خبراء عن قانون "ضم المحميات الفلسطينية": يعزز الاستيطان ويدمر المسار السياسي

وسط مخاوف من نسف المسار السياسي، والقضاء على حل الدولتين، حذرت الحكومة الفلسطينية من مشروع قانون تناقشه "اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع"، لضم وفرض السيطرة على المحميات والحدائق الفلسطينية في الضفة الغربية.
Sputnik
وقال وزير الزراعة الفلسطيني، رياض عطاري، في بيان له، إن المشروع يأتي في سياق الاستمرار في خطة الضم الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وفي خضم محاولات السيطرة على المحميات الطبيعية الفلسطينية والتي تبلغ مساحتها نصف مليون دونم.
إسرائيل ترفض ضغوطا غربية لمنع تمرير قانون يحد من المساعدات الدولية للفلسطينيين
وأكد أنها "تهدف إلى مزيد من مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، وإغلاق للمراعي، وتعزيز للاستيطان الرعوي الإسرائيلي، ضمن ممارسات عملية لتهجير التجمعات السكانية والبدوية والخرب، وتدمير للموارد الطبيعية ولقطاع الزراعة الفلسطيني، للوصول إلى هجرة طوعية للأرض الفلسطينية من أصحابها"، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
إحلال وسيطرة

اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن مشروع ضم المحميات والحدائق الفلسطينية إلى سيطرة الاحتلال الإسرائيلي مشروع استعماري صهيوني قديم بدأ منذ الاحتلال الصهيوني للضفة الفلسطينية عام 1967، حيث تعرضت الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديدا في القدس ومدن الضفة للكثير من مشروعات المصادرة والنهب والسيطرة والاستيطان.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هناك الكثير من القوانين العنصرية الإحلالية والاستيطانية في الأرض المحتلة التي أقرتها حكومات الاحتلال المتعاقبة، مؤكدًا أن "الحكومة اليمينية الصهيونية التي تحكم تل أبيب تضرب بعرض الحائط كل القرارات والاتفاقيات الدولية التي تخص الأراضي المحتلة، وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي 2334 الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2016، والذي يعتبر كافة الإجراءات الصهيونية الاحتلالية بالضم والمصادرة والتغيرات الديمغرافية والاستيطان وغيرها من أعمال من شأنها تغيير معالم الهوية العربية الفلسطينية في الأرضي المحتلة باطلة".
للمرة الثانية في تاريخها.. الحكومة الإسرائيلية تجتمع أسفل المسجد الأقصى لتعزيز الاستيطان... صور
ويرى شعث أن "القرار الإسرائيلي محاولة بائسة لإنهاء الحلم العربي الفلسطيني بكنس الاحتلال عن كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل أراضيها"، مشيرًا إلى أن حكومة رئيس الوزراء بنيامبن نتنياهو الحالية أثارت الجدل والفتنة والفرقة في أوساط المجتمع الصهيوني وبسببها حدثت اضطرابات داخلية عنيفة فيما بينهم.
وأوضح أن هناك فشلا ذريعا في إدارتها لعلاقاتها الدولية والإقليمية، وكذلك اتفاقيات التطبيع التي باتت بلا جدوى منها، بينما تنشغل إدارة واشنطن عنها بمصالحها وأزماتها الاقتصادية والدولية، وهذا يجعلها تنفلت وتزداد عدوانية وتطرفا ضد الشعب الفلسطيني بهدف إشعال النار ودوامة العنف ما يعيد توحيد جبهتهم الداخلية ضد الشعب الفلسطيني.
ولفت السياسي الفلسطيني إلى أن كل محاولات الاحتلال وإجراءاته التهويدية وقوانينه العنصرية باطلة ومرفوضة رفضا باتا وقطعيا بموجب القانون الدولي، وأن الشعب الفلسطيني سيواصل صموده وتصديه المباشر لهذا الاحتلال واستيطانه بكافة الوسائل المشروعة والمتاحة، مطالبا الفصائل والقيادة الفلسطينية بضرورة شحذ الهمم نحو المصالحة والوحدة الوطنية.
تدمير المسار السياسي
في السياق، اعتبر زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، أن "مشروع ضم المحميات الطبيعية في فلسطين لإسرائيل من أخطر المشاريع التهويدية التي يروج الاحتلال لها حاليًا، ويعكس العقلية المتطرفة التي تقود حكومة الاحتلال الصهيونية على رأسها نتنياهو وبن غفير وسموتريتش وغلاة المستوطنين الذين يتصدرون المشهد السياسي في إسرائيل حاليًا".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الاحتلال الإسرائيلي يستغل ويستثمر في موضوع المحميات الموجودة على أراضي فلسطين منذ احتلال الضفة الغربية في عام 1967، لا سيما وأن هذه المحميات تغطي مساحات واسعة جدًا، وتأتي على نحو نصف مليون دونم بما يعادل 9% من أراضي فلسطين.
مندوب فلسطين الدائم في الجامعة العربية لـ"سبوتنيك": قرارات قمة جدة إنجاز كبير للقضية
وأوضح أن وزارة الدفاع الإسرائيلية ومن خلال الحاكم العسكري للضفة الغربية أصدرت العديد من القرارات التي تعطي هذا الحاكم صلاحيات للإعلان عن مناطق وأراضي معينة كمحميات طبيعية، وإعطائه حق توسيعها، وعادة تكون حول المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة الغربية.
وتابع: "في عام 1994، وبعد الإعلان عن اتفاق أوسلو قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بمصادرة 12 ألف دونم لصالح ما يعرف بالمحميات الطبيعية بقرار من الحاكم العسكري الإسرائيلي وقتها، وفي عام 2020 أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت قرارا بإنشاء 7 محيمات طبيعية بالإضافة لتوسيع 12 محمية أخرى لصالح المستوطنات وتخدم المستوطنين في داخل الأراضي الفلسطينية".
ويرى الأيوبي أن هذا المشروع ومحاولة ضم هذه الأراضي وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، يعني تدميرًا لحل الدولتين وتقويض لأي جهود سياسية تبذل من قبل المجتمع الدولي، والإدارة الأمريكية، والقوى الفاعلة في هذا الملف، وإدارة ظهر إسرائيلية واضحة للحقوق الفلسطينية، مما ينبئ وينذر باستمرار التصعيد للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأراضيه.
وأشار إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي تحركا جادا تجاه حماية الشعب الفلسطيني وأراضيه، خاصة وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تستغل استراتيجية ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي خاصة بعض القوى الأمريكية وأمريكا من أجل تمرير الاستيطان وتكريسه في الضفة وفرض أمر واقع يمنع أي حل سياسي مستقبلا مع الشعب الفلسطيني، ويحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأقر الكنيست الإسرائيلي موازنة 2023-2024، بموافقة 64 عضوا ومعارضة 56 والتي تبلغ قيمتها 131 مليار دولار للعام الحالي، و139 مليارا للعام المقبل، وخصصت مبالغ كبيرة للمعاهد والمدارس الدينية والمستوطنين، إذ نصت على تخصيص مئات الملايين من الدولارات لإقامة مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
مناقشة