وسط ارتفاع معدلات البطالة... ما أسباب انخفاض مشاركة الأردنيات في سوق العمل؟

وسط توجيهات ملكية وحكومية بزيادة فرص تمكين المرأة، ودمجها في المجتمع، كشف تقرير أعدته وزارة العمل الأردنية عن انخفاض معدلات مشاركة النساء في سوق العمل.
Sputnik
التقرير الحكومي قال إن أبرز أسباب هذا الانخفاض يرجع إلى تدني مستوى الرواتب للمرأة، وأسباب أخرى تعود لبيئة العمل، وعدم توافر الخدمات المساندة كالحضانات، ووسائل النقل، والنظرة الاجتماعية لعمل المرأة، واضطرار المرأة لترك العمل في مراحل معينة تتطلبها ظروف الحياة الأسرية والمنزلية، لا سيما إذا لم تكن متمكنة أو قادرة على التوفيق بين الأعمال الوظيفية والمنزلية، وفقا لصحيفة الغد الأردنية.
سمحت لهن بالعمل ليلا وجرمت التحرش... هل أنصفت تعديلات قانون العمل المرأة الأردنية؟
وبحسب التقرير، الضغوطات الوظيفية وطول أوقات العمل في بعض القطاعات والمنشآت والمؤسسات، إلى جانب نظرة عدد من أرباب العمل في عدم توظيف المرأة المتزوجة أو المقبلة على الزواج، من أهم الأسباب أيضا لانخفاض مشاركة المرأة في سوق العمل.
وطرح البعض تساؤلات عن دوافع المرأة لترك العمل، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع معدلات الفقر والباطلة، والحلول المطلوبة.
أسباب وحلول
اعتبر حمادة أبو نجمة أمين عام وزارة العمل الأردنية السابق، مدير عام المركز الأردني لحقوق العمل، أن من أهم أسباب ضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية الفجوة بين التعليم وفرص العمل وخيارات الطلبة في التعليم الجامعي بشكل خاص، حيث تتجه خيارات الإناث نحو تخصصات التعليم والصحة والخدمات الإدارية، ما يعني وجود نمطية نابعة من نظرة المجتمع للأنثى بأنها لا تصلح للعمل إلا في هذه المجالات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الجامعات لا تنسق مع القطاع الخاص رغم أنه الإطار الأوسع لتوفير فرص العمل، مؤكدا على أهمية توجه الجامعات إلى الاهتمام باحتياجات القطاع الخاص وتأهيل الطلبة ببرامج تلبي هذه الاحتياجات.
وأشار بهذا الخصوص إلى بلوغ نسب الجامعيات المتعطلات عن العمل نسبة عالية حيث بلغت لدى الإناث نحو 80%، عازيا ذلك إلى أن كثيرا من الأسر تفضل عمل الإناث في القطاع الحكومي، بسبب ساعات العمل المتوسطة والشعور بالأمان والاستقرار الوظيفي، وهذا يؤثر على نسبة التشغيل.
قرار أردني جديد بشأن القطاعين العام والخاص
ولفت إلى سبب آخر يتمثل بعدم توفر الشروط الجاذبة للعمل، كساعات العمل الطويلة، والأجور المنخفضة، وظروف العمل الصعبة، وغياب الاستقرار الوظيفي، مشيرا إلى أهمية ربط التدريب بفرص عمل حقيقية وجاذبة، حيث أن نسبة التدريب حاليا لا تتجاوز 6 بالمئة من المواطنين، مع التركيز على التعليم التقني والتكنولوجي بحيث يراعي فرص العمل المستحدثة في التكنولوجيا الحديثة.
وذكر أبو نجمة بأن رؤية التحديث الاقتصادي تحدثت عن توليد فرص عمل جديدة بما يقارب 100 ألف فرصة سنويا على مدار عشر سنوات قادمة، لافتا إلى دخول 130 ألف باحث عن العمل في السوق سنويا، بينما ما يوفره سوق العمل حاليا هو 35 ألف فرصة عمل فقط سنويا، ما يعني أن تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي يتطلب ثورة في مجال الاقتصاد والصناعة والخدمات من خلال استثمارات على نطاق واسع، خاصة في القطاع الخاص، لأن القطاع العام لا يوفر سوى 8 آلاف فرصة عمل سنويا.
وفيما يخص الفجوة في الأجور بين الذكور والإناث قال أبو نجمة، إن هذا الأمر يؤثر سلبا على إمكانيات زيادة مشاركة المرأة الاقتصادية، وأن المعالجة يجب أن تكون أولا تشريعية من خلال وضع نصوص قانونية تلزم المساواة في الأجور، بالإضافة إلى ضرورة توجيه أصحاب العمل بالتعاون مع المنظمات ونقابات العمال وغرف الصناعة والتجارة، بأهمية المساواة في الأجور لانعكاسها ايجابا على صاحب العمل نفسه.
قطاعات غير المنظمة
بدورها شككت الدكتورة صباح الشعار، النائبة السابقة بمجلس النواب الأردني، بالنسب والأرقام التي جاءت في تقرير وزارة العمل حول تدني مشاركة المرأة في سوق العمل، وذلك لوجود آلاف النساء العاملات في قطاعات العمل غير المنظم، مؤكدة أن التقرير فقد الكثير من الشمولية في إظهار مشاركة المرأة في العمل غير المنظم.
الأوقاف الكويتية تدخل على خط أزمة عمل المرأة في البلاد وتحدد شروطها
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، النساء بسوق العمل غير المنظم غير مشتركات في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لتدني أجورهن عن الحد الأدنى الذي جاء في قانون العمل الأردني، حيث تقوم مئات المؤسسات بمحاولة الهروب من إخضاع العاملات لديها في مؤسسة الضمان الاجتماعي للهروب من الرواتب العالية.
واعتبرت الشعار أن هذا العمل مخالف للقوانين والأنظمة الدولية، حيث يستغل حاجة المرأة في ظل تدني مستوى المعيشة جراء جائحة كورونا وتراجع الاقتصاد العالمي.
وأكدت البرلمانية السابقة على ضرورة تعزيز الحوكمة المستجيبة للنوع الاجتماعي لضمان تعزيز قدرة النساء للوصول إلى عمل ودخل لائق لتحقيق الرفاهية الاجتماعية، وتعزيز التشريعات والقوانين المتعلقة بقانون العمل الأردني لحماية المرأة من الاستغلال، مشددة على ضرورة إيجاد بيئة آمنة في العمل من خلال إنشاء الحضانات في القطاعين العام والخاص لضمان مشاركة المرأة بالعمل الاقتصادي.
وبحسب التقرير الحكومي، فإنه من أهم الحلول المقترحة لتحفيز المرأة للدخول إلى سوق العمل، هو العمل على تحسين مستوى الرواتب عموما وللإناث خصوصا، والمساواة في الأجور، وأن تكون الكفاءة والجدارة والاعتبارات الموضوعية أساس التعيينات والترقيات، بالإضافة إلى زيادة نسب الاشتمال المالي للمرأة، بما فيها الخدمات المالية الرقمية، وزيادة التوعية الإعلامية والتثقيفية حول مدى تطوير المرأة وتشجيعها على الإقبال على التعليم وبرامج التدريب، وزيادة التوعية والتوجيه والإرشاد المجتمعي حول مدى أهمية تشجيع المرأة على العمل وتعزيز مشاركتها الاقتصادية.
مناقشة