مع استهدافها نتنياهو وحكومته... لماذا لا تشارك الجماهير العربية في التظاهرات الإسرائيلية؟

في وقت تشكل فيه الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو خطورة كبيرة على المجتمع العربي الفلسطيني بالداخل، لا تبدو مشاركة الجماهير العربية في التظاهرات التي تشهدها تل أبيب لافتة.
Sputnik
المشاركة الخجولة، طرحت تساؤلات حول أسباب تراجع التمثيل العربي في هذه الاحتجاجات، على الرغم من اتفاقها على مبدأ إسقاط حكومة نتنياهو الفاشية، ومعارضة سياساته العنصرية، بيد أن هذه المشاركة قد تضيف قوة للتظاهرات القائمة.
ويقول مراقبون إن تراجع التواجد العربي في التظاهرات يرجع إلى أسباب عدة، أهمها أنها لا تتفق مع أجندتهم حيث لا تناقش تأثير هذه القرارات الحكومية على المجتمع العربي، ولا تتعرض لموضوع الاحتلال، وغيرها من الموضوعات المهمة لهذه الفئة.
وتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين، مساء السبت، في تل أبيب ومدن أخرى، للأسبوع الخامس على التوالي، احتجاجا على خطة حكومة نتنياهو إصلاح جهاز القضاء والحد من صلاحيات المحكمة العليا.

ضغط دولي

اعتبرت النائبة عايدة توما، عضو الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية المشتركة، أن الحضور العربي في التظاهرات الإسرائيلية القائمة موجود، لكنه ليس شعبيًا وواسعًا، وهذا لعدة اعتبارات، منها طابع هذه التظاهرات التي تكتسب نوعًا من الخصوصية، وكأنها نقاش داخلي بين أطراف الصهيونية، حيث لا تطرح هذه الاحتجاجات فكرة تأثير السياسات والإجراءات الحاصلة على قضايا المجتمع العربي الفلسطيني، حيث يغيب موضوع الاحتلال، والتمييز العنصري، وتغيب عمليات القمع ضد المواطنين العرب.
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذا ما يجعل المواطن العربي بالداخل الإسرائيلي يشعر بالغربة إزاء هذه التظاهرات، ولكن رغم ذلك هناك حضور بدأ يتسع في الأسابيع الأخيرة، خاصة مع بدء تشكل نوع من الجسم الخاص داخل التظاهرات لطرح فكرة الاحتلال والفوقية العنصرية الإسرائيلية، وهو ما قد يؤثر على نسب المشاركة هذه".
صحيفة عبرية: مظاهرات في 150 موقعا في أنحاء إسرائيل ضد نتنياهو
واستبعدت توما أن تصل هذه التظاهرات بمفردها إلى إٍسقاط حكومة نتنياهو، لكنها تكسب المعارضة الوقت لإدارة المعركة داخل الكنيست، حول التغييرات والقوانين التي يريدون تمريرها، حيث باتت اللعبة الآن أكثر في محاولة اكتساب الوقت وإثارة الرأي العام الإسرائيلي والدولي تجاه ما يجري.
وأكدت أن الرأي العام قد يشكل ضغطًا، حيث أن خروج المعارضة للشارع يجذب الاهتمام الدولي ناحية ما يجري داخل إسرائيل، حيث بدأ البنك الدولي في الأسابيع الأخيرة تخفيض الدعم الاقتصادي لحكومة نتنياهو وكذلك أصحاب رؤوس الأموال الذين يترددون في سحب استثماراتهم من إسرائيل، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي الآن من هذه الاحتجاجات اكتساب الوقت داخليًا، وتحريك الرأي العام العالمي ليشكل ضغطا على الحكومة الإسرائيلية

تراجع المشاركة

في السياق، قال محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، إن عرب فلسطينيي الداخل لا يتغيبون بشكل كلي عن التظاهرات التي تعم شوارع إسرائيل، ضد بنيامين نتنياهو وحكومته، والإجراءات التي ينوي القيام بها ضد القضاء، لكنهم متواجدون بأعداد أقل من المتوقع.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك":
هذه المشاركة الضعيفة تعود لعدة اعتبارات، منها أن التظاهرات الحالية لا تحمل الشعارات التي يرجوها العرب بالداخل الإسرائيلي، كما أنهم ينظمون عدة وقفات احتجاجية في المدن والقرى العربية بشمال وجنوب البلاد.
وتابع: "هذا لا يعني أننا ندعم ونؤيد التظاهرات القوية التي تقوم بها أوساط جماهرية وحزبية مختلفة في إسرائيل، ضد ما يسمى بالثورة القضائية التي ينوي نتنياهو ووزير قضائه تنفيذها، ونحن نرفض كليًا هذه الإجراءات التي تستهدف القضاء والمحكمة العليا الإسرائيلية".
وأكد أن الحضور العربي قليل إذا ما قورن بالأعداد الكبيرة المشاركة في التظاهرات القائمة، بيد أن التضامن العربي مع هذه الاحتجاجات موجود وقوي، حيث يؤيدون كل هذه التحركات، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف الوقوف أمام سياسات حكومة نتنياهو المتطرفة.

تقليل التحريض

بدوره قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة "فتح"، إن "عرب فلسطين في الداخل الإسرائيلي شاركوا في الكثير من التظاهرات ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بيد أن السنتين الماضيين قل الظهور العربي في مثل هذه الاحتجاجات والتظاهرات".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تراجع المشاركة العربية في التظاهرات بالداخل الإسرائيلي الفترة الأخيرة، جاء بعد نصائح من قوى المعارضة الإسرائيلية، من أجل تقليل التحريض على عرب الداخل، خاصة أن شركاء نتنياهو يعتبرون العرب مادة مهمة للتحريض ضدهم.
ويرى الرقب أن المشاركة العربية في التظاهرات الإسرائيلية ضرورية رغم القناعات بأن هذه الاحتجاجات لن تسقط نتنياهو، ومن سيسقط حكومته الحالية هي الأزمات داخل الحكومة نفسها، ولكن الضغط مهم من أجل إحداث الإرباك والتوتر.
قائمة ثالثة... هل تدفع الخلافات إلى تفكك القائمة المشتركة وما تأثيرها على حضور العرب في الكنيست؟
ويسود قلق كبير في البنك المركزي الإسرائيلي حيال تأثر محتمل للمستثمرين الأجانب من خطة إضعاف جهاز القضاء التي يدفعها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ويتمثل التخوف الأكبر لدى "بنك إسرائيل" من إمكانية سحب هؤلاء المستثمرين الأموال بشكل سريع، ما سيؤدي إلى "زعزعة الأسواق المالية".
وانخفضت قيمة أسهم البنوك الإسرائيلية بشكل حاد، يوم الأحد الماضي، في أعقاب أقوال مدير عام بنك "هبوعاليم" دوف كوتلر، خلال اجتماع رجال أعمال ومدراء بنوك مع نتنياهو، في يوم الجمعة الذي سبقه، حول سحب ودائع من البنوك.
وتبين من تقارير البنوك أنه، خلال الأسبوع الماضي، كان هناك اهتمام أكبر من جانب زبائن بسحب ودائع، وذلك في أعقاب احتجاجات على خطة إضعاف جهاز القضاء، وخاصة العريضة التي وقع عليها أكثر من 300 من كبار الخبراء الاقتصاديين، وتحذير محافظي بنك إسرائيل السابقين، البروفيسور يعقوب فرانكل، والبروفيسور كارنيت بلوغ، من سحب شركة الهايتك "بابايا" وصندوق الاستثمارات "ديسربارتيف" أموالهما ونقلها إلى خارج إسرائيل، وكذلك تحذير شركة تدريج الائتمان "ستاندرد أند بورس" من أن التدريج الائتماني لإسرائيل قد يتضرر بسبب خطة إضعاف جهاز القضاء.
وأعلن وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، عن خطته لإصلاح جهاز القضاء والتي وصفتها المعارضة بـ"الانقلاب" فيما دافع نتنياهو عنها بالقول، إنها "تهدف لإعادة التوازن بين السلطات".
وتهدف خطة ليفين المثيرة للجدل، إلى سيطرة الحكومة على لجنة تعيين القضاة والحد من سلطات وصلاحيات المحكمة العليا.
مناقشة