البابا فرنسيس من دمشق: الحرب خلقت المعاناة والجوع والموت
16:36 GMT 15.03.2022 (تم التحديث: 07:46 GMT 16.03.2022)
© Sputnik . Mohammad Damour
تابعنا عبر
استضافت العاصمة السورية دمشق اليوم مؤتمراً كنسياً عالمياً أقامه مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سوريا تحت شعار "الكنيسة بيت للمحبة... مسيرة سينودوسية مشتركة" في قصر المؤتمرات بفندق إيبلا بتشجيع من قداسة البابا فرنسيس وبمشاركة عدد من المسؤولين السوريين ورجال الدين المسيحي وممثلي الجمعيات الخيرية الكنسية في سورية والمنطقة العربية والعالم.
وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ألقى الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية كلمة البابا فرنسيس التي وجهها للمشاركين في المؤتمر جاء فيها:
"الحرب في سوريا دخلت عامها الثاني عشر في خلق المعاناة والجوع والموت ولا تزال تتسبب في هروب السوريين، ومن ناحية أخرى تستمر المبادرات في إعطاء الرجاء والمنظور المستقبلي للشعب الذي بقي في سوريا" مضيفاً: "إنها فرصة لكي نقول للمسيحيين "أنتم لستم منسيون" لأن الكنيسة تتابعكم باهتمام خاص أنتم الأبطال حاملي رسالة يسوع في هذه الأرض".
وأضاف البابا في كلمته: "أتوجه إلى مختلف ممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الناشطة في سوريا.. إن مبادراتكم هي علامة محسوسة على محبة الكنيسة والتي يغذيها الإنجيل، في أيام الحرب والمعاناة نرجو أن يتم التوصل إلى سلام عادل ودائم قريباً في أوكرانيا حتى يتسنى لعمل الجمعيات أن يمتد إلى ذلك الوطن مثلما يحدث في سوريا".
البطريرك أفرام الثاني: الحرب على سوريا كرست معاناة رهيبة للسوريين
وفي تصريح خاص لـ "سبوتنيك" قال غبطة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطـريـرك أنطاكيــة وسائــر المشــرق، والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم: "الحرب على سوريا جعلت كل السوريين في معاناة رهيبة ونحن بحاجة إلى بعض، وقد قامت الكنيسة في سوريا بمختلف طوائفها بجهود جبارة من أجل مساعدة الآخرين الذين أصبحوا جميعاً هدفاً وضحية للحرب التي شنت علينا (في سوريا) من مسلمين ومسيحيين".
البابا فرنسيس من دمشق
© Sputnik . Mohammad Damour
وأضاف: "هذا المؤتمر هو للتأكيد على دور الكنيسة في العمل الجبار الذي تقوم به جمعيات تابعة للكنائس وهو تأكيد على ان الكنيسة هي في خدمة الناس من مختلف الطوائف والأديان وهي تدعو دائماً إلى السلام والمحبة في هذه الظروف الصعبة، وصلواتنا اليوم لكل من يعانون في العالم ولأهلنا في روسيا وأوكرانيا في الأزمة الحالية ونطلب الأمن والسلام للشعبين الروسي والأوكراني".
وتتواصل أعمال المؤتمر حتى يوم الجمعة القادم ويتضمن محاضرات وجلسات حوارية لبحث واقع العمل الإنساني والإغاثي في سوريا ومتطلباته وعمل الكنيسة الاجتماعي بهدف وضع خطة عمل للمرحلة القادمة، ويشارك فيه ممثلون عن منظمات الأمم المتحدة والمنظمات والجمعيات الإغاثية في سوريا ورجال الدين المسيحي.
البطريرك العبسي: سوريا ساعدت لبنان والعراق
وفي كلمة له في الجلسة الافتتاحية، قال غبطة البطريرك يوسف العبسي رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في سوريا: "كلنا بات اليوم يعلم أن الحاجة تزداد وتتسع في أماكن كثيرة من العالم لأسباب مختلفة منها الاستغلال والاحتكار والحرب، وكلنا يرى اليوم البؤس والوجع وما يجرانه من مآسي لا يستطيع ضمير حي أن يرضى بها ولا يستطيع أي مسيحي مؤمن ملتزم بتعليم الإنجيل أن يرضى بها، هذا ما حدانا على أن ننهض ونكرس ذواتنا لمساعدة من وقع ويقع فريسة لتلك المآسي".
وأضاف: "مما لاشك فيه أن العناية في أيامنا الحاضرة يلزمها ترتيب وتنسيق ودراسة وتخطيط من جراء انفتاح الناس بعضهم على بعض واتساع رقعة العمل وتداخل البيئات والمصالح والعمال والمشاريع، ولا بد أن تنتج عن هذا المؤتمر مخرجات عملية توطد الثقة وتضمن الشفافية قبل أي شيء، وعلينا أن نبني على هذا الأساس متجنبين الضياع في متاهات عميقة.
وأردف قائلاً: "حين وقعت أزمة العراق من ناحية وحرب "إسرائيل" على لبنان عام 2006 استقبلت سوريا آلاف النازحين وقدمت المساعدات على أنواعها وعاملتهم معاملتها لمواطنيها، وهكذا عملت مع من قدموا لهم إليها عبر التاريخ ونرغب أن نتمكن في الاستمرار في مساعدة الغير، ما اعتدنا ولا نريد أن نكون عالة على أحد أنما نرغب في ان نحصل على السلام لنتمكن من أن نعمر بلدنا وأن نساعد من يحتاج إلى مساعدة، ووأشكر المانحين وغيرهم الذين أتوا من الخارج متحدين العقوبات المفروضة على سوريا والتي تحول دون نهضتها وإعمارها ومعبرين للشعب السوري عن محبتهم وتضامنهم وشعورهم بما يشعر به في محنته اليوم وعن رغبتهم في السير معه لا سيما مع المحتاجين وراغبين في بناء جسور المحبة في نهج قداسة البابا فرنسيس الذي اتخذ شعار "كلنا إخوة" ودعانا إلى تطبيقه في حياتنا".
وختم كلمته بالقول: "أشكر نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية على الموقف الشجاع الذي وقفه حين طالب علناً برفع العقوبات عن سوريا في اجتماع كنائس البحر المتوسط ورؤساء بلديات البحر المتوسط الذي انعقد في مدينة فلورنسا بإيطاليا والشكر لكن أطلق فكرة هذا المؤتمر نيافة الكردينال ماريو زيناري السفير البابوي في سوريا الذي لا يألو جهداً للتخفيف من معاناة الشعب السوري">.
السفير البابوي: البابا يشجعنا للاهتمام بجراح السوريين
وألقى السفير البابوي في سوريا الكردينال ماريو زيناري قال فيها: "الكنيسة في طور الخروج كما يقول قداسة البابا التي يشجعنا فيها أن نقف معاً في شوارع سوريا وأن يهتموا بجروح إخوتنا وأخواتنا السوريين الذي يعانون من الحرب".
وأضاف: نحن مدعوون إلى أن نلتفت إليهم وأن يكون لنا قلب يرى كما يقول البابا فرنسيس السادس، قلب مليء بالتعاطف والمحبة تجاه 90% من الشعب الذي يعاني الفقر المدقع والجوع، تجاه 14 مليوناً و600 ألف شخص هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية و12 مليون يعيشون في عدم أمان غذائي و6 ملايين بعيدون عن بلادهم، نحن مدعوون أن يكون لنا قلب مع عذابات الضحايا في هذا الصراع في سوريا وأوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا".
البابا فرنسيس من دمشق
© Sputnik . Mohammad Damour
وأردف: "نحن لدينا الخبزات الخمس والسمكتين فقط لكن ما هي قيمة ذلك أمام ما يجري في العالم، هل لدينا الرغبة بأن نفعل ما فعله تلاميذ السيد المسيح، قلب يرى كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني المحبة سوف نزهر هنا وهناك ضمن محبة الله وخصوصاً في سوريا".
وأضاف السفير البابوي في سوريا: "علينا المسير في طريق دمشق وعلى خطا القديس بولس الذي وضع كل طاقته لتحسين وتجميع الإمكانات للمسيحيين في القدس في أعماله ومهمته الخيرية والذي كان يقول: (كم علي أن أقوم بأشياء) وكان يصف ذلك بالرحمة والرأفة".
وختم كلمته بالقول:" من كل قلبنا نشكر أصدقاءنا السوريين وكل البلدان التي يشارك اليوم في هذه الرأفة والتضامن مع كل المحتاجين في سوريا".
المطران أودو: الأزمة كونت جيلاً من معتنقي العمل الإنساني
وفي افتتاح المؤتمر قال مطران الكنيسة الكلدانية أمين سر المؤتمر المطران أنطوان أودو: "رغم جميع الويلات التي عانينا منها خلال الأزمة (في سوريا) فقد ساهمت هذه الأزمة في تكوين جيل من الشبان والشابات على العمل الاجتماعي- الإنساني وخلقت لهم فرص عمل وجعلتهم في حالة تفاعل مع واقع سوريا بما تحتويه من تنوع في المناطق والثقافات والانتماءات الإثنية والدينية العريقة والغنية".
وأضاف: "ندعو شبيبتنا كي لا تستسلم لليأس والإحباط بل ليتضامنوا أكثر في بناء الرجاء لأن سوريا بلد جميل بطبيعته وإنسانه وغناه التاريخي المشرقي، فللكنيسة دور في المجتمع لا ينحصر في دورها الإحساني والتربوي بل يسعى لرقي الإنسان والأخوة الشاملة" مؤكداً "ضرورة نشر تعليم الكنيسة الاجتماعي لأنه يساعد الكنيسة في بلداننا وجماعاتنا على التعاون في خدمة المحبة ونشر الروح المسكونية بين المسيحيين وعلى تشجيع وتنظيم لقاءات بناءة ومنفتحة بين المسيحيين والمسلمين، وهدفنا من خلال هذه المسيرة المشتركة أن نصل إلى اتخاذ قرارات نستطيع أن نطبقها تلبية لاحتياجات شعبنا في زمن الشدة والحصار الظالم".
بطريرك بغداد: أشكر سوريا على استقبالها واحتضانها آلاف العراقيين
وتحدث بطريرك بغداد لويس روفائيل ساكو فقال: "هذا المؤتمر يعطي دفعة أمل لشعوبنا وأشكر كل المنظمات الكنسية والمدنية في وقفة مع الشعوب المتضررة، وإن هذا الدعم المادي والمعنوي ساعد العيش المشترك في العراق، وأشكر سوريا على استقبالها واحتضانها آلاف العراقيين من كل الديانات والمذاهب خلال الحصار وما بعد الحصار، هذا ما لا يجب أن يُنسى، شعار المؤتمر "المحبة والشراكة" المحبة ليس لها حدود حتى لمن أساؤوا إلينا، المحبة هي التي عاشهتها الجمعيات الذين ذهبوا لمساعدة إلى كل إنسان دون أن ينظروا على هويته هؤلاء لم يساعدوا المسيحيين بل ساعدوا الجميع وهذا مهم جداً.. الشراكة مهمة اليوم فكل إنسان هو شريك فيما يحصل على أرضنا، كل الجمعيات والمنظمات يجب أن تعمل شراكة، وأنا ادعو الكنيسة ان تعمل مع المرجعيات المسلمة نمد الجسور ونمد أيدينا نحو السلام والاستقرار وحماية حقوق الناس بغض النظر عن انتمائهم الديني والقومي وحماية كرامتهم، يجب أن نرفع صوتنا عالياً مع الآخرين الخيريين والمساندين ندافع عن حقوق الناس وكرامتهم كما فعل السيد المسيح".
وزير الأوقاف: سوريا مهد المسيحية
وألقى وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد كلمة شكر فيها باسم الحكومة السورية وعلماء الدين المسلمين هذا المؤتمر، قال فيها "هذا المؤتمر يأتي في ذكرى أليمة مرت بها سوريا وهي ذكرى بداية الحرب التكفيرية الإرهابية المتطرفة على بلادنا وعلى مواطنينا المسلمين والمسيحيين" مضيفاً: "كم تهدمت مساجد وكنائس وكم سالت الدماء في بلادنا مع حصار اقتصادي غربي على سوريا دعماً للإرهاب والتطرف والتكفير، والمسلمون والمسيحيون في سوريا يعيشون المواطنة والمحبة وقد انبثقت المسيحية والإسلام من أرضنا وهذا موضع فخر واعتزاز لشعبنا وأختم كلامي بكلام السيد المسيح: المحبة لله في العلا وفي الناس المسرة وعلى الأرض السلام".
البابا فرنسيس من دمشق: الحرب خلقت المعاناة والجوع والموت
© Sputnik . Mohammad Damour
وعلى هامش المؤتمر أشار وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد في تصريح خاص لـ سبوتنيك إلى أن "هذا المؤتمر يعبر عن كل سوريا وأن عنوان المؤتمر "الكنيسة بيت للمحبة.. مسيرة مشتركة" هو عنوان التعاون والتعاضد والتكاتف في وجه الحصار الاقتصادي وفي وجه كل ما يقوم به الإرهاب في هذه البلاد:
سوسان: من دون قيم الحق والعدل ستهيمن الاضطرابات على العالم
وصرح نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري أيمن سوسان لـ سبوتنيك بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية بقوله:
"سوريا مهد الأديان ووطن العيش المشترك، ومن الطبيعي أن يعقد مثل هذا المؤتمر في دمشق للتأكيد على قيم المسيحية وقيم كل الأديان في الحق والعدل لأن الحق والعدل هما أساس إرساء السلام".
وأضاف سوسان: "إن نهج الغطرسة ونزعات الهيمنة لن تؤدي إلا إلى الحروب وإلى الاعتداء على حقوق الآخرين، وإذا أردنا أن نعمل من اجل السلام فعلينا التمسك بهذه القيم الرفيعة ومن دون ذلك أعتقد أن عالمنا سيعيش المزيد والمزيد من الاضطرابات".
