هل يظل السودان في قائمة الإرهاب ما لم يطبع مع إسرائيل؟

منذ نجاح الثورة في السودان ودخول البلاد في المرحلة الانتقالية لم ينقطع الحديث عن رفع العقوبات الاقتصادية، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبعد أكثر من عام على تشكيل الحكومة والمستجدات في المنطقة.. هل تربط واشنطن بين قائمة الإرهاب وتطبيع الخرطوم مع إسرائيل؟
Sputnik

عقبات في الطريق

قال الخبير الاستراتيجي السوداني الفريق جلال تاور، "الملاحظ الآن أن الإدارة الأمريكية بقيادة الجمهوريين ودونالد ترامب تسعى وتتخذ الكثير من البنود، كما أعلنت لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن في الآونة الأخيرة ظهرت عوارض يمكن أن تؤثر في هذا التوجه، منها: مطالبات أسر ضحايا السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا، بالإضافة إلى أسر المدمرة كول ومطالبتهم بتعويض أسر ضحايا 11سبتمبر/أيلول، وهذه مسالة تكاد تكون جديدة على الملف".

هل يقبل السودانيون بالتطبيع مع إسرائيل؟

وأضاف لـ"سبوتنيك"، "نلاحظ أن هذا الأمر يقوده اثنان من قيادات الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي، وهذا الأمر قد يكون في إطار المنافسة بين الحزبين الأمريكيين الديمقراطي والجمهوري، خصوصا أن الانتخابات على الأبواب، وهذا يعتبر مؤثرا على مساعي رفع اسم السودان من القائمة السوداء".

ضغوط من أجل التطبيع

وفيما يتعلق بمسألة التطبيع مع إسرائيل وعلاقتها برفع اسم السودان من القائمة السوداء قال تاور، إن "الولايات المتحدة سعت إلى حث السودان على الدخول في هذا الإطار، وهناك إعلان منسوب إلى الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأن هناك دولتين مرشحتين للتطبيع مع إسرائيل هما السودان وسلطنة عمان، وهذا نشر في الوثائق خلال الأيام القليلة الماضية".

وأضاف،

"نلاحظ أن هناك جزءا  كبيرا بذل في هذا الاتجاه، تمثل في مقابلة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مع نتنياهو في أوغندا، وأيضا زيارة وزير الخارجية الأمريكية بومبيو إلى الخرطوم في رحلة مباشرة من تل أبيب إلى الخرطوم، كما أن الرئيس التشادي عبر الأجواء السودانية من بلاده إلى إسرائيل رأسا، وهذه الأمور تشير إلى أن هناك ضغوط في هذا الاتجاه على الحكومة الحالية التي تعاني الكثير من الإشكاليات، لكي تطبع علاقاتها مع إسرائيل مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن تظل هناك عقبة ليست في يد الحكومة الحالية".

زيارة بومبيو

وأكد الخبير الاستراتيجي، أن "السودان استوفى كل الاشتراطات لرفع اسمه من تلك القائمة، وحتى في زمن الرئيس عمر البشير نفذ كل ما طلب منه، ويبدو أن وزير الخارجية الأمريكي عندما زار الخرطوم مؤخرا تقدم بطلب إلى الحكومة الحالية من أجل التطبيع"، لكن كان رد الحكومة عليه بأنه (ليس من حقها الإقدام على خطوة بهذا الحجم)، لكن يبدو أن الضغوط سوف تستمر وزيارة بومبيو للخرطوم أحد تلك الضغوط الأمريكية لكي تتخذ الخرطوم خطوة في هذا الاتجاه".

وحول رد فعل الشارع السوداني على تلك العملية قال تاور، إن "الداخل السوداني مشغول بعدد من الكوارث التي دخلت عليه هذا العام بدءا بكورونا ثم الانفلات الأمني وغلاء الأسعار بجانب كوارث الفيضانات والسيول، ولكن الكثير من الأحزاب التي تمارس السياسية نيابة عن الشعب أصدرت بيانات عبرت فيها عن رأيها وأن الوقت الآن غير مناسب، علاوة على أن الحكومة الحالية بشقيها المدني والعسكري ليست مخولة للإقدام على هذه الخطوة نيابة عن الشعب، لأن مهامها محددة في الوثيقة الدستورية وليس من شأنها اتخاذ قرارات بهذه الخطورة".

رد صريح

من جانبه، قال المحلل السياسي السوداني خضر عطا المنان، إن

"مسالة التطبيع ليست من اختصاص المرحلة الانتقالية، وكان رد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على وزير الخارجية الأمريكي بومبيو كان واضح جدا".

وأضاف لـ"سبوتنيك"، أنه "كان ضمن الأجندة الأساسية في رحلة بومبيو إلى السودان هو الضغط على الحكومة الانتقالية من أجل التطبيع مع إسرائيل، حيث طلب من حمدوك أثناء الاجتماع معه في الخرطوم أن يتصل بنتنياهو في تل أبيب، فرفض حمدوك هذا الطلب لأنه رئيس الحكومة جاءت بعد ثورة شهد لها التاريخ".

أولويات واشنطن

وتابع المنان، أن "مسالة التطبيع مع إسرائيل سوف تظل من أولويات الإدارة الأمريكية في علاقتها مع السودان، لكن تلك المسالة مستعصية جدا في هذا الظرف، على الأقل في المرحلة الانتقالية، والشىء الآخر أن الشعب السوداني منقسم على ذاته فيما يتعلق بالتطبيع، حيث يرى البعض أنه لابد أن نقوم بعمل علاقات مع كل الدول بندية واحترام ومصالح متبادلة، حيث إنه في العلاقات الدولية ليست هناك خصومات دائمة بل تظل المصالح دائما هى الباقية".

واشنطن تدرس رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب مقابل التطبيع مع إسرائيل

اختبار صعب

وأكد المحلل السياسي، أن "السودان الآن أمام اختبار صعب جدا عن طريق الضغوط الأمريكية من أجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن تظل الإرادة الشعبية الضاغطة على السلطة الانتقالية ترفض ذلك، هذا بجانب أن السلطة الانتقالية ليس من اختصاصها عملية التطبيع، لأن لها مهام محددة وهي تهيئة المناخ لدولة القانون والمواطنة فيما بعد المرحلة الانتقالية، تلك الدولة الجديدة سيكون من اختصاصها النظر في مثل تلك الأمور".

تصريحات ترامب

كشفت مصادر في الإدارة الأمريكية عن ثلاث دول عربية تنتظرها واشنطن، لعقد اتفاقات تطبيع جديدة مع إسرائيل، بعد إعلان اتفاق السلام بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.

ونقلت شبكة "CNN" الأمريكية، عن المصادر، قولها إن "الدول الجديدة هي كل من سلطنة عُمان والسودان بالإضافة إلى المغرب".

وتأتي هذه التصريحات بعد أن وقعت إسرائيل اتفاقيتين لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين، اليوم الثلاثاء، في الولايات المتحدة الأمريكية وبحضور الرئيس دونالد ترامب، والذي أكد أن الاتفاق يسمح لإسرائيل بتأسيس سفارات وتبادل السفراء مع الدولتين الخليجيتين.

واعتبر وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد خلال كلمته أثناء مراسم احتفال التوقيع بالبيت الأبيض، أن الاتفاق مع إسرائيل سوف يجعل بلاده أكثر قدرة على مساعدة الشعب الفلسطيني، معتبرا أن الاتفاق سوف يغير وجه الشرق الأوسط.

ومن جانبه، أكد وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، خلال كلمته، أن السبيل إلى تحقيق السلام في المنطقة سيكون بتفعيل حل الدولتين، مشيدا في الوقت نفسه بالاتفاق مع إسرائيل على تطبيع العلاقات.

تعليق السيادة السوداني على مسألة التطبيع

أكد الصديق تاور، عضو مجلس السيادة السوداني، أن "مسألة التطبيع مع إسرائيل لم تناقش ولم تطرح نهائيا على أي من مستويات الحكم في البلاد، وتصرف متحدث الخارجية السابق يستوجب المساءلة والمحاكمة".

بعد تصريحات نتنياهو... حكومة السودان الجديدة تعلن موقفها من التطبيع مع إسرائيل

وقال الصديق تاور، إن "تصريحات المتحدث باسم الخارجية السودانية هي تصرف شخصي من موظف، ربما لم يقدر تبعات ما قاله حول موضوع ليس بالهين، وهو أيضا موضوع خلافي على الساحة السودانية".

وأضاف عضو مجلس السيادة في تصريح سابق لـ"سبوتنيك"، "وبحسب ما صرح به المتحدث باسم الخارجية بأنه عبر عن وجهة نظره الشخصية، لكنه خلط بين الصفة الرسمية والرأي الشخصي، لأنه في مثل هذه الحالات تكون كل كلمة محسوبة".

وأكد تاور، أن "متحدث الخارجية اقترف خطأ كبيرا جدا من المفترض أن يعرضه للمساءلة والمحاكمة، لأن هذا سلوك غير مسؤول من موظف دولة في موضوع على درجة كبيرة جدا من الخطورة على الساحة السودانية والرأي العام السوداني، وبالتالي هو يتحمل نتيجة هذا التصرف غير المسؤول، الذي لا يعبر عن وجهة النظر الرسمية بأي حال من الأحوال.

وحول ما إذا كان تصرف متحدث الخارجية جاء لتنفيذ رؤى خارجية، قال عضو مجلس السيادة،

"بحسب ما صرح به المتحدث بأن تصريحه يعبر عن وجهة نظره الشخصية، لكنه ربما يكون قد تأثر بالمناخ العام في المنطقة من توجه بعض الحكومات للتطبيع مع "الكيان الصهيوني"، وغالبا وقع المتحدث تحت تأثير تلك المتغيرات التي تحدث الآن".

وأشار تاور إلى، أنه "عندما جرى لقاء بين "البرهان – نتنياهو" قبل عدة أشهر، أقر البرهان بأن هذا اللقاء كان تصرف شخصي من جانبه، وليس تصرف مؤسسي ولذلك لم تحدث أي خطوات إلى الأمام في هذا الموضوع".

بعد إقالته.. متحدث خارجية السودان يدافع عن التطبيع ويريد زيارة إسرائيل

وأوضح عضو السيادة، أن "مسالة التطبيع ليست قرارا فرديا أو شخصيا وإنما هو قرار دولة تناقشه المؤسسات، وبالتالي ما صرح به متحدث الخارجية لم يعرض على أي من المؤسسات ولم يناقش نهائيا ولم يتم التطرق إليه، ولم يتم إثارة الموضوع على أي مستوى من مستويات الحكم في السودان".

كان المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السودانية، حيدر بدوي صادق، أثار جدلا واسعا في السودان بعد تصريحات لشبكة "سكاي نيوز عربية"، الثلاثاء 18 أغسطس/آب الماضي، قال فيها إن "بلاده تتطلع لإبرام معاهدة سلام مع إسرائيل تكون قائمة على مصلحة السودان، لكن من دون التضحية بالقيم والثوابت".

ونفت وزارة الخارجية السودانية، في وقت لاحق، تصريحات متحدثها الرسمي، حيدر بدوي صادق، عن سعي السودان لإقامة علاقات مع إسرائيل.

وأعلنت الخارجية السودانية، الأربعاء 19 أغسطس/آب، إعفاء صادق من منصبه وتكليفه بالعمل في دائرة أخرى.

ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.

مناقشة