بعد اتفاق الليكود و"نوعم"... ما دوافع إصرار نتنياهو للاتجاه نحو اليمين المتطرف؟

وحزب "نوعم" هو حزب قومي متطرف معاد للفلسطينيين ومناهض لمجتمع الميم ويدافع عن تفسير صارم للقوانين الدينية اليهودية في إسرائيل، ويقتضي الاتفاق الذي يعد أحدث تطور لمنح الأحزاب اليمينية المتطرفة قوة غير مسبوقة داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، أن يكون ماعوز نائبًا لوزير، ويتولى إدارة هيئة "الهوية اليهودية".

وقال مراقبون إن إصرار نتنياهو على الاتجاه نحو اليمين، محاولة طبيعية لإرضاء ناخبيه، وإمكانية تكوين ائتلاف يميني قوي، يزيده قوة سياسية في المجتمع الإسرائيلي، مؤكدين أن الحزب الجديد سيزيد من تعقيد المشهد حتى داخل حزب الليكود نفسه، الذي يقوده نتنياهو.

اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن تحالف نتنياهو مع حزب نوعم، يؤكد إصراره على تشكيل حكومة يمينية، وهذا هو الاتجاه الطبيعي وهؤلاء هم الشركاء الطبيعيون لسياساته وجمهور ناخبيه، وهو بالفعل لديه إمكانية نظرية لتشكيل الحكومة من 64 مقعدًا لهذا المعسكر.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الإشكالية الحقيقية أن هناك تعقيدات على الأرض خاصة بالمفاوضات الائتلافية، ما يجعلها تدور في الخفاء بعيدًا عن الإعلام وتواجه صعوبات دفعت نتنياهو لطلب مد مهلة تأليف الحكومة من الرئيس الإسرائيلي على الرغم من أنه اتفق بالفعل مع بن غفير، وأوشك على الاتفاق مع آرييه درعي زعيم حزب "شاس" و بتسلئيل سموتريتش زعيم "الصهيونية الدينية".

وأكد أن الخلاف يدور حول وزارة المالية، كلاهما يريد نفس الوزارة ويرى أنه الأقدر، سموترتش يرأس قائمة مزدوجة، بالتالي المقاعد الخاصة به ليست كاملة، لكن قائمته حصلت على المركز الثالث في الانتخابات (14 مقعدا من أصل 120 بالكنيست)، لكن فعليا حزب شاس ودرعي هو من يتصدر بعد الليكود، حصل منفردا على 11 مقعدا وسيحصل درعي على 5 وزارات، وعدد من نواب الوزراء ورئاسات اللجان داخل الكنيست.

وتابع: "المشكلة الأساسية إنه على الرغم من التقدم في المفاوضات يعلم درعي أن موقفه قد يكون محاط بلغط، فلديه إدانة جديدة العام الماضي بشأن التهرب من الضرائب، وسبق سجنه في قضية فساد قديمة، بالتالي قد يستبعد من تولي أي وزارة، لكن حتى اللحظة اتفق نتنياهو معه وسموترتش على نزع فتيل الأزمة الكبرى الخاصة بالمالية، حيث يتولاها سموترتش في نصف الفترة الخاصة بولاية الحكومة، ثم يتولى درعي في النصف الثاني بالتناوب".

وأشار أنور إلى أنه من المستبعد أن تستمر الحكومة إلى النصف الثاني من مدة ولايتها في ظل التعقيدات والتغيرات، لكن هذا هو الوضع الحالي وقد يكون بالفعل اقترب نتنياهو من تشكيل حكومة لكن الابتزاز الائتلافي والمفاوضات لا تزال مستمرة، والضغوط والتلويح بإمكانية الاستغناء حتى عن الليكود، لأن قياداته لديها مطالب تتعارض مع مطالب الأحزاب التي تنضوي تحت نفس المعسكر.

ويرى أن الوضع الأمني في الضفة الغربية بشكل خاص ملتهب، والأوضاع الاقتصادية ضاغطة، وهناك خلافات حول تسمية رئيس الكنيست الجديد، وبشأن وضع وزارة الأمن القومي برئاسة بن غفير وإطلاق يد جيش الاحتلال في الضفة، كلها ملفات مربكة لأي حكومة وتعقد من المفاوضات في ظل وجود القائمة العربية المشتركة (5 مقاعد) تشير دائما إلى أنها حكومة عنصرية وتصعد من الوضع وقد تفجره بشكل كامل على الأرض، ووجود معارضة قوية لا يمكن تجاهلها ولها خبرات واتصالات مع الولايات المتحدة الأمريكية والإقليم بشكل عام.

بدوره، قال الدكتور أيمن الرقب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن حزب نوعم هو حزب يميني متطرف مناهض للمثلية. وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا الحزب اليميني سيمثل كذلك أزمة داخل الليكود، خاصة أن أحد قادة الليكود هو أمير يوحنا المرشح لشغل منصب وزير الخارجية الإسرائيلي وهو زعيم المثلية داخل إسرائيل، بيد أن نتنياهو بحاجة لليمين وتكتله لحماية مشاريعه وخططه التي على رأسها تغيير نظام القضاء وقرارات حاسمة داخل الكنيست.

وعن اتجاه نتنياهو لحزب نوعم رغم الخلافات التي يمكن أن يحدثها داخل الليكود، يرى الرقب أن نتنياهو يريد أن يقوي جبهته السياسية بتحالف مع قوى يمينية داخل دولة الاحتلال ليصبح زعيم اليمين بلا منازع، ووعد زعيم حزب نوعم بمنصب نائب وزير، وهذا لن يمثل أزمة داخل الليكود كمنصب ولكن سيمثل أزمة فكرية داخل الحزب بسبب وجود مؤيدين للمثلية في الليكود مثل أمير يوحنا.

وعن طبيعة الخلافات التي قد تحدث بسبب انضمام حزب نوعم، استبعد الرقب أن يصل إلى خروج أي عضو من الليكود، أو حدوث انشقاقات بداخله؛ لأن مصلحة كل أعضاء الليكود أن يبقى متماسكًا مع الحفاظ على هويته الليبرالية.

وقال وزير الخارجية والمغتربين في فلسطين، رياض المالكي، إن "إسرائيل لا يوجد بها شريك سلام حقيقي للتفاوض معه"، لافتا إلى أن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة سيجعلها مختلفة عن الحكومات السابقة، لتكون "أكثر فاشية وحقدا وكرها للفلسطينيين".

وأوضح المالكي خلال لقائه مع 25 من السفراء الأجانب المعتمدين لدولة فلسطين غير المقيمين في مقر السفارة الفلسطينية بالقاهرة، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة "ستكون مختلفة عن جميع الحكومات السابقة، بمعنى أكثر فاشية وحقدا وكرهًا للفلسطيني إلى أبعد درجة فيها عناصر إرهابية مثل بن غفير وهو وريث كاهانا وينتمي إلى منظمة كاخ والتي أعلن أنها إرهابية في إسرائيل والولايات المتحدة".

وأضاف أن هذا "يعني أننا سننتقل من أزمة سياسية إلى أزمة ذات طابع ديني لن نجد لها حلا على الإطلاق ونحن لن نقبل بذلك فمعركتنا مع إسرائيل سياسية بامتياز".

وفي الفترة الأخيرة وقع حزب الليكود بزعامة نتنياهو، على اتفاق مع حزب بن غفير يتعلق بانضمام الأخير للحكومة الإسرائيلية الجديدة حيث سيتولى بن غفير منصب وزير الأمن القومي، وهو منصب موسع من وزارة الأمن الداخلي، وتتضمن صلاحياته قسم شرطة حرس الحدود في الضفة الغربية المحتلة. إضافة إلى ذلك سيتسلم بن غفير ملفي النقب والجليل.