الإعلان عن نية "أنصار الله" رفض تمديد الهدنة في اليمن... مناورة أم ضغط لتحقيق مزيد من المكاسب

كشفت جماعة "أنصار الله" اليمنية ضمنيا خلال الأيام الماضية عن رفضها تمديد الهدنة للمرة الثالثة، نظرا لعدم جدواها وأنه لا توجد نوايا حقيقية لدى التحالف وواشنطن لإنهاء الحرب.
Sputnik
وقالت الجماعة اليمنية، إن "الهدنة لا تعدو كونها مرحلة تجهيز لهجوم كبير عندما تواتي الظروف إقليميا ودوليا"، فهل تعلن صنعاء صراحة رفضها تمديد الهدنة في اليمن وتستأنف القتال؟
"أنصار الله" يؤكدون رفضهم أي مخرجات تصدر عن زيارة بايدن للمنطقة بخصوص تمديد الهدنة في اليمن
تعليقا على السيناريو القادم يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، العميد عزيز راشد، إن الهدنة هى فرصة للسلام، لكن الطرف الآخر لا يزال يحكم الحصار ويتحكم في السفن النفطية، رغم أن شروط الهدنة نصت على فتح الموانئ والمطارات وتسليم المرتبات وفتح الطرقات بشكل متساوي، وقد قمنا بتنفيذ غالبية البنود من جانبنا في صنعاء، لكن على ما يبدو أن هناك نية دولية وإقليمية لاستمرار الحصار، وبشكل خاص من الجانب الصهيوني، وقد رأينا عملية التطبيع بشكل علني أثناء موسم الحج، وهي أشياء غريبة على الوطن العربي.
كسب الوقت
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، العديد من الشواهد تؤكد أن هناك تحضيرا من الطرف الآخر (التحالف) للقيام بعمل عدائي في المستقبل، وأن تلك الهدنة لا تمثل بالنسبة لدول العدوان سوى فرصة لكسب الوقت، أما من جانبنا فلا نرفض الهدنة ونقدم المقترحات والمبادرات العملية، لكن الطرف الآخر لا يزال يفرض الحصار ويراوغ في تنفيذ شروط الهدنة المتفق عليها، الأمر الذي أدى إلى تردي كبير في الأوضاع الاقتصادية، ومع هذا نبحث في كل الحلول لاستمرار وقف إطلاق النار والوصول إلى سلام شامل، وما لم تتحقق الشروط وعلى رأسها رفع الحصار وفتح الطرق والمطارات فإن هذه الهدنة ستكون غير منصفة وغير واقعية، لذا سوف نستخدم كل ما في وسعنا للتنفيس عن هذا الشعب ورفع المعاناة عنه.
الضغوط على بايدن
وحول ما إذا كانت هناك نوايا حقيقية لوقف الحرب وإحلال السلام من جانب التحالف يقول الخبير العسكري: الأمر لا يتعدى البحث من جانب دول العدوان عن المزيد من كسب الوقت والمداهنة والمهادنة، ولا ننسى أن الصهاينة بارعون في اختراع الهدن مع القوات العربية في الأربعينيات والستينيات، وهنا أيضا نجد أن الرئيس الأمريكي بايدن لديه برنامج انتخابي يريد أن يطبقه لإنهاء الصراع العسكري في اليمن مع إبقاء الحصار وأدواته العسكرية في المنطقة، لكن هناك قيود على بايدن من جانب الصهاينة ومصالحه الاقتصادية في المنطقة، علاوة على اللوبيات التي تفرض رؤيتها على الإدارة الأمريكية، وفي كل الأحوال نحن نرحب بكل المبادرات من أجل إسكات المدفعية والنيران التي لا تخدم المنطقة بالأساس، لكن عندما يتم تشديد الحصار في فترة الهدنة أكثر من الوقت السابق ولا يتم تسليم المرتبات واستمرار غلق الموانئ، هناك لا تكون هناك أي فائدة من استمرار الهدنة.
قمة جدة
من جانبه يقول المحلل السياسي اليمني، أكرم الحاج، في اعتقادي أن القمة التي عقدت في مدينة جدة السعودية مؤخرا في وجود الرئيس الأمريكي جو بايدن، خرجت بأشياء مغايرة للأجندة المتفق عليها بشأن الهدنة والتي كان من ضمنها أن بايدن قادم إلى تلك القمة للضغط على بقية الأطراف من أجل إيقاف الحرب، لكن الحرب لم تتوقف، ما يعني أن القمة فشلت فشلا ذريعا، وكل ما جاءت به هو دعوة الأطراف اليمنية لتجديد الهدنة، وبكل أسف حتى الآن لا تزال الهدنة ضبابية حتى لو تم تمديدها للمرة الثالثة، فلم ترتكز تلك الهدنة على قواعد قوية تؤهلها للاستمرار والدليل على ذلك هو اشتعال الجبهات في الآونة الأخيرة، كما أن عدد الرحلات من مطار صنعاء والمنصوص عليها في شروط الهدنة لم تكتمل.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن أنصار الله ترى أن موضوع الهدنة هى نوع من المناورة والمراوغة التي تمارس من قبل الرياض وأبو ظبي وواشنطن ضد الشعب اليمني.
إعادة انتشار
وتابع الحاج، كما تنظر صنعاء إلى الهدنة على أنها إعادة تموضع وتمارس عسكري للطرف، وهى القوات الموالية لشرعية المجلس الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، كما أنهم ينظرون إلى الهدنة كمرحلة تهدئة لترتيب الأوضاع نتيجة الوضع الدولي الحالي في ظل الوضع الدولي بين روسيا وأوكرانيا "العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية إقليم دونباس"، والمخاوف الأمريكية من التفوق الروسي في تلك الحرب وأزمة المشتقات النفطية والغذاء، ما دفع واشنطن والرياض للبحث عن الهدنة في ظل المخاوف من استهداف أنصار الله للمناطق النفطية في السعودية كما حدث في السابق.
الإمدادات النفطية
وحول ما إذا كانت هناك نوايا حقيقية للسلام من جانب التحالف يقول المحلل السياسي، الأمر واضح بشأن الهدنة، حيث بات واضحا بشكل كبير أن الهدف هو تهدئة "أنصار الله" ومنعهم من استهداف المناطق النفطية في السعودية، الأمر الذي يعني مزيدا من الأزمات الدولية خصوصا أن آبار ومصافي النفط السعودية في متناول أنصار الله، مشيرا إلى أن الهدنة لم تنجح في مرحلتها الأولى والثانية ولن تنجح في مرحلتها الثالثة أو الرابعة.
الحوثي: تم التعامل مع بايدن على أنه هو الذي يقود البشرية وهو أعلن بصراحة انتماءه للصهيونية
وأعلنت جماعة "أنصار الله" اليمنية، السبت الماضي، رفضها تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال زيارته إلى السعودية، بشأن تمديد هدنة الأمم المتحدة السارية في اليمن حتى مطلع أغسطس المقبل.
وقال المجلس السياسي الأعلى المشكل من "أنصار الله" في صنعاء، في بيان نقلته عنه وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" في نسختها التي تديرها الجماعة، إنه "يعبر عن رفضه لأي مخرجات تصدر عن زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للمنطقة، تمس بسيادة وأمن واستقرار اليمن، ويستهجن الحديث عن تفاهمات حول تمديد الهدنة".
وأضاف: "الهدنة التي لم يلتزم طرف العدوان [في إشارة إلى التحالف العربي] بتنفيذ بنودها، مثلت تجربة صادمة ومخيبة للآمال ولا يمكن تكرارها في المستقبل".
وأبدى المجلس السياسي الأعلى "الاستعداد الدائم لتعزيز أي جهود تتسم بالمصداقية وتقود على نحو مضمون إلى معالجات حقيقية وعملية في الجانبين الإنساني والاقتصادي"، معتبرا أن "التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي لليمن تمثل الإعاقة الكبرى للسلام في اليمن".
ورأى المجلس، أن "السلام في اليمن يتطلب إرادة واضحة وجادة واستعداداً عملياً من دول العدوان لاحترام سيادة واستقلال اليمن، والانخراط بشكل عملي في وقف العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال [يقصد قوات التحالف]، إلى جانب معالجة آثار وتداعيات الحرب وفي مقدمة ذلك الإفراج عن الأسرى وإعادة الإعمار والتعويض وجبر الإضرار".
وأشار إلى "تقديمه الكثير من المبادرات والتنازلات بغية التخفيف من المعاناة وتشجيع تحالف العدوان على الانخراط في السلام ولكن بدون جدوى".
واتهم المجلس، التحالف بـ "التمسك بالحصار وإعاقة تدفق السفن إلى ميناء الحديدة"، منتقدا قرار السعودية بفتح أجوائها أمام كافة شركات الطيران بما فيها الإسرائيلية، بالقول: "في الوقت الذي يقومون بفتح أجواءهم للعدو الإسرائيلي- ما زالوا يصرون من دون أي مبرر وبطريقة تعسفية مبالغ فيها - على إغلاق أجواءنا ومطاراتنا اليمنية في جريمة حرب واضحة ومعلنة وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي المتواطئ والمتنكر لكل القيم الإنسانية ولجميع القوانين والمواثيق والمعاهدات".
وزير الخارجية اليمني يطالب أمريكا بالعمل على إنهاء حصار مدينة تعز من قبل "أنصار الله"
وشكك المجلس في جدية التصريحات الأمريكية والسعودية بشأن السلام في اليمن، بقوله: "كل هذه مؤشرات تنعدم معها أي مصداقية في أي حديث أمريكي أو سعودي عن موضوع السلام، وتؤكد بأن أمريكا ليست في صدد تعديل سلوكها تجاه اليمن والمنطقة".
وأدان المجلس السياسي الأعلى، "محاولات التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي، واعتبرها خيانة جسيمة للأمة وللقضية الفلسطينية العادلة"، على حد تعبيره.
وكان بايدن أعلن في مؤتمر صحفي عقده في مدينة جدة السعودية، بعد لقاءات عقدها مع قيادة المملكة العربية السعودية، "موافقة السلطات السعودية على تمديد الهدنة في اليمن، وتعميق وتمديد وقف إطلاق النار".
وفي الثاني من يونيو/حزيران الماضي، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غرونبرغ، موافقة الأطراف في اليمن، على مقترح أممي بتمديد الهدنة السارية في البلد العربي منذ الثاني من أبريل/نيسان الماضي، لمدة شهرين إضافيين تنتهي مطلع أغسطس/آب القادم.
وتتضمن الهدنة في بنودها إيقاف العمليات العسكرية الهجومية برا وبحرا وجوا داخل اليمن وعبر حدوده، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن.
كما تتضمن الهدنة تيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة غرب اليمن، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء الدولي أسبوعياً.
ويشهد اليمن منذ أكثر من 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دولياً مدعوماً بتحالف عسكري عربي، تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40 % منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي
مناقشة