تعليق إضراب المصارف... هل يحد من الأزمة المالية في لبنان؟

وسط تفاقم الأزمات المالية والانهيار الاقتصادي في لبنان، أعلنت جمعية المصارف، أن بنوك البلاد ستعلق إضرابها لمدة أسبوع بناء على طلب من نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال، وذلك بعد أيام من تحركه ضد قاضية تحقق في عمل المؤسسات المالية.
Sputnik
وقالت الجمعية إنها قررت وقف الإضراب "بناء على تمني رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي" حتى يتسنى للمودعين الحصول على الخدمات المصرفية، وفقا لـ"سكاي نيوز".
ميقاتي عن مداهمة قوة أمن الدولة مصرف لبنان بحثا عن حاكمه: تعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه
وتحرك ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي لعرقلة عمل القاضية غادة عون التي تجري تحقيقا في القطاع المالي منذ انهياره في 2019، ووجه ميقاتي خطابا إلى مولوي طلب فيه من القوات الأمنية "اتخاذ تدابير تنفيذية لوقف تجاوز حد السلطة" من قبل القاضية غادة عون.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية هذه الخطوة، وإمكانية مساهمة تعليق إضراب البنوك والمصارف إلى حلحلة الأزمة المالية في البلاد.
خسائر المصارف
اعتبر عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن الأزمة المالية في بلاده لها جذورها وعواملها، وأن ما يحصل في المصارف اليوم هو نتيجة هذه الأزمة والتي تتعلق بعوامل متشعبة ومتفرقة منها السياسي وموقع لبنان في الصراع القائم في المنطقة، سواء كان بالموضوع الإسرائيلي، أو السوري، أو الموضوع الخليجي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك الكثير من العوامل التي أدت إلى هذه الأزمة الكبيرة، ومنها الاقتصادي والخيار الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة منذ ما بعد اتفاق الطائف والذهاب بلبنان نحو النظام الريعي وعدم تحفيز القطاعات الاقتصادية المنتجة، ولا سيما الزراعي والصناعي.
وتابع: "ومنها كذلك النقدي والسياسات التي اعتمدها حاكم مصرف لبنان، ولا سيما سياسة تثبيت سعر الصرف الرسمي والذي أدى إلى دعم الحياة الاقتصادية لكل العائلات اللبنانية على حساب المودعين، ما تسبب في انفجار الأوضاع في نهاية عام 2019، وبرز على صورة أزمة مصرفية كبيرة لم تشهدها بنتائجها الحالية أي أزمة سابقة في العالم بسبب النظام السياسي التعطيلي والفاسد".
ويرى أن بسبب هذه الأمور، لن يكون لتعليق إضراب المصارف الأثر الكبير على المجريات الاقتصادية كونه لن يعالج أي عامل من هذه العوامل، حتى أنه لن يخفف من وطأة هذه العوامل، مشيرًا إلى أن المصارف تعلم جيدا أن لا يمكنها الاستمرار في الإضراب لأن ذلك سيؤدي بها في النهاية إلى الإقفال التام والدائم، وبذلك سيخسر المساهمين ما يمكن أن يتبقى لهم من حصص في هذا المصارف، وسيجد مصرف لبنان نفسه مضطرا إلى أن يضع يده عليها ويعين مديرا لكل بنك حتى لا تقع في الإفلاس، وقد فعلها سابقا لبعض البنوك.
إخلاء سبيل شقيق حاكم مصرف لبنان بكفالة قدرها 100 مليار ليرة
وأوضح أن هذه الأسباب دفعتها إلى التراجع وتعليق الإضراب، وإن كان يمكنها أن تلجأ إلى الإضراب مجددا، بنفس الحجة السابقة، لكن بالتأكيد لن يكون مفتوحا لأنها ستزيد من خسائرها، وستخسر بعض الأرباح التي تحققها اليوم سواء عبر منصة صيرفة أو عبر العمولات التي تتقاضاها من المودعين.
حل شامل
من جانبه، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن الوضع المالي في لبنان معقد ويتفاقم بشدة، لذلك لا يمكن أن ينتظر اللبنانيون تحسين الوضع المالي، إذا لم يكن هناك خطة شاملة وبعيدة الأمد تستطيع أن تحل كل المشاكل المالية والاقتصادية المعقدة وإجراء إصلاحات جذرية على الوضع الاقتصادي والسياسي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إجراء وقف إضراب المصارف لمدة أسبوع هو نوع من الاتفاق المرحلي من أجل إيجاد حلول للمشاكل العالقة ما بين القضاء وجمعية المصارف، ما دفع إلى إعطاء رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي فرصة لإيجاد هذا الحل.
ويرى أبو زيد أن هذه الخطوة تبحث في حل مؤقت لا حل جذري وشامل ودائم، وهذا التوقف المشروط لمدة أسبوع يأتي من أجل إيجاد حل مرحلي وآني للمسألة العالقة، لكنه استبعد أن تؤدي الخطوة إلى تحسين بشكل عام أو حل للمشاكل الأساسية، لأن الأمور تحتاج إلى بلورة رؤية شاملة وهي غير متوفرة حتى الآن.
ومنذ أسبوعين، دخلت المصارف الخاصة في إضراب مفتوح احتجاجا على الدعاوى القضائية التي ترفعها القاضية غادة عون ضد عدد منها.
مناقشة