راديو

ماذا بعد تراجع إيران عن ثوابت ثورتها الدينية؟

أعلنت الحكومة الإيرانية حل "شرطة الأخلاق" في إيران، بعد تعليق نشاطها على خلفية الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، فيما قرر البرلمان والسلطة القضائية إجراء مراجعة لقانون الحجاب.
Sputnik
وقال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إن "شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها".
وفي نفس السياق، قرر البرلمان والسلطة القضائية في إيران إجراء مراجعة لقانون الحجاب الذي أصبح إلزاميا منذ عام 1983.

يتعلق دور شرطة الأخلاق بمراقبة النساء، والرجال أحيانا، في الأماكن العامة واحتجاز كل من يخالف "اللبس العام" وبالأخص الحجاب، ومن ثم يتم نقل المخالفات إلى منشأة إصلاحية أو مركز للشرطة حيث تلقى على مسامعهن محاضرة حول كيفية ارتداء الملابس ثم يطلق سراحها في نفس اليوم في العادة بعد حضور أحد أفراد العائلة وغالبا ما يكون ذكرا.

ويعيش الشارع الإيراني منذ أسابيع حالة من الاضطراب عقب وفاة ناشطة بعد أن احتجزتها "شرطة الأخلاق".
في حديثه لـ"سبوتنيك" قال الخبير في الشؤوون الإيرانية محمد شمص إن "ما يحدث في إيران يعطي انطباعا حول مرونة المسؤولين في النظام الإسلامي، وكيفية تعاطيهم مع الأزمات التي يتم تضخيمها في الإعلام".
وأوضح الخبير أن "رئيس الجمهورية سبق أن صوت في المجلس الثقافي الأعلى قبل أشهر وقبل الاحتجاجات لصالح تجميد عمل شرطة الأخلاق، وبالتالي كان واضحا لدي المسؤولين أن تجميد شرطة الأخلاق قابل للنقاش، وليس مرتبطا بالاحتجاجات، علما بأن المتظاهرين لم يطالبوا بتجميد شرطة الأخلاق".
وأضاف أن: "ما يحدث الآن يدل على محاولة المسؤولين الحفاظ على أكبر قاعدة شعبية يتمتعون بها، والتي ظهرت من خلال المظاهرات الداعمة للنظام الإيراني، وقد أكد الرئيس استعداد الدولة لتغيير الأساليب لكن ليس القيم".
من جانبه، قال المحلل الاستراتيجي السعودي د. فواز كساب العنزي إن: "السعودية يهمها سلامة المجتمعات الإنسانية وسلامة المجتمع الإسلامي الإيراني كي ينعم بالاستقرار والرفاهية".

واعتبر الخبير أن ما حدث من إجراءات في المملكة سابقا "يختلف تماما عما يحدث الآن في إيران، فهناك ثقة متبادلة بين المواطن وولي الأمر، وتكن المملكة كل الاحترام منذ ثلاثة قرون للأسرة الحاكمة، وعندما تحدث تعديلات في السياسات الداخلية يتقبلها جميع المواطنين في السعودية، ولمسنا هذا منذ قرار تخفيض صلاحيات رجال الدين، وتعديل أدوار قطاعات وزارة الداخلية، وأصبح الأمر مقبولا، وصار هناك نوع من التوازن، وتكيف المواطنون في السعودية مع هذا التغير".

وأكد أستاذ علم الاجتماع د. سعيد صادق أن "ظهور إيران كدولة دينية أعطى دفعة قوية لجميع حركات الإسلام السياسي في المنطقة، وعندما طبقت في دستورها وقوانينها الشريعة وأجبرت المرأة على ارتداء الحجاب انتشر بقوة رغم أنه كان موجودا قبل الثورة الإيرانية التي أعطت هذا الأمر دفعة وقامت بتصديره إلى الخليج ولبنان".

وأضاف: "لكن بعد مرور أربعة عقود نجد أن الأجيال الجديدة منفتحة على الانترنت، وهناك أكثر من عشرة ملايين إيراني يعيشون في الخارج لهم محطاتهم وقنواتهم، وكان من المتوقع ألا يحتمل الشعب هذه الأمور، خاصة أن 70 بالمئة من الشعب من شريحة الشباب، ولم يعد النظام الحالي وجيل الثورة مؤثرين مثل وسائل التواصل الاجتماعي".

واعتبر صادق أن "الانفجار الاجتماعي الأخير كان نتاج تراكمات كثيرة منها أزمات اقتصادية، ورفض للسياسة الخارحية التي عرضت إيران لسيل من العقوبات" مشيرا إلى أنه "كان هناك اعتقاد بأن القمع سيخمد هذه الثورة لكن هذا لم يحدث فبدأ النظام بتقديم تنازلات".
وأكد الخبير أن "ما يحدث في الشرق الأوسط ليس مؤامرة غربية، لكن المشلكة هي أن من يقود التوجهات الدينية والأفكار أشخاص لا يتمتعون بقدر مناسب من التعليم، وهو ما يجعل المنطقة غارقة في المشكلات خاصة المتعلقة بالأقليات والمرأة، ورأينا كم أصبحت تعاني الحرمان من الكثير من الحقوق الأساسية للإنسان، إلا أن المنطقة تغيرت الآن ولم تعد في عام 2022 كما كانت عليه في 1922".
إعداد وتقديم : جيهان لطفي
مناقشة