غياب الخطط الاستراتيجية يفاقم الوضع الاقتصادي في ليبيا

تشهد ليبيا ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع والمواد الغذائية وزيادة مستمرة مع غياب الخطط الاستراتيجية التي تحول أو تحدّ من هذا الارتفاع الكبير، حسب ما وصفه الخبراء الاقتصاديون.
Sputnik
وفي تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أوضح رئيس الغرفة الليبية المصرية المشتركة إبراهيم الجراري، أن الأسعار في ليبيا أصبحت مرتفعة بشكل كبير، وهنا لا يقع اللوم على الموردين والتجار، ولكن يقع اللوم في مصرف ليبيا المركزي، ويرجع ذلك لسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وغياب الاعتمادات واحتكارها على أشخاص معينين.
وأوضح بأن التجار يعانون من عدم النظر في طلبات الاعتماد التي تقدموا بها للمصرف المركزي، والتي تجاوزت مدة الشهرين والثلاثة أشهر دون رد رسمي من المركزي لتبرير ذلك.

سياسة الاحتكار

ولفت الجراري أن أغلب التجار والموردين أصبحوا يستوردون بأسعار الصرف في السوق الموازي وبالتالي سبّب هذا الأمر ارتفاعا في الأسعار في البلاد.
وأضاف الجراري بأنه أصبح هناك فرق كبير في الأسعار بين شرق البلاد وغربها بسبب حصول التجار في غرب ليبيا على اعتمادات بسعر الصرف الرسمي، والتجار في شرق ليبيا يعتمدون في التوريدات على أسعار الصرف في السوق الموازي، وبالتالي أصبح هناك فرق كبير وارتفاع في الأسعار، وبالتالي فإن المصرف المركزي يجب يعيد النظر في ذلك.
وقال لا يمكن التحكم في ظاهرة ارتفاع الأسعار، طالما أن هناك غياب حقيقي لرؤية المركزي في توزيع الاعتمادات على التجار، وشدد على ضرورة قيام المصرف المركزي بمنح الاعتمادات بشكل مباشر، ويقوم بمراقبة التجار وتقوم مراقبة الاقتصاد بمراقبة الأسعار ووضع آلية لتحديد التسعيرة.
خلافات بين محافظ المصرف المركزي الليبي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية تؤثر في الوضع الاقتصادي
وأكد أن هذا الأمر له تأثير كبير على المواطن الليبي الذي لا ينتظر أي انفراجة في الوقت الحالي حول موضوع ارتفاع الأسعار.
وشدد الجراري على ضرورة تفعيل صندوق موازنة الأسعار وتفعيل الجمعيات التي تقوم بتوزيع السلع على المواطنين بأسعار محددة، وهذا ما طالب به الغرفة المشتركة عدة مرات.
وأشار إلى خطورة قيام الدولة بتطبيق خطة رفع الدعم على المحروقات لأن هذا الأمر تكرر في رفع الدعم من السلع الأساسية الذي تسبب بخلل اقتصادي كبير في حياة المواطن الليبي.
وقال يجب على مجلس النواب الليبي ضرورة عقد جلسة طارئة بأن يتم إعادة النظر في تفعيل صندوق موازنة الأسعار حتى يتم استيراد السلع بشكل مدعوم وبسعر موحد توزع عن طريق الجمعيات الرسمية.
وفي هذا الإطار أشار المحلل الاقتصادي محمد درميش، إلى أن ليبيا وبالرغم من الظروف الراهنة التي تمر بها والانقسامات المؤسساتية لا يزال اقتصادها قوي وفي مستوى الممتاز، لأنه لا يعاني الشح في الموارد، وإنما يحتاج إلى إدارة ذات كفاءة عالية فقط للقضاء على التشوهات، وعدم تكرار القرارات العشوائية الغير مدروسة السابقة، وذلك من أجل تحقيق أعلى درجات الكفاءة والفاعلية والكفاية في الأداء.
خبير: الاقتصاد الليبي لم يعرف الاستقرار منذ 2011 ووجود دولة قوية هو الضمانة لاقتصاد طبيعي

غياب الإدارة المثلى

وأضاف درميش في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن ليبيا ومركزها المالي جيد جدا، يحتاج فقط إلى المحافظة عليه، والتركيز على عدم تكرار الأخطاء واستدراكها ومعالجة الانحرافات بطرق مدروسة، فعلى سبيل المثال هناك تداعيات ناجمة عن بعض القرارات العشوائية لسنة 2020، بالإضافة إلى تضخم أرقام الميزانية العامة، والضخم في أسعار السلع والخدمات.
وتابع فقدان بعض المشاريع الصغيرة عملها في السوق مما ناجم عليه فقدان بعض الأيدي العاملة، مما زاد من انخفاض فرص العمل وزيادة أرقام المرتبات المدفوعة من الخزينة العامة، وحاجة الدول إلى زيادتها لسد الفجوة وكذلك أزمة الإسكان، مع ملاحظة أن هناك بعض الآثار مازالت تداعياتها مؤثرة منها أزمة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية.
وقال إن انقسام المؤسسات وحالة عدم الاستقرار وإقفال النفط عدة مرات كل ما ذكر ما زالت آثارها واضحة على الاقتصاد الليبي، اليوم وفق ما سرد يجب على متخذي القرار عدم الدخول في مراهنات والتعامل مع جزئيات لحل مشكلة الدعم إلا من خلال خطط استراتيجية مدروسة مبينه على أساس حقيقة من خلال حكومة مستقرة .
ما هي خطط وبدائل رفع الدعم عن المحروقات في ليبيا

غياب الرقابة

ومن جانبه يرى المحلل والأكاديمي الليبي حمزة جبريل أن ارتفاع الأسعار هو التضخم المستمر لجميع أنواع السلع وزيادة الارتفاع مستمرة كل يوم، وأن هذا التضخم هو تضخم مستورد بسبب الأزمات التي تمر بها دول العالم، كل هذه الأزمات أدت إلى ارتفاع في أسعار السلع في بلد المنشأ، ووصلت هذه السلع وقام التجار برفعها حسب كلفتها.
وأضاف جبريل في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" يجب على السلطات الرسمية في الدولة أن تفعل الرقابة على أسعار صرف الدولار، ومراقبة المصرف المركزي في عملية منح الاعتمادات وكيف تتم عملة المنح، ويجب متابعة هذه الاعتمادات والتجار الذين قاموا بالتلاعب في عملية التوريد، وتفعيل دور الحرس البلدي ومراقبة الأسعار، وحماية الصناعات الوطنية الناشئة وحمايتها حتى تصبح سلع منافسة تؤدي إلى انخفاض السلع المستوردة من نفس الأصناف، وهذا أسلوب الدول المتقدمة.
وقال سوف يعاني المواطن الليبي من ارتفاع الأسعار، بسبب غياب الخطط الاستراتيجية في الدولة، وتحديدا في موضوع المحروقات، التي ترى بأنها تريد الحد من تهريب الوقود ولكن هنا ستقع الدولة في فخ رفع سعر الوقود، ويستفيد المهرب من ذلك لأن السعر لا يزال مدعوم حسب وصفه، وسوف تعاني الدولة من عدة جبهات منها محاربة الفساد والتهريب ومعاناة المواطن من حيثيات هذا الارتفاع، وبالتالي فإن المواطن سوف يرضى بسياسة الأمر الواقع التي فرضت عليه دون لا حول ولا قوة له.
مناقشة