بعد إطلاقها رسميا... هل تنجح موريتانيا في القضاء على التمييز الاجتماعي والثقافي؟

في خطوة لاقت ترحيبًا شعبيًا وسياسيًا كبيرًا، أعلنت الحكومة الموريتانية، أمس الأربعاء، أنها تعمل على خطة عمل من أجل القضاء على كل أشكال التمييز الاجتماعي والثقافي وتغيير الآليات الفكرية التي تؤسس النظام الاجتماعي البائد.
Sputnik
وأصدرت الحكومة الموريتانية في اجتماعها، أول أمس الثلاثاء، بيانًا أشارت فيه إلى وضع خطة عمل لتفعيل خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال الوطني ومهرجان وادان لتعزيز اللحمة الاجتماعية والمواطنة.
وأوضح البيان أنها خطة تضع الإنصاف في فرص الحركية الاجتماعية وتساوي الفرص والجدارة في صميم العمل الحكومي، وفقا لوسائل إعلام محلية موريتانية.
وقبل 3 أشهر، وخلال خطابه بمناسبة افتتاح مهرجان مدائن التراث في مدينة وادان التاريخية، طالب الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، مواجهة ما أطلق عليه "النفس القبلي المتصاعد"، في البلاد والذي اعتبره منافيًا لمنطق الدولة الحديثة.
مالي وموريتانيا تقرران تنظيم دوريات مشتركة على حدودهما
وأكد الغزواني على الأوضاع الاجتماعية في البلاد وركز حديثه على الظلم الذي تعرضت له بعض الفئات الاجتماعية في إشارة إلى الصناع التقليديين، وفقا لصحراء ميديا.
وقال إن هذه الفئات الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في صمود المدن القديمة، لكنها تعرضت للظلم ولنظرة سلبية، مضيفًا: "في ميزان القياس السليم ينبغي أن تكون على رأس الهرم الاجتماعي، فهي في طليعة بنات الحضارة والعمران، وهي عماد المدنية والابتكار والإنتاج".

وقف التمييز

أشاد الدكتور يحيى أحمد الوقف، عضو مجلس النواب الموريتاني، والوزير السابق، بالخطة التي أعلنت عنها الحكومة وجاءت في خطاب الرئيس من أجل إنهاء كل أشكال التمييز الاجتماعي والثقافي، وتغيير الآليات الفكرية التي تؤسس لنظام اجتماعي مستبد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، جاء بيان الحكومة ليعبر عن تطلعات الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، مؤكدًا أن الخطة تمت دراستها بدقة من قبل الحكومة قبل الإعلان عنها للمواطنين، وكذلك تم تحديد الآليات والأطر التي سيتم من خلالها تنفيذ الخطة وتطبيقها.
ويرى النائب الموريتاني، أن الدولة بقيادة الغزواني، ومن خلفها الحكومة تمضي قدمًا في اتجاه محاولة القضاء على الفوارق الاجتماعية، وإنهاء كل أشكال التمييز، مؤكدًا أن الخطة سيكتب لها النجاح، حال تضافرت كل الجهود لتنفيذها وتطبيقها.

مساع حكومية

بدوره اتفق الدكتور أباب ولد بنيوك، عضو مجلس النواب الموريتاني مع النائب الوقف، في أن الخطة التي أعلنت عنها الحكومة للقضاء على التمييز في موريتانيا، تأتي ترجمة لخطاب الرئيس ولد الغزواني الذي أعلنه في مدينة وادان.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أعرب الرئيس الموريتاني عن رفضه لكل أشكال الغبن والتهميش والتمييز التي تمارس، وكذلك رفضه للرتابة الاجتماعية، والفكر الذي يؤسس للظلم.
وأكد ولد بنيوك أن الدولة من خلال الخطة التي أعلنتها الحكومة تسعى إلى وقف كل أشكال التمييز ومنع تكريسها في ثقافة الموريتانيين، ولن تسمح بأن يترتب عليها أي حق أو مكانة.
وفي وقت سابق، أعلنت موريتانيا تحقيق تقدم نوعي في محاربة ظاهرة العبودية والاسترقاق، ومخلفاتها التي لا تزال قائمة بشكل أقل.
وقال مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني في موريتانيا، أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، إن بلاده حققت نقلة نوعية في مجال محاربة الاستغلال والعبودية.
وأضاف أن الإجراءات التي اتخذتها موريتانيا في هذا المجال والتي عززت المنظومة القانونية والمؤسسية المتعلقة بمحاربة هذه الظاهرة، شملت المصادقة على أهم الاتفاقيات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، وإقرار القانون المجرم للعبودية والمعاقب على الممارسات الاسترقاقية، وإنشاء محاكم متخصصة لمحاربة الممارسات الاسترقاقية واعتماد المساعدة القضائية.
وأكد مفوض حقوق الإنسان في موريتانيا، أن قطاعه بلور خطة عمل وطنية للقضاء على الاتجار بالبشر، تأخذ بعين الاعتبار جميع أشكاله بما في ذلك العمل القسري، لافتا إلى أن العمل يجري حاليا على في إطار هذه الخطة على إعداد دراسة سوسيولوجية متخصصة حول ظاهرة العمل المبكر والقسري تسعى إلى تشخيص أسبابه ومظاهره واقتراح الحلول المناسبة للقضاء عليه.
في هذا السياق، اعتبرت سهام حمادي، الباحثة والناشطة الموريتانية، أن الدولة تبذل جهود كبيرة من أجل القضاء على ظاهرة العبودية المنتشرة في موريتانيا، وذلك من خلال خلق مشاريع لدعم الفئات الهشة والمنحدرين من آباء عانوا من العبودية.
المغرب وموريتانيا يوقعان 13 اتفاقية لتعزيز العلاقات
وبحسب حديثها السابق لـ "سبوتنيك"، رغم الجهود الحكومية والتشريعية المتمثلة في قوانين البرلمان، لا تزال هناك بعض الآثار من ظاهرة العبودية في موريتانيا.
وأشارت إلى أن المنظمات الفاعلة في هذا المجال، تسجل من وقت لآخر بعض الحالات التي تعاني من عبودية، وذلك رغم وجود محاكم خاصة بالعبودية، وقانون يجرمها.
وألغت موريتانيا الرق بمرسوم رئاسي عام 1981، وقام "عرب البيظان" (ذوو البشرة البيضاء) بتحرير عبيدهم "الحراطين" (اختصار لكلمتي الحر الطارئ).
مناقشة