في ذكراها الثالثة... لماذا انسحب "ثوار تشرين" من الميادين العراقية بتلك السرعة؟

بعد انسحاب المتظاهرين من الساحات في بغداد أمس السبت في الذكرى الثالثة لاحتجاجات الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2019، ظهرت العديد من التحليلات التي تتحدث عن المرحلة القادمة ولماذا اختفت تلك الظاهرة بهذه السرعة.
Sputnik
لماذا انسحب الثوار العراقيون من الميادين في الذكرى الثالثة للثورة وهل يعني ذلك أن هذا التاريخ أصبح ذكرى ولن يغير من الواقع المؤلم الذي تعيشه البلاد؟
بداية يقول المحلل السياسي العراقي، عبد الملك الحسيني، ‏ثورة تشرين مستمرة ولن تتوقف لأنها انبثقت من معاناة حقيقية عاشها أبناء هذا البلد جراء تجربة مريرة استمرت لأكثر من 18 عاما من فشل السياسات المتبعة في إدارة الدولة من قبل الحكومات المتعاقبة، واتباع نظام المحاصصة والتقاسم واستشراء الفساد وهدر الموارد وتمزيق النسيج المجتمعي، وغيرها من التراكمات التي خيبت ‏آمال العراقيين الذين يحلمون ببلد مستقر وآمن ينعم شعبه بالحرية والكرامة ومقومات الحياة الكريمة.

تحديات كبرى

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، نستطيع القول إن ثورة تشرين تمثل الصوت الوطني الحقيقي والضمير الحي لكل عراقي يتمنى أن يعيش في بلد آمن ومستقر، ويتمتع بكامل حقوقه في الحرية والعيش الكريم تحت مظلة الدستور والقانون.
لماذا أعلن الحلبوسي استقالته من رئاسة النواب العراقي قبل أيام من الذكرى الثالثة لـ"ثورة تشرين"؟
وأشار المحلل السياسي إلى أن "ما نشاهده من تعثر في مسيرة هذه الثورة يعود لعدة أسباب، منها ما يتعلق بعدم بلورة هيكلية تتمثل بقيادة موحدة ترسم لها خطواتها المستقبلية وفق جدولة منظمة، والسبب الآخر هو حجم التحديات التي تواجهها من اغتيالات طالت عددا من الناشطين البارزين، وكذلك القمع الدموي الذي واجههم من قبل أجهزة الدولة، والذي راح ضحيته المئات من القتلى وآلاف الجرحى دون محاسبة القتلة، أو الكشف عن الجهات التي ارتكبت أعمال القمع هذه".

أجندة خاصة

وأوضح الحسيني أن "هناك تحد آخر يتعلق بمحاولة استغلال هذه الثورة من قبل أحزاب وتيارات نافذة في السلطة وتمتلك مليشيات تحاول جر تشرين بعيدا عن مسارها لصالح أجندتها الخاصة، مثل هذه الأسباب وغيرها ساهمت في إضعاف زخم هذه الثورة ولكن دون القضاء عليها.

وتابع الحسيني قائلا: "من وجهة نظري وعلى المدى الاستراتيجي البعيد، فإن ثورة تشرين مستمرة وسيكون لها وقع كبير في إحداث تغيير جذري في النظام السياسي".

انسحاب تكتيكي

من جانبه يقول عضو الميثاق الوطني العراقي، عبد القادر النايل، إن تظاهرات ثورة تشرين لن تنتهي بمجرد انسحاب تكتيكي بعد القمع الوحشي الذي تعرض له المتظاهرين السلميين في بغداد والمحافظات وبالمقابل التظاهرات المسلحة التي حدثت للإطار التنسيقي بعد إعلان نتائج الانتخابات، ومظاهرات التيار الصدري داخل البرلمان وما نتج عنها من قتلى وجرحى في المواجهات المسلحة، والتي لم تستخدم القوات الحكومية أو قضائها أي شيء تجاههم بينما استخدموا كل وسائل القمع ضد الشباب السلمي وهم يحيون الذكرى الثالثة التظاهرات.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، وبعد ثلاث سنوات لم تستطع آلة القمع الحكومية ومليشيات الأحزاب من إنهاء ثورة تشرين، ورأى العالم كيف خرج الشعب العراقي ومساندته لهم حتى يتم الحديث عن انتهاء تشرين بعد انسحابهم المؤقت من ساحة التحرير.
احتجاجات مليونية في بغداد ضد الحكومة الجديدة... صور
وأشار النايل إلى أن ثورة تشرين مشروع وطني عراقي يريد بناء نظام سياسي وطني ويستعيد العراق وهذا طموح كل العراقيين، لذلك لن ينتهي الحراك وسيتجدد وسيتخذ أشكال جديدة لاستعادة العراق.
وفي وقت سابق، أعلنت قيادة عمليات بغداد فتح جميع الطرق المغلقة في العاصمة باستثناء جسري السنك والجمهورية، بعد انسحاب المتظاهرين، .جاء هذا في تصريحات لقائد عمليات بغداد الفريق الركن أحمد سليم، بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وقال سليم إن معظم الطرق في بغداد فتحت ويجري العمل على فتح بقية الطرق من قبل هندسة الفرق، جاء ذلك بعدما أعلن مصدر أمني رفيع، انتهاء الاحتجاجات في العاصمة إثر انسحاب جميع المتظاهرين من ساحتي التحرير والنسور.
وذكر المصدر أن قوات الأمن باشرت عملية فتح الطرق، مشيرا إلى أن جسر الجمهورية سيبقى مغلقا أمام المارة لحين الانتهاء من إصلاحه بسبب تعرضه لأضرار كبيرة.
يذكر أن العاصمة بغداد شهدت أمس السبت تنظيم تظاهرات لإحياء الذكرى الثالثة لتظاهرة تشرين، وانطلقت، أمس السبت، وسط العاصمة العراقية بغداد، احتجاجات في الذكرى الثالثة لتظاهرات أكتوبر/تشرين الأول عام 2019.
مناقشة