بعد تزايد نفوذ التنظيمات الإرهابية... ما أهمية الاتفاق الأمني بين اليمن والإمارات؟

بعد سنوات من إعلان انسحابها من العمليات العسكرية في اليمن، وقعت الإمارات وحكومة الشرعية اليمنية اتفاقا لمكافحة الإرهاب في الجنوب، في الوقت الذي تناولت تقارير إعلامية استيلاء تنظيم "القاعدة" في اليمن على شحنة يورانيوم إيرانية.
Sputnik
ما أهمية الاتفاق الأمني بين الإمارات والشرعية اليمنية، وهل يساهم في السيطرة على تحرك التنظيمات الإرهابية؟
بداية يقول العميد ثابت حسين، الخبير العسكري الاستراتيجي اليمني، إن عملية استيلاء أو تسليم شحنة يورانيوم إيرانية لتنظيم "القاعدة" (الإرهابي المحظور في روسيا)، هذا الأمر لا تتوافر فيه سوى التقارير الإعلامية، ولا يخفى على أحد الدور الإيراني تجاه الدول العربية، فيمكن أن نسمع أن شحنات من هذا النوع قد وصلت إلى جهة أو منظمة إرهابية مثل "القاعدة" أو الحوثيين أو حتى الإخوان في شمال اليمن.

مرحلة جديدة

وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى الاتفاق الأمني الذي وقعته الشرعية اليمنية مع الإمارات العربية المتحدة لمكافحة الإرهاب، هذه الاتفاقية لها طابع أمني مهم، وأعتقد أنها تدشن لمرحلة جديدة من مراحل تدخل التحالف العربي، إذ سيكون الدور الميداني فيها مناط أكثر بالإمارات، وبالتأكيد من ضمن مهام الإمارات مكافحة الإرهاب وتقديم الدعم اللازم لليمن.
وزير الداخلية اليمني يؤكد حرص الحكومة على تأمين بعثات المنظمات الدولية في البلاد
وأضاف الخبير العسكري، نحن نتحدث عن اليمن الشرعي افتراضا يعني، بما في ذلك القوات الجنوبية التي هي مسيطرة على رقعة الجنوب والتي تكافح الإرهاب بجدية، بعكس قوات الجيش الوطني والشرعية الموجودة في الشمال التي لا تكافح الإرهاب، ولم نر أن "القاعدة" أو "داعش" (تنظيمان إرهابيان محظوران في روسيا) قتلت أي من قادة الشرعية، لا في مأرب ولا في البيضاء ولا حتى قوات الشرعية التي كانت في الجنوب.

تجربة ناجحة

وأوضح حسين، أن الإمارات كان لها تجربة ناجحة فيما يتعلق بدعم الشرعية قبل أن تٌشن الحملة الشعواء ضدها في تلك المرحلة من قبل حزب الإصلاح، حيث أن انسحابها في تلك الفترة أدى إلى نشوء الفوضى و تجمدت عمليات التحالف، في المقابل حقق "أنصار الله" انتصارات كبيرة بعد أن كانت الإمارات قد وصلت إلى مأرب والبيضاء والحديدة و حققت نجاحات كبيرة، بعد ذلك حدث العد التنازلي أو التراجع، حيث أن المناطق التي كانت بحوزة الشرعية وخاصة في الشمال تم تسليمها للحوثيين أو تم الانسحاب منها، لذا في تقديري أن الإمارات بحكم خبرتها القتالية والإدارية ستنجح في مهمتها في اليمن، إذا ما تمكنت من ذلك تمكينا كاملا وشاملا.

دعم قوي

من جانبه يقول أحمد الربيزي، المحلل السياسي والحقوقي الجنوبي، لقي الاتفاق الأمني الموقع مع الإمارات قبولا كبيرا في الشارع الجنوبي، لأننا جربنا الإمارات كثيرا، وكان هناك تعاون مشترك مع أبو ظبي بعد عاصفة الحزم وتدخل التحالف العربي.
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، كان التحالف العربي بالذات الإمارات تحارب على شقين، محاولة الوقوف أمام التمدد الحوثي في أراضي الجنوب وبشكل عام في أراضي اليمن على العموم، وكذلك الحرب ضد الإرهاب، حيث كان لنا مع الإمارات تجربة رائعة وحققت انجاز غير عادي في العام 2019 و2020 قبل أن تعلن انسحابها وخروجها من اليمن في 2020، والاتفاق الأخير لمكافحة الإرهاب سيعطي الإمارات الحق في التواجد بصورة رسمية وفق الشراكة مع الشرعية وبصورة أكبر لمكافحة الإرهاب وتنظيماته.
"أنصار الله" تتهم الإمارات بممارسة توجهات عدوانية جديدة تجاه اليمن
وأشار الربيزي، إلى أن الإمارات استطاعت عند وجودها في عدن مع بدايات الحرب، أن تبني وحدات محلية من قوات الحزام الأمني وقوات الدعم والإسناد والقوات الجنوبية بشكل عام واستطاعت تشكيلها وتدريبها تدريب جيد ولهذا فإن تلك القوات هي التي تواجه الآن الإرهاب في محافظة أبين وشبوة وكذلك في وادي حضرموت.

صفة رسمية

وحول الدور الإماراتي بعد توقيع الاتفاق الأمني ومدى اختلافه عن الدور السابق ضمن التحالف العربي يقول الربيزي: "الاختلاف هو تعزيز مكانة الحكومة اليمنية التي أنشئت بعد مشاورات الرياض أو بعد اتفاق الرياض بشكل كامل، والعمل أيضا على تعزيز دور الحكومة في الأراضي المحررة، إعطاء صفة رسمية لدعم مكافحة الإرهاب، لأن الصفة التي كانت فيها في السابق كانت تتمحور في دعم الشرعية وإنهاء الانقلاب، لكن الأمر الآن يخص المناطق الجنوبية ومحافظات الجنوب بالذات".
وأوضح الربيزي، أن الارهاب يتواجد فيها، وكما يعلم الكثيرون، أن الإرهاب توجه سياسي أكثر منه عقائدي ديني كما كان يظن الكثير منا في السابق، ونأمل أن يحقق الاتفاق الأمني الاستقرار ويمنع الفوضى لأن الذي نواجهه في محافظات الجنوب هو الإرهاب، والإرهاب تغذيه أطراف عدة معادية للجنوب اليمني، كما أن هناك أطراف معروفة داعمة لبقاء احتلال الشمال للجنوب، فالإرهاب هنا سياسي موجه من أطراف سواء كانت في إطار الشرعية ولها موقف من تطلعات شعب الجنوب وأطراف أخرى من ضمنها ميليشيات الحوثي.

ضربة قاصمة

ويرى أمجد صبيح، القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، أن الاتفاق الأمني بين اليمن والإمارات لمكافحة الإرهاب سيكون ضربة قاصمة لأذرع حزب الإصلاح إذا ما تم تنفيذه بعد أن تم التوقيع عليه.
"أنصار الله" تشكك في إحصائية أممية بشأن ضحايا الصراع في اليمن من الأطفال
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، توقيع اتفاقية وخاصة لمكافحة الإرهاب في اليمن لا يعني إلا تقديم المزيد من الدعم للقوات المسلحة الجنوبية، لأنها القوة العسكرية الوحيدة التي تحارب الإرهاب الآن وهي القوة الوحيدة التي سيطرت على أماكن مختلفة كانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية، ومثلها النخبة الحضرمية التي حررت ساحل حضرموت بفضل الله وفضل دعم الإمارات العربية المتحدة وسواعد الأبطال في حضرموت".

تدريب جيد

وتابع، توقيع اتفاقية يعني تمكين أكثر لدعم القوات المسلحة الجنوبية الفاعلة على الأرض الآن لمكافحة الإرهاب، وبناء وحدات جديدة لمكافحة الإرهاب، وربما يشترك في هذا أيضا القوة الموجودة بالساحل الغربي التابعة لعضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، رغم أن لا دور حقيقي لها في مكافحة الإرهاب، لكن ربما مستقبلا.
ويوم السبت الماضي، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أنها بصدد تقييم قدرتها على الاستمرار في عملياتها بمناطق شرقي اليمن، وذلك غداة تعرض قافلة تقل موظفين لها إلى كمين نصبه مسلحون خلال سفرها في مهمة إنسانية من مدينة سيئون إلى محافظة مأرب، مؤكدة نجاة طاقمها فيما قُتل اثنين من أفراد الحماية اليمنية وأُصيب آخرون منهم.
وتشهد المديريات الوسطى في محافظة أبين نشاطا لتنظيم القاعدة وتشن عناصره بين الحين والآخر هجمات إرهابية على الجيش والأمن تخلف عادةً ضحايا من العسكريين، ما دفع القوات اليمنية إلى تنفيذ حملات على أوكار التنظيم.
وتصاعد حضور تنظيم "القاعدة" في مناطق عدة باليمن، مع اندلاع الصراع الذي يمزق البلد العربي منذ 8 أعوام.
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 % من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
مناقشة