرية التي تشكل جانبا تدريبياً مهماً لجميع القوات المشاركة.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم
