غضب شعبي شرقي سوريا رفضا لقيام المسلحين الموالين لواشنطن بإغلاق المدارس الخاصة

علّقت المعاهد والمدارس الخاصة في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، شرقي سوريا، دوامها لمدة أسبوعٍ، بعد قرار مسلحي قوات "قسد" الموالية للجيش الأمريكي، بمنع تدريس مناهج وزارة التربية الوطنية في هذه المعاهد المرخصة أصولاً، لتضاف إلى المدارس الحكومية المغلقة والمسيطر عليها في مناطق هيمنة تلك القوات، بمنطقة الجزيرة السورية.
Sputnik
وقال مصدر مسؤول في قطاع التربية الحكومية في الحسكة لمراسل "سبوتنيك" شرقي سوريا، إن عدد المعاهد والمدارس الخاصة والمرخصة أصولاً يبلغ عددها ستة في مدينة القامشلي، منح لها الترخيص لتخفيف الضغط على المدارس الحكومية في المدينة وريفها بعد سيطرة وإغلاق قوات "قسد" للعشرات من المدارس الحكومية في جميع المراحل التعليمية.
وتابع المصدر المسؤول إن المعاهد والمدارس المذكورة اعلقوا الدوام فيها احتجاجاً منهم على تبليغهم بشكل رسمي من قبل ما يسمى "هيئة التربية" التابعة لقوات "قسد" بضرورة إغلاق المعاهد بوجه الطلاب والتلاميذ الذين يبلغ عددهم بالمئات.
وأكد المصدر أن المنهاج المفروض من قبل قوات "قسد" هي مناهج مؤدلجة وغير معترف بها لا محلياً ولا دوليا، من حق هذه المعاهد أن تدرس لذلك المناهج الحكومية بجانب اللغات الأجنبية، وأشار إلى أن عدد المعلمين في هذه المعاهد الخاصة يتجاوز الـ 400 معلم ومعلمة.

بدورها مصادر تعمل في قطاع التربية تابعة لقوات "قسد" قالت لـ"سبوتنيك"، إنهم أصدروا في السابق، تعميماً، يقضي بإغلاق المدارس والمعاهد الخاصة التي تدرس مناهج الحكومة السورية، إنّهم أعطوا هذه المعاهد والمدارس الخاصة تراخيص لتعليم اللغات فقط، لا من أجل تدريس مناهج الحكومة فيها.

وأضافت المصادر: "عُقد مؤخراً، اجتماع بين هيئة التربية ومدراء المراكز آنفة الذكر، وتم الاتفاق في الاجتماع على إعطاء اللغات فقط ضمن تلك المراكز، وفي حال المخالفة “يغلق المركز ويتعرض مالكه المساءلة القانونية والمخالفات المادية".

احتجاج شعبي

ومع استمرار ممارسات قوات "قسد" وبدعم من الجيش الأمريكي في إغلاق المدارس وتحويلها إلى سجون ومقرات عسكرية، واحتجاجاً منهم على إغلاق المدارس العامة والخاصة في محافظة الحسكة قام وفد عشائري بزيارة إلى مطار القامشلي الذي يضم قاعدة للقوات الروسية الصديقة.

وقالت مصادر محلية بمحافظة الحسكة لوكالة "سبوتنيك" أن الوفد العشائري الذي قام، اليوم الاثنين 19 سبتمبر/أيلول، بزيارة للقاعدة العسكرية الروسية، ضم الشيخ عبد الرزاق الطائي أمير قبيلة (طيء) العرية والشيخ ضاري الفارس شيخ مشايخ قبيلة (طيء) مع عدد من رجال الدين منهم السيد لطيف الهلوش، ووجهاء المنطقة، وطلبوا المساعدة والتدخل لتحييد المدارس والعملية التعليمية.

كما طلبوا بالتنسيق مع الأصدقاء الروس مطالبين بلقاء الجنرال قائد القوات الروسية العاملة في المحافظة لنقل المعاناة وإنقاذ الجيل من الجهل ودفعه للتعلّم كون التعليم يخدم كل أبناء المجتمع، بحسب المصادر.
بدورها القيادة العامة لما يسمى "المجلس الوطني الكردي المعارض" أصدرت بياناً، اليوم الاثنين، جاء فيه: "تعود قضية التعليم مرة أخرى إلى واجهة ما يعانيه أبناء شعبنا إضافة لمعاناتهم على الصعد الأمنية والاقتصادية والمعيشية، إثر تبليغ سلطات "قسد" لإدارات المعاهد والمدارس التعليمية الخاصة في منطقة القامشلي بإغلاقها، وتعليلها بأنه "قرار سياسي" وذلك بعد أكثر من شهر على تسجيل تلك المعاهد للآلاف من التلاميذ والطلاب في سجلّاتها وتسديدهم للأقساط المترتبة عليهم، وبدء العام الدراسي الجديد فيها.

وتابع البيان "وقد لاقى هذا الإجراء الجائر الاعتباطي، استياءً عاماً من الناس وأثار حالة من القلق المشروع على مستقبل أبنائهم بحرمانهم من متابعة تحصيلهم العلمي، المعترف به، والذي يؤهّلهم الالتحاق بالتعليم الجامعي، ويساهم في توفير الاستقرار المجتمعي رغم ما يتحمله ذوو الطلاب من أعباء التكاليف الباهظة في ظل الظروف المعيشية الصعبة".

رغم الاحتلال... مواطنو الحسكة السورية يشاركون في انتخابات المجالس المحلية
إن "المجلس الوطني الكردي" الذي طالب دوماً بتوفير سبل متابعة الطلاب لتحصيلهم العلمي بعيداً عن الاعتبارات الايديولوجية والحزبية، وجعلها في مقدمة القضايا التي عمل على إيجاد حلٍّ لها، يؤكد من جديد أن هذه القرارات الجائرة وغير المسؤولة، أدت إلى المزيد من الهجرة، وأفرغت المناطق شرقي سوريا من الكفاءات والكوادر المؤهّلة علمياً، وتحرم أبناء الشعب من حقّه في حرية التعليم، وتهدد الاستقرار بشكل مباشر، وتدفع الناس للمزيد من النزوح والهجرة، بحسب البيان.

إن "المجلس الوطني الكردي" إذ يندّد بهذا الإجراء الذي يحمل في طيّاته عدم احترام حرية خيارات الطلاب وذويهم في تعليم أبنائهم ودعم جهود تحصيلهم الجامعي وتسهيلها، ليكونوا بناةً فاعلين في مجتمعهم، وفي رسم مستقبل شعبهم، ويساهموا في تحقيق الحرية وتأمين الحقوق القومية المشروعة لشعبنا الكردي فهو يطالب في الوقت ذاته بإلغاء قرار إغلاق المدارس والمعاهد الخاصة، وإيقاف هذه الانتهاكات المُجحفة بحقّ المواطنين وأبنائهم، والتي تدفع أجيالاً كاملة نحو الجهل وترك الوطن.

وبالصدد كتب الأكاديمي الكردي الدكتور فريد سعدون، على حسابه الشخصي في "الفيسبوك" (أنشطة ‏شركة "ميتا" محظورة في روسيا باعتبارها أنشطة متطرفة) تدوينه طويلة ذكر فيها"التربية والتعليم، قضية كبرى ومصيرية وتحتاج لنقاش هادئ دون قرارات ارتجالية، وإذا كانت "الإدارة الذاتية" أي "قسد" تعتقد أنها بمحاصرة مدارس الدولة والمدارس الخاصة والمعاهد واغلاقها ستجبر الطلاب على الالتحاق بمدارسها فهذا وهم وأسلوب غير نافع وقد فشل هذا الأسلوب سابقا وتكراره الآن يعتبر غير عقلاني.
الخارجية السورية: قطع المياه عن الحسكة جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي
وتابع "هناك في القامشلي وحدها 12 مدرسة خاصة بترخيص مؤقت و25 مدرسة تقدمت للترخيص وثانويتان مرخصتان ما عدا المدارس والمعاهد غير المرخصة، يصل مجموعها الى أكثر من 40 مدرسة ومعهد تم إغلاقها هذا يعني أن عشرات الآلاف من الطلاب سيتم القضاء على مستقبلهم، وهذا يعني، ازدياد الهجرة، والبطالة والمشاكل الاجتماعية. ماذا لو أصرت الإدارة على قرارها وحدث رد فعل من عشرات آلاف الطلاب الذين فقدوا مستقبلهم وخرجوا إلى الشوارع مطالبين بحقهم بالتعليم؟. ماذا عن الديمقراطية والحرية الشخصية وحق المواطن بالتربية والتعليم؟)، بحسب سعدون.
يذكر أن إدارة قوات "قسد" الموالي للجيش الأمريكي فرضت المناهج المؤدلجة في مناطق سيطرتها شرقي سوريا منذ العام 2015م، وسط رفض شعبي وسياسي، وشهدت حينها المنطقة مظاهرات عديدة رافضة للمناهج المؤدلجة.

وأنشأت "قسد" خلال السنوات القليلة الماضية أربع جامعات في مناطق سيطرتها وهي "جامعة روج آفا" في مدينة القامشلي، وجامعة كوباني في عين العرب بريف حلب وجامعة عفرين قبل أن تقع تحت السيطرة الجيش التركي، وقبل عامين أحدثت جامعة الشرق في الرقة.

وكانت مديرة التربية الحكومية في الحسكة إلهام صورخان، أكدت خلال اجتماع مع وفد أممي أن قطاع التعليم والتربية تضرر بشكل كبير ومباشر من ممارسات تنظيم "قسد" والمحتل الأمريكي اللذان حولا 90% من الأبنية المدرسية بعد الاستيلاء عليها والبالغ عددها (2200 مبنى مدرسي) إلى مراكز لدفع وجمع الضرائب من المدنيين أو سجون وقواعد ومراكز عسكرية .
وتابعت صورخان في حين بقي 140 بناء مدرسي تحت سيطرة الدولة السورية يداوم فيها أكثر من 160 ألف طالب وتلميذ في مختلف المراحل التعليمية في حالة ازدحام شديد، وذلك يعتبر أكبر دليل على رفض سكان الجزيرة السورية للمنهاج المؤدلجة التي تحاول "قسد" فرضها عليهم والتي يدرسها عدد ضئيل جداً.
مناقشة