ملف "مذبحة" أكتوبر 1961 بحق جزائريين يعود للواجهة... هل تعتذر فرنسا؟

عاد ملف "مذبحة " 17 أكتوبر /تشرين الأول 1961 في باريس، التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية بحق جزائريين للواجهة مرة أخرى، بعد مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية، على قرار يدين الجريمة.
Sputnik
وقتل خلال المذبحة ما بين 30 إلى أكثر من 200 متظاهر جزائري سلمي، وفق تقارير عدة، فيما تشير وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية إلى مقتل المئات.
أيد اقتراح القرار الذي تبنته الجمعية الوطنية الفرنسية 67 نائبا، حيث "يندد بالقمع الدامي والقاتل في حق الجزائريين، تحت سلطة مدير الشرطة موريس بابون في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961".
ما القصة؟
شهدت العاصمة الفرنسية في ليلة 17 أكتوبر 1961 مذبحة بحق أبرياء عزل، حيث قامت قوات الأمن بأمر من قائد الشرطة لمنطقة السين، موريس بابون، المدان سنة 1998 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بقمع مظاهرة سلمية دعت إليها فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني تنديدا بحظر التجوال المفروض على "مسلمي فرنسا الجزائريين" واستجاب لهذا النداء عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الجزائريين.
وأسفرت الاستهدافات التي تواصلت إلى ما بعد ليلة 17 أكتوبر برمي عشرات المتظاهرين في "نهر السين" بعد قتلهم رميا بالرصاص، وفق وكالة الأنباء الجزائرية.
فرنسا ترفع السرية عن أرشيفها الخاص بحرب الجزائر
ما الذي يعنيه القرار؟
في الإطار قال الدكتور محمد الأمين بلغيث، المؤرخ والأكاديمي الجزائري، إن نخب فرنسا منذ العهدة الأولى لحكم مانويل ماكرون وهم يتبادلون الأدوار، حيث أن نخب اليمين المتطرف يكيلون الشتائم للمهاجرين الجزائريين والعرب عامة، بل أن زعيمة اليمين المتطرف طالبت ببناء حائط شبيه بالحائط الذي يفصل الحدود الأمريكية عن الحدود المكسيكية.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الاقتراح جاء من السيدة صابرينا صبايحي، من حزب الخضر وبمساندة حزب الرئيس حزب النهضة، مع تأكيد السيدة صابرينا أن مشروع القرار أُعِدَ بمشاركة وحضور السيد الرئيس لاشتراطه عدم المساس بمؤسسات الدولة الفرنسية، وصادق على مشروع القرار 67 نائبًا ورفضه 11 نائبا".
ويرى أن توقيت القرار وفي هذه المرحلة يوحي بأن الدولة الفرنسية تريد فتح نافذة يطل منها وجه فرنسا المرتبط بـ" حقوق الإنسان ودولة العدالة والمساواة والديمقراطية"، وهي بذلك تمهد إلى زيارة أعلن عنها قصر ماتينيون والرئاسة الفرنسية، والجزائر مقبلة في الأشهر القليلة المقبلة على انتخابات مسبقة".
وأشار إلى أن الغائب دومًا في ما تبديه فرنسا في زمن ماكرون أنها لا تعتذر للجزائريين عن سياسة الإبادة الجماعية للسكان وتهجيرهم وطردهم وتوصيفهم بشتى النعوت.
ولفت إلى أن معركة باريس أو مجزرة محافظ الشرطة " موريس بابون"، تصنف ضمن جريمة دولة غير معترف بها ، من قبل فرنسا الرسمية ومجازر شاهدة على بشاعة الاستعمار الفرنسي.
وشدد على أن ن تجاهل الدولة الفرنسية الرئاسة والجمعية الوطنية والمؤسسات الفرنسية الدستورية لهذه الجريمة منذ مدة، تعيد الإشكال الأساسي، خاصة أن الجريمة وقعت خلال عهد الجمهورية الخامسة التي يؤرخ لها بالثامن والعشرين مايو/آيار 1958، أي عودة الجنرال ديغول إلى السلطة.
وزير الخارجية الجزائري يتذكر "أول تفجير نووي للاستعمار الفرنسي" في بلاده
أعداد الضحايا
وتابع "أما ضحايا مجزرة باريس أو معركة باريس 17 أكتوبر 1961م، فإن ضحاياها يتراوحون، ما بين 30 و300 ضحية، وتقدر فيدرالية الجزائريين بفرنسا أعداد ضحايا وشهداء معركة باريس خلال المظاهرات السلمية التي حدثت ليلة ويوم 17 أكتوبر بباريس سنة 1961، بنحو 400 ضحية، واعتقال وسجن ونفي وتعذيب ما لا يقل عن 15 ألف جزائري".
بشأن توقيت الاقتراح، يرى المؤرخ الجزائري، أنه عبارة عن مغازلة للجزائريين في هذه الفترة الحرجة التي كشفت فيها فرنسا عن وجهها النازي، مباشرة بعد طوفان الأقصى 07 أكتوبر 2023م".
وتابع " الرئيس الفرنسي يعلم حساسية القضية المركزية الفلسطينية في تاريخ الدولة الجزائرية، وخاصة بعد النشاط المفعم، الذي يقوم به نواب فرنسيون بالتنديد بمشاركة آلاف الفرنسيين مباشرة في الإبادة الجماعية للسكان التي تحدث على المباشر بغزة الصامدة"، وفق قوله.
ويرى "أن القرار هو شأن فرنسي أولا لترتيب أولوياتهم في تعاملهم مع تاريخهم، لكن الذي يعنينا نحن أصحاب القضية أن مجازر فرنسا وجرائمها ضد الإنسانية في الجزائر من 1830 إلى 1966م ستبقى شاهدة على همجية دولة تدعي حماية حقوق الإنسان، وهي كلها أساطير وخرافات كذبها رواد الفلسفة الاستعمارية الفرنسية لإفريقيا".
ماكرون يعترف بقتل المناضل الجزائري علي بومنجل ويؤكد أن الجيش الفرنسي عذبه
من ناحيته قال نبيل كحلوش، الباحث السياسي الجزائري، إن تبني البرلمان الفرنسي لاقتراح قرار التنديد، يعني استجابة للطلب الجزائري الرامي إلى جعل المسألة التاريخية في جوهر العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن فرنسا تجاهلت الاعتراف بالمجزرة، لعدة اعتبارات من أهمها تفادي المتابعات، وكذا لعدم إثقال ملفها التاريخي بمجازر داخل التراب الفرنسي، وكذا للحفاظ على صورتها المزيفة حول حقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة.
وأوضح أن طرح الملف في الوقت الراهن يعكس مؤشرين:
المؤشر الأول هو محاولة لتحصيل أكبر قدر من الرصيد الدبلوماسي للرئيس الجزائري قبل زيارته لفرنسا.
وثانيا، لوصول الطرفين إلى قناعة بأن حل الملف التاريخي في ظل صدام الحضارات اليوم، أمر لا مناص منه.
وفق "وكالة الأنباء الجزائرية" لم تكتف الإدارة الفرنسية حينها بأعمال القتل، بل قامت بتوقيف زهاء 15 ألف جزائري وجزائرية، خلال تلك الأحداث، تم تحويلهم إلى قصر الرياضات وحديقة المعارض وملعب "كوبيرتين" ليتم اعتقالهم في ظروف مأساوية.
مناقشة