مواسم الزيتون في سوريا تكافح أوزار الحصار الأمريكي والجفاف... صور

عندما يذكر أي أحد اسم (ريف حمص)، أول ما يخطر في بالك أشجار الزيتون واللوز وكروم العنب الأرضية... هذه الصورة الراسخة في أذهان السوريين لم تعد موجودة اليوم، بعد ما تحولت الأراضي الخضراء إلى ما يشبه الصحراء.
Sputnik
هكذا يصف المزارع وسام الحفيان حال أرضه، التي وطأتها أقدام الإرهابيين فحولتها إلى أطلال جرداء "بعدما أحرقت ما أحرقت منها ونهبت ما نهبت من كرومها".
مواسم الزيتون في سوريا تكافح أوزار الحصار الأمريكي والجفاف

يقول الحفيان لـ "سبوتنيك": "في بداية الحرب، كنا نخشى الذهاب إلى أراضينا خوفا من الخطف والقذائف والهجمات، ومع مرور السنين والمعارك التي شهدتها المنطقة، تحولت أراضينا إلى ما يشبه الصحراء... اليوم، وبعد عودة الأمان، عدنا للاهتمام بالأرض وإعادة زراعة الأشجار وها هي قد بدأت طرح ثمارها".

في ريف حمص الشرقي، لطالما كان الجفاف عاملا محوريا في وفرة المواسم التي يعتمد جزء كبير منها على الأمطار الموسمية، إلا أن السماء لم تعد وحدها من يقرر حجم المواسم، فالعقوبات الاقتصادية الأمريكية أثرت بشكل كبير على المزارعين من حيث عدم توفر الوقود والكهرباء.
مواسم الزيتون في سوريا تكافح أوزار الحصار الأمريكي والجفاف
وانعكست آثار الحصار الاقتصادي على أداء قطاع الزراعة عموما في سوريا، وإنتاج الزيتون ضمنا، حيث يصطدم المزارعون بارتفاع التكاليف المرتبطة بأعمال الحرث نتيجة ارتفاع أسعار الوقود المخصص لعمل الجرارات الزراعية والري وارتفاع أسعار الأسمدة، ناهيك عن تراجع عدد معاصر الزيتون وارتفاع كلفة العصر.
يعدّ زيت الزيتون السوري من أفضل أنواع الزيوت التي يتم إنتاجها في العالم، وهو يحتوي على نفس الجودة التي يتمتع بها المنتجون في حوض المتوسط، وفي مقدمتها إسبانيا واليونان وإيطاليا وتونس.
يقول محمد نصر، وهو صاحب معصرة زيتون في حمص، لـ "سبوتنيك": كانت سوريا تحتل المركز السابع عالميا والثاني عربيا في إنتاج الزيتون، إلا أن عددا من العوامل أدى إلى تراجعها جراء خروج مساحات كبيرة في ريفي إدلب وحلب عن سيطرة الحكومة، إضافة إلى تدمير ونهب الكثير من كروم الزيتون خلال الحرب، وصولا إلى الحرائق غير المسبوقة التي التهمت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية العام الماضي".
مواسم الزيتون في سوريا تكافح أوزار الحصار الأمريكي والجفاف
ورغم ذلك، يبدو نصر مستبشرا بالموسم الحالي تبعا لـ "الاقبال الممتاز على عصر الزيتون مقارنة مع السنوات الماضية حيث كانت الكثير من الأراضي خارج سيطرة الدولة".
يضيف نصر: "بعدما تم تحرير المنطقة بفضل الجيش وبمساندة الحليف الروسي، أعاد الكثير من المزارعين تشجير أراضيهم، وبدؤوا يقطفون مواسمها هذا العام، ورغم موجة الجفاف التي ساهمت في ضعف إنتاج الزيتون لهذا العام، إلا أن الإنتاج عموما شهد تحسنا ملحوظا".
وتنتشر زراعة الزيتون بشكل واسع في عموم المحافظات السورية لما لها أهمية اقتصادية مما جعل سوريا تتبوأ مكانة هامة عربيا وعالميا في زراعة الزيتون وإنتاج الزيت قبل الحرب.
820 ألف طن متوقع
ويصنف الزيتون كأحد أبرز المحاصيل الاستراتيجية في سوريا إلى جانب الحمضيات والحبوب.
وتوقع “مكتب الزيتون” في وزارة الزراعة ، إنتاج نحو 820 ألف طن من مادة الزيتون لموسم 2022 الحالي.
وقالت مديرة المكتب، عبير جوهر في تصريح لـ "سبوتنيك" إن الوزارة خصصت حوالي 123 ألف طن من الإنتاج المتوقع لزيتون “المائدة”، بينما خصصت حوالي 697 ألف طن لعصر الزيتون، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن ينتج عن هذا الموسم نحو 125 ألف طن زيت زيتون.
مواسم الزيتون في سوريا تكافح أوزار الحصار الأمريكي والجفاف
وبحسب جوهر، تشير التقديرات الأولية إلى تراجع إنتاج الزيتون في محافظة حمص وحلب، مع زيادة الإنتاج في كل من محافظتي اللاذقية وطرطوس.
وتحتل محافظة اللاذقية المرتبة الأولى من إجمالي إنتاج الزيتون السوري، إذ تنتج مع طرطوس حوالي 366 ألف طن، بينما تحتل محافظة إدلب المرتبة الثانية بكمية 159 ألف طن، وثالثًا محافظة حلب بحجم إنتاج يبلغ نحو 112 ألف طن، وفقًا لمديرة مكتب “الزيتون”.
وسجّلت أسعار مادة زيت الزيتون العام الحالي، ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وصل سعر الجالون (16 ليترًا) إلى حوالي 350 ألف ليرة سورية، وسط قلة الطلب على المادة، في ظل تدنّي القوة الشرائية.
مناقشة