تقرير يقول إن المستثمرين الدوليين يشعرون بالقلق حيال خطة مصر مع صندوق النقد

رغم احتفاء الأسواق للوهلة الأولى بالاستراتيجية المشتركة لمصر مع صندوق النقد الدولي بهدف التغلب على أزمة الديون وتوفير تدفقات نقد أجنبية، يشكك مديرو الأموال في تنفيذ الخطة.
Sputnik
في الشهر الماضي، أبرمت مصر اتفاقا مع الصندوق، وضمنت مليارات أخرى من التمويل الثنائي (يقدر إجمالي الحزمة بنحو 9 مليارات دولار)، وتبنت نظام عملة أكثر مرونة ورفعت أسعار الفائدة. استبقت الحكومة الإعلان بحزمة إجراءات داعمة للاقتصاد والمواطنين.
لكن بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، فسرعان ما تم تكذيب التوقعات بأن موجة الأخبار السارة هذه ستثير نشوة السوق، حيث بدأت السندات المصرية في التراجع وارتفعت تكلفة تأمين ديون البلاد ضد التخلف عن السداد.
وأضافت الوكالة أن استجابة حاملي السندات المشككة في أهمية الاتفاق، تعد "درسا للبلدان التي تعاني من نقاط ضعف مالية مماثلة"، مثل باكستان والأرجنتين وغانا.
مديرة صندوق النقد تشيد بإجراءات مصر لتحسين الإنفاق العام
وأرجعت ذلك إلى أن الوعود لم تعد مؤثرة ويطالب المستثمرون بدليل على أن الدول تتخذ الخطوات الصارمة اللازمة لسد فجوات التمويل وتقليل الديون.
إلى جانب ذلك، فإن أحدث الإشارات من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أمريكا، أدت إلى تقليل الشهية لمواضيع التحول الخطرة في أسواق العالم الناشئ.
من جانبه قال تود شوبرت، رئيس أبحاث الدخل الثابت في "بنك سنغافورة": "يعمل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بحزم على إضعاف الحماس للاستثمار في الأصول الخطرة، لا سيما الأسواق المبتدئة مثل مصر".
وأضاف: "يحتاج انتعاش السندات المصرية إلى تحسين المناخ العالمي للأصول الخطرة، وخطة أكثر واقعية حول كيفية تعامل الدولة مع احتياجاتها التمويلية غير الكبيرة".
منحت السندات المصرية المستثمرين سابع أفضل عوائد في أكتوبر/ تشرين الأول من بين 72 دولة نامية تتبعها "بلومبيرغ"، فقط في الوقت الذي بدا فيه اتفاقها مع صندوق النقد الدولي قريبا.
مصر تجتذب مستثمري الديون الدوليين مرة أخرى وسط تفاؤل باتفاق صندوق النقد
لكن هذا الشهر، تخلفت السندات المصرية عن معظم أقرانها بخسائر هامشية. وفي الوقت نفسه، ارتفعت مقايضات التخلف عن سداد الائتمان لمدة خمس سنوات 210 نقاط أساس في خمسة أيام لتصل إلى 1245 نقطة يوم الخميس.
مع أنها تراجعت إلى 1175 نقطة أساس يوم الجمعة، فإنها لا تزال أعلى بكثير من مستوى 1000 نقطة أساس الذي يعتبره المحللون بمثابة عتبة الخطر.
وقال جوردون باورز من "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس": "تظل مصر قصة ’أرني ما لديك‘. إن مشاركة صندوق النقد الدولي هي نقطة ارتكاز جيدة للسياسة ولكنها لا تصلح بحد ذاتها أيا من مشكلات التمويل الخارجي".
الجنيه المصري يعمق خسائره ويتجاوز مستوى 24 مقابل الدولار
وأكد أن نجاح البرنامج يعتمد إلى حد كبير على تنفيذ أجندة الخصخصة والاستثمار الأجنبي المباشر، والتي لا يزال يشكك المستثمرون فيها نظرا لإحباطاتهم السابقة.
وفقا لتقرير "بلومبيرغ"، فإن هذه المخاوف تشكل جرس إنذار لحكومات الأسواق الناشئة الأخرى التي تعاني من الديون المرتفعة وجدول أعمال غير مكتمل للإصلاحات.
حذر صندوق النقد الدولي الأرجنتين من إجراءات العملة غير التقليدية. في غانا، قال المُقرض الدولي إنه يجب على السلطات تحمل التزامات إعادة الهيكلة للتأهل للحصول على المساعدة في حالة اعتبار ديون الدولة غير مستدامة.
بالنسبة لمصر، جاء حجم القرض الذي ستحصل عليه من صندوق النقد الدولي - 3 مليارات دولار، إلى جانب 6 مليارات من مؤسسات أخرى – أقل من التوقعات كثيرا. قدر مصرف "جولدمان ساكس" و"بنك أوف أمريكا" أن مصر تحتاج للحصول على 15 مليار دولار.
تحتاج البلاد إلى 28 مليار دولار حتى نهاية عام 2023 لإعادة تمويل ديونها المستحقة، ودفع الفوائد وتمويل عجز الحساب الجاري، وفقا لمصرف "دويتشه بنك"، إلى جانب 20 مليار دولار إضافية مطلوبة في العام التالي.
زيادة الأجور ودعم الشركات... مصر تعلن حزمة إجراءات لدعم الاقتصاد وحماية المواطنين
إن صافي الاحتياطيات الدولية لمصر، الذي يزيد قليلا على 33 مليار دولار، لا يمكنه تحمل هذا العبء. وأثار ذلك مخاوف من أن مصر ستستمر في اللجوء إلى أسواق الديون.
مع ذلك، فإن مديري الأموال الذين يبحثون عن الديون الخطرة ذات القيمة الرخيصة لم يتخلوا عن مصر تماما. سنداتها المستحقة في عامي 2029 و2030 لا تزال جذابة بعد أن ركز المستثمرون على آجال الاستحقاق الأقصر والأطول في الأسابيع الأخيرة.
بموجب الاتفاق الأخير، طلب صندوق النقد الدولي من مصر إجراء إصلاحات مالية، وسط خفض الديون وتحسين جباية الضرائب، كما طالب الدولة بأن تعزز نمو القطاع الخاص من خلال "تقليص بصمة الدولة".
مناقشة