وقف التنسيق الأمني ومقاضاة إسرائيل... ما أهمية قرارات السلطة الفلسطينية وتداعياتها؟

آلاف الفلسطينيين يشاركون في تشييع قتلى جنين والحداد يعم الأراضي الفلسطينية
في خطوة وصفها المراقبون بـ"القوية والمهمة"، قررت الرئاسة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ردا على اقتحام الجيش ‏الإسرائيلي لمخيم جنين، وقتل 10 فلسطينيين‎.‎
Sputnik
وأعلنت الرئاسة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني، والتوجه إلى مجلس الأمن لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ورفع أحداث المخيم إلى الجنائية الدولية.
وأكد الخبراء أن القرارات مهمة وتأتي في توقيت جيد، بيد أن تبعاتها ستكون قوية وصعبة، لا سيما في ظل اعتماد إسرائيل على جانب العقوبات والابتزاز الاقتصادي والمالي، في ظل قرصنتها على الكثير من أموال السلطة الفلسطينية.
"حماس" تتوعد إسرائيل بالرد على اقتحام جنين
تبعات صعبة
اعتبر المتحدث باسم حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوري، الدكتور جمال نزال، أن "القرارات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل بسبب جريمة جنين، هي خطوة اضطرارية وضرورية، وفي مكانها ومحلها من حيث التوقيت".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "هذه القرارات سيكون لها تبعات كبيرة وصعبة، باعتبار أن الاحتلال الإسرائيلي يملك أوراق ضغط ميدانية قوية جدا، ولديه هامش الابتزاز الاقتصادي والمالي كبير، إذ تمارس إسرائيل عملية القرصنة المالية والتعدي المستمر على الحقوق الفلسطينية"، لكنه أكد أيضا أن "القيادة هي الأخرى تملك هذه الورقة الضاغطة، بما يرتبط باستخدامها من مجازفات وتبعات تعرفها إسرائيل جيدا".
وأوضح نزال أن "القرارات تتضمن مطالب بإنهاء الفرصة، إذ أنه من المفترض في هذه اللحظات الصعبة وعبر هذه الانتهاكات أن يتم توحيد الصفوف الفلسطينية، لا سيما في ظل التركيز الإسرائيلي الميداني الذي ينصل على الضفة الغربية منذ أكثر من عامين".
وتابع: "الشعب الفلسطيني في الضفة العربية مبادر للدفاع عن حقوقه بكافة الأشكال والإمكانيات المتاحة له، وفي المقابل تسعى إسرائيل بطبيعة الحال إلى الاستفراد بالشعب الفلسطينية وحالته في هذه المدينة"، لافتا إلى "مساع حقيقية إلى توحيد الحال والمصير والمصلحة الفلسطينية، حتى لا تنفرد إسرائيل بذلك الطرف أو ذاك وفي ظنها أن باستطاعتها تجزئة وحدة الشعب الفلسطيني".
تحدٍ كبير
في السياق، اعتبر المحلل السياسي والقيادي في حركة "فتح"، المستشار زيد الأيوبي، أن "قرار القيادة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني، والاستمرار في إجراءات مقاضاة إسرائيل ودعوة الفصائل الفلسطينية لتحمل مسؤولياتها للدفاع عن مستقبل الشعب الفلسطيني، هو قرار حكيم وشجاع، ويليق بمستوى التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني نتيجة لاستمرار جرائم إسرائيل".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "قرار وقف التنسيق الأمني يحمل في طياته كل معاني التحدي لإسرائيل، ويثبت أن القيادة الفلسطينية وفية لشعبها، خصوصا وأن تبعات هذا القرار الشجاع كبيرة وخطيرة على السلطة الوطنية، لا سيما وأن أهم معنى لهذا الإجراء هو أن السلطة جاهزة للمواجهة السياسية والعسكرية والدبلوماسية والقضائية، ولا تخشى قوة الاحتلال وجرائمه"، معتبرا أن "القرار مطلب شعبي بامتياز".
ودعا الأيوبي "حركة "حماس" إلى التراجع عن التصميم على الالتزام بتفاهماتها مع الاحتلال الإسرائيلي، واحترام قرار القيادة الفلسطينية وسحب قوة الضبط الميداني الحمساوية، التي تحرس حدود إسرائيل مع غزة، وعدم اعتقال المقاومين والمناضلين، الذين يدافعون عن دماء الشعب الفلسطيني ومستقبله".
وأفاد أن "الحكومة الإسرائيلية تسعى لتصدير أزمتها الداخلية مع المعارضة الإسرائيلية نحو العمق الفلسطيني، من خلال التصعيد العسكري، وارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر، كما فعلت في مخيم ومدينة جنين"، مشددا على أن "الشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن يرفع الراية البيضاء، وسيستمر في نضاله حتى النصر، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
الجيش الإسرائيلي: خلية جنين كانت "قنبلة موقوتة" وخططت لضرب عمق البلاد
مرحلة جديدة
بدوره وصف المحلل السياسي الفلسطيني، فادي أبو بكر، القرارات التي صدرت عن القيادة الفلسطينية ردا على جرائم إسرائيل التي ارتكبتها في محافظة جنين بـ"المهمة"، وأنها "تؤذن بمرحلة جديدة من الصراع، وتوفر بيئة من شأنها توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "قرارات القيادة الفلسطينية مفادها أنه لم يعد هناك خيارات أخرى متاحة ولا أفق سياسي، ولم يعد هناك تداعيات أو خسائر إلا وقد تكبدها الشعب الفلسطيني، وأن الآوان قد حان من أجل تغيير هذه المعادلة".
واعتبر أبو بكر أن "قرارات السلطة رسالة لكل فلسطيني وعربي ومسلم للتقدم نحو هدفه المعلوم، والمتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطيني، وفي المقابل هي أوراق ضغط على المجتمع الدولي ليحسم أمره ويترجم بياناته إلى خطوات وإجراءات عملية ضد إسرائيل".
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني أنه "لا سبيل لسلام أو استقرار في العالم بدون حل عادل للقضية الفلسطينية، وإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي".
وأمس الخميس، اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة ومخيم جنين، واعتلى أسطح المنازل في المخيم، واندلعت مواجهات، أطلق خلالها الجنود الرصاص وقنابل الغاز باتجاه الشبان، ما أدى الى مقتل 10 فلسطينيين.
وقامت القوات الإسرائيلية خلال الاقتحام بهدم نادي مخيم جنين بالكامل بالجرافة، واستهدفت منزل عائلة الصباغ بصواريخ "أنيرجا"، ما أدى لتضرر جزء كبيرة منه.
وتعد العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين هي الأكبر منذ "انتفاضة الأقصى" الثانية عام 2002، وقد ذكرت وسائل اعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب على حدود قطاع غزة.
مناقشة