مصدر أمني سوري: دعم عسكري أمريكي للهجمات المكثفة على القوافل والمدنيين في البادية
18:16 GMT 04.03.2023 (تم التحديث: 18:22 GMT 04.03.2023)
© Sputnik . Farouk Mudhi
تابعنا عبر
حصري
قال مصدر أمني سوري، اليوم السبت، إن الجيش الأمريكي يقدم دعما عسكريا لفلول مسلحي "داعش" ولمجموعات مسلحة أخرى للقيام بهجمات على المدنيين الذين يعملون على جمع الكمأة في البادية السورية.
وأضاف المصدر في تصريح لـ "سبوتنيك" أن الهجمات التي يشنها مسلحون تحت مسمى "داعش"، والتي صعدت من عملياتها أخيرا ضد المدنيين ورعاة الأغنام في البادية السورية، ومواقع الجيش السوري والقوافل التجارية التي تسلك طريق (حمص- دير الزور) و(حمص- الرقة)، تلقت تدريبات في القاعدة اللاشرعية "التنف"، التي يتخذها الجيش الأمريكي عند المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي.
وكشف المصدر أن العمليات الأخيرة التي شنها هؤلاء المسلحين تحت غطاء "داعش"، تلقت دعما عسكريا ولوجستيا من قاعدة "التنف".
وخلال الشهر الأخير، قتل العشرات وأصيب المئات من المدنيين السوريين أثناء قيامهم بالبحث عن ثمار الكمأة في مناطق متفرقة من البادية السورية المتصلة مع ما يسمى (منطقة الـ 55 كم) التي تتحلق حول قاعدة التنف التي يتخذها الجيش الأمريكي عند الحدود السورية الأردنية العراقية، في أرياف محافظات دير الزور وحمص وحماة والرقة.
حلقة طويلة من الاستهداف
وفي حلقة جديدة من الهجمات المتصاعدة التي يشنها "داعش" الإرهابي على المدنيين في المنطقة، فقد قتل شاب وفتاة، صباح اليوم السبت، في منطقة (عقيربات) شرقي محافظة حماة، جراء انفجار لغم من مخلفات تنظيم "داعش" بدراجتهم النارية أثناء عملهم في جمع الكمأة، بحسب ما أفاد به مراسل "سبوتنيك" هناك.
وأضاف المراسل: كما فقد الاتصال بمجموعة مدنيين في منطقة "دويزين" التابعة لناحية عقيربات شرق حماة وذلك أثناء عملهم على جمع مادة الكمأة.
وبحسب مقربين منهم تحدثوا لـ "سبوتنيك": "فقد الاتصال بهم، صباح يوم الجمعة، تزامنا مع سماع أصوات إطلاق نار كثيفة من محيط المنطقة التي كانوا يبحثون بها عن فطر الكمأة، وترجح المعطيات المتوافرة أن يكونوا قد تعرضوا لكمين نصبته خلايا تابعة لمسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي ولا توجد أي معلومات مؤكدة عن مصيرهم".
التنف... معسكر لتفريخ إرهابيين جدد
المصدر الأمني واصل حديثه لـ "سبوتنيك" بالقول: "خلال الآونة الأخيرة، كثرت الحوادث الأمنية في بادية حماة كانفجار الألغام والعبوات الناسفة من مخلفات تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى مهاجمة خلايا نائمة لمدنيين يعملون كرعاة أغنام أو في جمع الكمأة".
وألمح المصدر إلى أن القوات الأمريكية جاءت بقيادة جديدة للمسلحين الموالين لها في التنف، بعد تبرء السابقة من الهجمات على المدنيين في المنطقة، وخاصة أن المستهدفين ينتمون إلى قبائل ينتمي إليها المسلحون أنفسهم، وهو أمر محرج في عرف القبائل.
وكشف المصدر عن أن المعلومات المتاحة، تشير إلى أن الجيش الأمريكي، بدأ منذ أشهر قليلة بتدريب مجموعات مستقلة يتراوح أعداد أفرادها بين 40 و60 مسلحا، بعضها للالتحاق بجبهات القتال ضد الجيش الروسي في أوكرانيا، وبعضها الآخر لتنفذي عمليات أمنية جنوب سوريا (درعا والسويداء)، إلا أن المجموعات الأخيرة تم تحويلها مؤقتا إلى البادية السورية لتحقيق مجموعة من الأهداف.
ويضيف المصدر الأمني بأن قاعدة "التنف" بدأت تعتمد استراتيجية جديدة على ما يبدو، وتتلخص بـ (تعبئة الفراغ الإعلامي) الناجم عن تراجع عمليات تنظيم "داعش" خلال الأشهر الأخيرة تحت جراء الضربات المكثفة التي وجهها له الطيران السوري الروسي المشترك، بالإضافة إلى محاولة واشنطن إحياء مسار للمشاغلة الأمنية للدولة السورية في ظل خفض التوتر على حدودها الشمالية.
ويشير المصدر إلى أهداف سياسية أخرى تتطلع المخابرات الأمريكية لتحقيقها، ومنها الضغط على الميدان السوري لتقديم تنازلات لميلشيات حليفة لها شرقي سوريا، إلى جانب إشاعة الإنطباع بأن التفاهمات الإقليمية المحتملة مع تركيا لن تؤدي إلى خفض التصعيد في سوريا، ومن ثم سدّ الطريق أمام أي مطالبات دولية لانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من سوريا، عبر تكثيف حضور اسم "داعش" في الإعلام، وبالتالي تشريع بقاء قواتها هنا.
الجيش الأمريكي... استراتيجية جديدة
وأوضح المصدر أن جميع هذه المناطق التي تشهد أحداث أمنية هي مناطق غير آمنة ولم يتم السماح بعودة الأهالي إليها وذلك لخطورتها الأمنية نظرا لوجود مخلفات من تنظيم "داعش" في المنطقة وتكرار هجمات التنظيم على هذه المحاور.
وتابع المصدر: أرسل الجيش السوري تعزيزات عسكرية كبيرة للمنطقة، ويعمل على تمشيطها بشكل دوري بحثا عن المسلحين الذين يعتمدون استراتيجية (أضرب وأهرب) باتجاه عمق البادية حيث المناطق التي يغطيها الوجود الأمريكي في منطقة التنف ومحيطها.
واستدرك المصدر: "لكن المسلحين يقومون بعمليات تسلل ليلا معتمدين على صعوبة المنطقة من الناحية الجغرافية بما في ذلك الانتشار الكثيف للكهوف والوديان والمغاور من جهة، بالإضافة إلى خطوط إمداد مفتوحة تصل بين بادية حماة وحمص وبين منطقة "التنف" التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الامريكي من جهة أخرى".
وتابع المصدر أن الطيران الحربي السوري الروسي المشترك، يشن غارات متواترة على مقار محتملة للمسلحين بين باديتي حماة والرقة، وتمكن من تدمير عدة آليات لهم ومنع وصول تعزيزات إليهم من منطقة "التنف" باتجاه باديتي حمص والرقة.
عشرات القتلى والمصابين
وكانت مصادر عسكرية قالت لـ "سبوتنيك"، يوم أمس الجمعة، أن وحدات من الجيش السوري تصدت لهجوم شنّه إرهابيون من "داعش" يستقلون دراجات نارية في بلدة "المسرب" بريف دير الزور الشرقي، قبل أن ينسحبوا إلى عمق البادية بعد اختطاف مجموعة من رعاة الأغنام، مع قطعانهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة".
وأول أمس الخميس، قتل 6 مواطنين وأصيب أكثر من 40 آخرين بجروح جراء انفجار الغام من مخلفات تنظيم "داعش" في سيارتهم اثناء ذهابهم للبحث وجمع فطر الكمأة في مناطق البادية السورية في محافظتي دير الزور وحماة، تزامنا مع مقتل 3 سوريين آخرين برصاص داعش أثناء بحثهم عن ثمار الكمأة بريف حماة.
كما قتل، يوم الإثنين الماضي، 10 مواطنين، وأصيب 12 آخرون بجروح بانفجار لغمين من مخلفات “داعش” خلال توجههم للبحث عن فطر الكمأة في الأراضي بمحيط منطقة (سلمية) بريف حماة الشرقي.
وفي السابع عشر من الشهري الماضي، قال مدير مشفى تدمر الوطني لـ "سبوتنيك" أن "جثامين 53شهيدا، بينهم 46 مدنياً وسبعة عسكريين وصلوا إلى المشفى جراء كمين تعرض له عشرات الأشخاص أثناء قيامهم بجمع الكمأة في بادية شرق السخنة بريف حمص الشرقي".
وقبل ذلك بخمسة أيام، أي في الثاني عشر من الشهر الماضي، قتل 4 أشخاص بينهم امرأة، وأصيب 10 آخرون إثر هجوم بالأسلحة الرشاشة نفذه عناصر من تنظيم "داعش" على مجموعة من المواطنين السوريين الذين يجمعون الكمأة في مناطق جنوب مدينة تدمر بريف محافظة حمص السورية.
والكمأة (أو الفقع في دول الخليج، والعبلاج في السودان، والترفاس في مصر والمغرب العربي) هي فطر بري ينمو تحت أرض الصحراء بعد سقوط الأمطار ويستخدم كطعام مميز، وهي تشكل مصدر دخل مهم للسوريين في ظل الحصار الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية.
وتختزن مناطق البادية السورية في أرياف محافظات دير الزور وحماة وحمص والرقة انتشاراً كبيراً لفطر الكمأة هذا الموسم نتيجة العواصف الرعدية التي شهدتها المنطقة ما أدى لإنباتها بشكل واسع مع ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى أكثر من 40 ألف ليرة سورية.
التنف... زوبعة من الإرهاب
وتشكل منطقة الـ (55 كم) فضاء صحراويا مفتوحا ومتداخلا مع بوادي حماة وحمص والرقة ودير الزور، شرقي سوريا.
وتعد منطقة الـ (55 كم) التي تخضع (لحماية) الطائرات الحربية الأمريكية، مسرح نشاط كبير لفلول تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة)، وهي عبارة عن نصف دائرة تتحلق حول قاعدة "التنف" التي تتخذها القوات الأمريكية على الحدود (السورية - العراقية - الأردنية)، مقرا لجنودها ولبعض مسلحي التنظيمات العميلة لها، مثل تنظيم "مغاوير الثورة السورية".
