ويرى مراقبون أن فقدان الشرعية لمأرب ربما ينهي تواجد قوات حزب الإصلاح ومراكز الشرعية، عندها ستكون الحرب بين "أنصار الله" من جانب، التحالف والانتقالي من الجانب الآخر... فما هى أهمية تلك المحافظة الاستراتيجية بالنسبة لجميع الأطراف؟
قال العميد ثابت حسين الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني لـ"سبوتنيك" إن محافظة مأرب هي إحدى محافظات الجمهورية اليمنية، تقع إلى الشمال الشرقي من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحدود (173) كيلو متراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته (1.2%) من إجمالي سكان الجمهورية، وعدد مديرياتها (14) مديرية، ومدينة مأرب هي مركز المحافظة.
وأضاف الخبير الاستراتيجي، تتصل المحافظة بالجوف من الشمال، محافظتي شبوة والبيضاء من الجنوب، محافظتي حضرموت وشبوة من الشرق، محافظة صنعاء من الغرب، وتبلغ مساحة المحافظة حوالي (17405)كم2، تتوزع في (14) مديرية وتعتبر مديرية مأرب أكبر مديرية في المحافظة مساحة.
وتابع حسين "من هنا تأتي أهمية مأرب الاستراتيجية، في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2015، حيث سيطرت قوى موالية للرئيس هادي على هذه المحافظة اليمنية النفطية، وساهم التحالف العربي في تحقيق انتصار نوعي آنذاك، بأن حقق الأمن والاستقرار فيها، لكن ذلك الأمر ظل تحديا، إذ حاولت جماعات بميول سياسية إبطاء أي تحرك نحو صنعاء، بتحريك جيوب في جبهات على حدود المحافظة في صرواح والجفينة على سبيل المثال".
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن "مأرب تعد بوابة استراتيجية مهمة على تخوم صنعاء، أهميتها الاقتصادية كبيرة لليمن، لذلك سعى الحوثي في بداية انقلابه إلى وضع اليد عليها، لاحتوائها على أهم منشآت استخراج النفط وتحويله في البلاد".
وأكد حسين أن "مأرب هي المحافظة الشمالية الوحيدة -ليس كلها- التي تخضع لسلطة الشرعية ممثلة بالمحافظ سلطان العرادة، وهو شيخ قبلي قوي في مأرب، وهناك تتواجد قيادة ما يسمى بالجيش الوطني ووزارة الدفاع "الشرعية"، لكن يمكن القول إن هذه المحافظة ظلت تحت أعين الحوثيين من خلال تواجدهم المباشر في صرواح "حوالي ٦٠ كم من مأرب المدينة" وبشكل غير مباشر من خلال القوى الموالية سياسيا وطائفيا، وظلت تزويدهم بالنفط والغاز.
وأكد الخبير العسكري، كان الوضع بشكل عام بين الحوثيين ومأرب الشرعية بقيادة حزب الإصلاح أشبه بالمتعايش، وإذا قرر الحوثيون السيطرة على مأرب تكون سلطة الشرعية قد فقدت المحافظة على تواجدها الرمزي في الشمال، وسيكون الأمر واضحا جليا، الشمال تحت سيطرة الحوثي، والجنوب تحت سيطرة التحالف والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وقال مصدر مطلع في صنعاء لـ"سبوتنيك"، إن عملية الرد على التصعيد الذي تقوم به القوات التابعة للتحالف في "نهم" وبشكل خاص القوات التابعة لحزب الإصلاح، وعلى بعد كيلومترات من محافظة مأرب، المعركة الدائرة الآن أكبر بكثير من العملية الكبرى التي أطلقها أنصار الله منذ شهور تحت أسم "نصر من الله"
في الحدود الشمالية من حيث الأهمية الاستراتيجية للسلسلة الجبلية التي كانوا يتمركزون فيها ومعنى ذلك "تأمين محافظة صنعاء والعاصمة صنعاء" من أي أخطار أو التلويح في الإعلام أنهم قاب قوسين أو أدنى من صنعاء.
وأضاف المصدر "الآن تبدلت العملية وأصبحت قوات الجيش واللجان الشعبية قاب قوسين أو أدنى من مدينة مأرب وحزم الجوف وبات سكان مأرب يسمعون الاشتباكات عن قرب، وهناك خسائر مادية كبيرة من حيث العتاد والقوى البشرية قتلى وجرحى وأسرى ومحاصرين بالآلاف، وعندما حاول طيران التحالف فك الحصار تصدت له الدفاعات الجوية وأجبرته على الفرار".
وحول الأبعاد الاستراتيجية للعملية التي تقوم بها قوات صنعاء في نهم وبالقرب من محافظة مأرب قال المصدر:"تهدف العملية لإبعاد الخطر عن صنعاء تماما وفقدان التحالف أهم الجبهات التي كان يهدد بها، ولم يستطيع الدخول منها رغم امتلاكه مواقع هامة، وبعد أن خسر تلك المناطق أصبح من المستحيل عليه العودة إليها من جديد باعتبارها وعرة جدا ومحصنة وكذلك اليقظة والجاهزية القتالية التكتيكية والإستراتيجية وغيرها من الأمور، هذا بجانب تحطيم معنويات قوات التحالف وانهيار المرتزقة وبدأت الاتهامات فيما بين أطراف التحالف لبعضهم البعض".
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
