جفاف وتضخم وركود... خسائر فادحة تطال اقتصاد الاتحاد الأوروبي

تشهد دول الاتحاد الأوروبي موجة تضخم غير مسبوقة، إثر السياسة الاقتصادية التي اتخذتها لمواجهة أزمة كورونا، وفاقمتها الأزمة العالمية المتصلة بأوكرانيا وتايوان وفرض العقوبات.
Sputnik
واصل التضخم ارتفاعاته لمستويات قياسية جديدة في أوروبا بلغت 9.1 %، مما يدفع المركزي الأوروبي لرفع الفائدة مرة أخرى، بحسب خبراء اقتصاد.
وقفزت أسعار المستهلكين في أغسطس/ آب بصورة أكبر من التوقعات متأثرة بارتفاع أسعار الغاز، إضافة للجفاف الذي تعيشه بعض الدول هناك.
ووصل التضخم في 19 دولة تشترك في العملة الأوروبية الموحدة إلى 9.1% في أغسطس/ آب من 8.9% في يوليو/ تموز.
من ناحيته، قال المحلل الاقتصادي المغربي رشيد ساري، إن ما تعيشه أوروبا اليوم، خاصة الاتحاد الأوروبي يعتبر سابقة في التضخم الذي تعيشه، والذي تخطى اليوم بالنسبة للاتحاد 9% مع تفاوت بين الدول.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن فرنسا أقل تضررا، إذ وصلت نسبة التضخم 7% وكذلك ألمانيا بحدة أكثر من فرنسا. ولفت إلى أن الوضع يتفاقم بدرجة كبيرة في فصل الشتاء، في ظل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي بنسبة 40%، وأن التضخم على المستويين الصناعي والغذائي سيعرف نسبا غير مسبوقة.
التضخم يسجل رقما قياسيا في أوروبا مع قيام "صقور المركزي" برفع الفائدة "كالجامبو"
فيما قال الخبير الاقتصادي الجزائري أحمد الحيدوسي، إن الاقتصاد الأوروبي بأسوأ مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية، وأن أوروبا لم تشهد معدل تضخم بلغ 9.8 % مع ركود اقتصادي.
ولفت إلى أن التضخم يعود بالأساس إلى سياسات التيسير الكمي التي أقرتها الحكومات لمجابهة جائحة كورونا، حيث ضخت مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد، مقابل معروض سلعي محدود بسبب سياسات الحجر الصحي مما دفع بأسعار كل المواد للارتفاع ومنها السلع الطاقية.
ويرى أن تخصيص الحكومات الأوروبية لحزم جديدة لدعم أسعار الطاقة كالكهرباء والغاز، وضخ مبالغ أخرى في الاقتصاد يؤدي إلى مزيد من التأزم، كما أن هذه السياسة تعارض الفلسفة الليبرالية التي تقوم عليها بلدان الاتحاد.
وشدد على أن الاقتصاديات الأوروبية مهددة بدرجة كبيرة، خاصة أنها قائمة على النموذج التصديري الذي يفقد حصة كبيرة في الأسواق العالمية نتيجة ارتفاع الأسعار. وتشير الأرقام إلى أن خسائر الاقتصاد الألماني يمكن أن تقارب 200 مليار دولار.
ما يقلق ألمانيا بشكل أكبر بحسب الخبير يتمثل في فقدان الحصص السوقية في المستقبل لصالح دول أخرى، وصعوبة استردادها مستقبلا.
ويشير إلى أن التصدع بدأ يضرب الاتحاد الأوروبي، وتتضح بعض ملامحه في رفض فرنسا لمرور أنبوب الغاز عبر أراضيها من إسبانيا بزعم حماية البيئة. موضحا أن فرنسا تسعى لإزاحة ألمانيا من أقوى اقتصاد بالاتحاد الأوروبي لصالحها.
تقرير: أوروبا تنحدر نحو الركود والجميع يترقب تحركات البنك المركزي
فيما قال الخبير الاقتصادي المصري محمد أنيس، إن الركود الذي تشهده أوروبا تحقق في الربع الثاني والثالث نتيجة الانكماش في منطقة اليورو وأمريكا، وأن الركود مستوياته طفيفة حتى الآن.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التضخم في أقصى نسبه الآن، وأن أوروبا تسعى لمعالجة التضخم على حساب الركود.
ويرى أن البنوك الأوروبية والأمريكية تلجأ لرفع أسعار الفائدة من أجل التحكم في التضخم. لافتا إلى أن معدلات التضخم قد تنخفض خلال الفترة المقبلة.
فيما قال الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، إن زيادة القلق في تايوان واستمرار العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، يؤثر بدرجة كبيرة على عملية التضخم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن جميع الدول تتضرر بنسب متفاوتة، فيما تحل ألمانيا على قمة الهرم بالنسبة للأضرار، تليها فرنسا.
ويرى أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن سلاسل الإمداد تتأثر بدرجة كبيرة، في المقابل تستفيد دول الخليج من ارتفاع أسعار الطاقة.
وفي وقت سابق دعا بعض المعنيين، مثل رئيس البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، علنا، البنك المركزي الأوروبي إلى مناقشة تسريع وتيرة زيادة أسعار الفائدة من نصف نقطة مئوية في يوليو إلى زيادة قدرها ثلاثة أرباع نقاط في اجتماع الأسبوع المقبل.
وفي أغسطس، ارتفعت أسعار الطاقة الألمانية بنسبة 35.6% وأسعار المواد الغذائية بنسبة 16.6%، وارتفع التضخم الأساسي، باستثناء الغذاء والطاقة، بنسبة 3.1% من 2.8% في يوليو.
مناقشة