بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن حقوق الإنسان

متظاهرون يحملون لافتات كتب عليها "لا لانتهاك حقوق الإنسان ضد المهاجرين واللاجئين في ليبيا" خلال مظاهرة ضد مذكرة التفاهم الإيطالية الليبية في روما، 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
أعربت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، اليوم الاثنين، عن قلقها العميق إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد.
Sputnik
وخلصت في تقريرها النهائي، الذي حصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، إلى "وجود أسباب معقولة للاعتقاد بارتكاب الدولة والقوات الأمنية والميليشيات المسلحة، مجموعة واسعة من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب".
وقالت: "أظهرت تحقيقات البعثة الجهود الواسعة النطاق التي تبذلها السلطات لقمع المعارضة من قبل المجتمع المدني، ووثقت العديد من حالات الاعتقال التعسفي والقتل والاغتصاب والاسترقاق، والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري".
وذكرت البعثة:

أن "جميع الناجين الذين قابلتهم تقريبا امتنعوا عن تقديم شكاوى رسمية، خوفا من الانتقام والاعتقال والابتزاز، ونظرا لانعدام الثقة في نظام العدالة".

وأضافت أنه "تم استهداف المهاجرين على وجه الخصوص، وتشير أدلة دامغة إلى تعرضهم للتعذيب المنهجي، وأن هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن الاستعباد الجنسي، الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية، قد ارتُكب ضد المهاجرين".
الأمم المتحدة: يتعين على ليبيا اتخاذ خطوات حاسمة ضد انتهاكات حقوق الإنسان
وقال رئيس البعثة، محمد أوجار:

"هناك حاجة ملحّة للمساءلة لإنهاء هذا الإفلات من العقاب المتفشي، ونحن ندعو السلطات الليبية إلى وضع خطة عمل لحقوق الإنسان، وخارطة طريق شاملة تركز على الضحايا لتحقيق العدالة الانتقالية دون تأخير، ومحاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان".

وتابع: "إن الحكومة الليبية ملزمة بالتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم في المناطق الخاضعة لسيطرتها وفقا للمعايير الدولية"، لكن بحسب التقرير: " تستمر ممارسات وأنماط الانتهاكات الجسيمة بلا انقطاع، ولا يوجد دليل يُذكر على اتّخاذ خطوات مُجدية للحد من هذا المسار المثير للقلق، وتقديم سبل الانتصاف إلى الضحايا".
وتوصلت تحقيقات بعثة تقصي الحقائق في ليبيا إلى أن "السلطات الليبية، ولا سيما الأجهزة الأمنية، تُقيّد الحق في التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير وحرية المعتقد، وذلك من أجل ضمان الطاعة، وترسيخ القيم والمعايير التي تخدم مصالح شخصية، والمعاقبة على انتقاد السلطات وقياداتها".
وأفاد التقرير كذلك:

"ساهمت الهجمات ضد فئات معينة، ومنهم المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء في مجال حقوق المرأة والصحفيين وجمعيات المجتمع المدني، في خلق جو من الخوف دفع الناس إلى ممارسة الرقابة الذاتية أو الاختباء أو الاغتراب، في وقت كان من الضروري فيه خلق جو يساعد على إجراء انتخابات حرة وعادلة لليبيين، لممارسة حقهم في تقرير المصير واختيار حكومة تمثلهم لإدارة البلاد".

ويضيف التقرير أن "تهريب المهاجرين المستضعفين واستعبادهم، وعملهم القسري وسجنهم وابتزازهم يدرّ عائدات كبيرة للأفراد والجماعات ومؤسسات الدولة، ويحفز على استمرار الانتهاكات".
ويرى أن "ثمة أسباب معقولة للاعتقاد بتعرض المهاجرين للاستعباد في مراكز احتجاز رسمية وفي "سجون سرية"، فضلا عن ارتكاب الاغتصاب الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية".
"حقوق الإنسان" في ليبيا تصدر بيانا حول تصاعد حوداث السطو المسلح
وفي سياق الاحتجاز، وجدت البعثة بحسب تقريرها النهائي، أن "سلطات الدولة والكيانات التابعة لها، بما في ذلك جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والقوات المسلحة العربية الليبية، وجهاز الأمن الداخلي، وجهاز دعم الاستقرار، بالإضافة إلى قياداتها، شاركت مرارا وتكرارا في الانتهاكات والتجاوزات، ومن أجل تعزيز المساءلة، ستشارك بعثة تقصي الحقائق مع المحكمة الجنائية الدولية، وفقا لمعايير التعاون الدولي في المسائل الجنائية وبموجب الاتفاق الخاصّ بالعلاقة بين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، الموادَ والنتائج ذات الصلة التي جمعتها البعثة خلال ولايتها، فضلًا عن قائمة الأفراد الذين حددتهم على أنهم الجناة المحتملون لانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية".
وتابعت أن "المحتجزين تعرضوا بانتظام للتعذيب والسجن الانفرادي، وتم منعهم من الاتصال بالعالم الخارجي، وحُرموا من المياه، والطعام، والمراحيض، والمرافق الصحية، والإنارة، والتمرين، والرعاية الطبية، والاستشارة القانونية، والتواصل مع أفراد الأسرة".

و"تشير الأرقام الصادرة عن الحكومة إلى أن العدد الرسمي للمحتجزين يبلغ 18523، في حين أن الأدلة التي جمعتها البعثة رجّحت أن يكون العدد الفعلي للأفراد المحتجزين تعسفيًا أعلى من ذلك بكثير"، بحسب التقرير.

وذكر التقرير تعرّض النساء للتمييز المنهجي في ليبيا، وخلص إلى تدهور وضعهن بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية، لافتا في هذا السياق إلى أن "الاختفاء القسري للنائبة سهام سرقيوة، وقتل حنان البرعصي، يشكل مصدر قلق لبعثة تقصي الحقائق، وكرر خبراء البعثة دعوتهم للسلطات في بنغازي للتحقيق الكافي في هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها".
ودعت البعثة مجلس حقوق الإنسان إلى "إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة ومزوَّدة بموارد كافية، كما أنها دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى إنشاء آلية منفصلة ومستقلة بولاية مستمرة لرصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا والإبلاغ عنها "في سبيل دعم جهود المصالحة الليبية، ومساعدة السلطات الليبية على تحقيق العدالة الانتقالية والمساءلة".
حقوق الإنسان في ليبيا: رجال الإسعاف يتعرضون للاستهداف في طرابلس
وأنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بعثة تقصي الحقائق في يونيو/ حزيران 2020، للتحقيق في انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، التي ترتكبها جميع الأطراف منذ بداية عام 2016، بهدف منع المزيد من التدهور في حالة حقوق الإنسان وضمان المساءلة.
ومنذ ذلك الحين، نفذت بعثة تقصي الحقائق 13 مهمة ميدانية، وأجرت أكثر من 400 مقابلة، وجمعت أكثر من 2800 عنصر منفصل من المعلومات، بما في ذلك الصور الفوتوغرافية والتسجيلات السمعية والبصرية.
وأشار تقرير البعثة: " تنتهي ولاية البعثة فيما يتدهور وضع حقوق الإنسان في ليبيا، وتنشأ سلطات موازية تابعة للدولة، وما زالت الإصلاحات التشريعية والتنفيذية والأمنية اللازمة لتعزيز سيادة القانون وتوحيد البلد أبعد ما يكون عن التحقيق. وفي هذا السياق الاستقطابي، تبقى الجماعات المسلحة المتورطة في مزاعم التعذيب والاحتجاز التعسفي والاتجار والعنف الجنسي خارج إطار المساءلة".
مناقشة