https://sputnikarabic.ae/20230923/الطريق-إلى-بؤرة-زلزال-المغرب-رائحة-الموت-تحت-أشجار-الجوز-الحلقة-الأولى-1081318821.html
الطريق إلى بؤرة "زلزال المغرب"... رائحة الموت تحت أشجار الجوز (الحلقة الأولى)
الطريق إلى بؤرة "زلزال المغرب"... رائحة الموت تحت أشجار الجوز (الحلقة الأولى)
سبوتنيك عربي
لم تهدأ صرخات الأطفال بعد، إذ ينادي أحدهم أمه، بينما تنادي أخرى والدها، وآخر ينادي أشقاءه... دون جدوى" أمي، أبي، أخي" صرخات تشق القلوب وحدها، وعجزت عن شق... 23.09.2023, سبوتنيك عربي
2023-09-23T13:47+0000
2023-09-23T13:47+0000
2023-09-23T14:24+0000
تقارير سبوتنيك
أخبار المغرب اليوم
زلزال
حصري
العالم العربي
https://cdn1.img.sputnikarabic.ae/img/07e7/09/17/1081317729_0:0:1280:720_1920x0_80_0_0_75563735d8704b57545f596311195c73.jpg
واستقرت بعض الصرخات في قلوب من نجوا، وتحوّلت إلى حكايات تُدمي القلب، تُذكّر بلحظات الهلع والخوف في الظلام الحالك، التجربة التي قلبت أحوال سكان الأطلس في ثوان معدودة؛ حراس الجبال لعقود من الزمن.ووسط تضاريس جبال الأطلس الوعرة التي تزينها أشجار الجوز المنتشرة في الإقليم، وعلى بعد نحو 70 إلى 100 كيلو متر من مركز مدينة مراكش، دمر الزلزال عشرات المناطق فجر الثامن من سبتمبر/أيلول 2023، لم يكن الوصول هيّنا إلى إقليم "الحوز" التابع لمدينة مراكش، رغم أن المسافة ليست بالكبيرة، فقد قطع الزلزال الطريق وجعل الوصول إليها شاقا بسبب الانهيارات الصخرية التي تسبب بها على الطريق التي كانت طبيعتها وعرة، فأصبحت خطرة والخيام ترتشم على جانبي الطريق في عشرات الأماكن التي طالها الزلزال جزئيا أو كليا.وفي السابعة صباح يوم 12 سبتمبر 2023، انطلقنا بالسيارة من مدينة مراكش نحو الإقليم، الذي تصدّر اسمه شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، رافقني "عم سعيد"، رجل خمسيني مغربي من سكان المنطقة، يحفظ تضاريسها الوعرة ودواويرها المتفرقة في أماكن عدة أعلى القمم الجبلية، يجيد التحدث بالأمازيغية، وهي اللغة السائدة بين سكان المنطقة هناك إلى جانب الدارجة المغربية.وفي الطريق إلى منطقة "ثلاث يعقوب" الأكثر تضررا، رأينا عشرات الأسر على الأرصفة في مناطق متفرقة، وخياما بدائية وأخرى مجهزة، وأطفالا لم يستيقظوا بعد، ونساء يرتبن الفراش وينشرن الملابس على الحبال التي امتدت بين أفرع الأشجار، بعضهن تحملن الصغار الناجين فوق أكتافهن، وأخريات يحاولن تهدئة الأطفال الذين فارقت أمهاتهم الحياة أو ما زلن تحت أنقاض المنازل.توقفنا في مناطق عدة، وتحدثنا إلى الناس الذين تضرروا ماديا، أو من فقدوا أحد أفراد أسرهم، ورغم بساطة الحال وفقدانهم لمنازلهم، إلا أنهم لم يردوا لنا سؤال، وتحدثوا بصبر وعزم وإيمان غير معهود في مثل هذه الكوارث.وفي منطقة "تحناوت"، افترشت عشرات الأسر الرصيف بعد انهيار معظم المنازل جزئيا أوكليا، كان الأطفال نهضوا من النوم واجتمعوا حول سيدة تعد "الحريرة" المغربية، والتي تقدم في الصباح عادة إلى جانب "الآتاي" الشاي المغربي، ويجلس إلى جانبهم 3 رجال ظلوا طوال الليل بجوار الخيام التي تنام فيها النساء والأطفال، من أجل حراستهم من أي مكروه.وفي الخيمة المجاورة للسيدة التي تعد الحريرة توجد بعض المساعدات الغذائية والمعيشية، التي قدمها بعض الأهالي والسلطات في اليوم الثاني مباشرة للكارثة، رغم أن الكثير من الاحتياجات ما زالت تنقصهم، كما أخبرونا.وتقول "فتيحة" سيدة خمسينية من سكان منطقة "تحناوت": "لقد فقدوا كل شيء، المنزل بكل ما فيه، وتمكنا من الهرب من المنازل في لحظات مرعبة".وتؤكد فتيحة في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن "كل ما يخشوه هو العيش في الخيام حتى إعادة إعمار المنزل، خاصة مع قدوم فصل الشتاء القاسي في هذه المناطق.ثلات يعقوب...رائحة الموت في كل مكانبعد أكثر من 3 ساعات بين سلاسل جبال الأطلس، وصلنا إلى منطقة "ثلاث يعقوب".. هنا رائحة الموت تعمّ المكان، بعضهم يقول إنها رائحة الماشية التي قتلت تحت الأنقاض، والبعض الآخر يقول هذه رائحة الجثث التي بقيت تحت الأنقاض، ولم يتبق هنا من عشرات المنازل إلا بعض ملامحها، نحو 4 بنايات تصمد جزئيا بعد انهيار أركانها، يحمل أحدها علم المغرب... هشاشة المواد التي شيّدت منها المنازل قديما أدت بها إلى جعلها حفنة تراب عبثت بها فأس فلاح يقلب أرضه، ووسط الركام أحذية ذات مقاسات مختلفة، ألعاب الأطفال ملطخة بدمائهم، ملابس متراصة، وأخرى مبعثرة، وكتب لمراحل دراسية مختلفة، من بينها الجغرافيا والتاريخ وخريطة المغرب، صفحات بقيت مفتوحة بين تراب المنازل، ربما كان بعضهم يكتب واجبه الدراسي قبل أن يفارق وتبقى الجغرافيا والتاريخ هنا تحت الأنقاض.بين البنايات التي تهاوت والآيلة للسقوط في أي لحظة، يواصل رجال الإنقاذ البحث من خلال كلاب الأثر المدربة للكشف عن أماكن الجثث أو الناجين، خاصة في المواقع التي يخبر الأهالي بوجود ضحايا تحتها، وفي جانب آخر من المشهد، نساء يجلسن داخل الخيم وفي عيونهن حزن طافح يفوق حد الحزن، أطفال ينادون على أمهاتهم دون إجابة، وفتيات ينادين شقيقاتهن، لا أحد يجيب، رجال يبكون أبنائهم ويستحضرون الصور الأخيرة ولحظات الرعب، وسط شعور بالعجز عن إنقاذهم ربما سيلازمهم طوال الحياة.بين المنازل المنهارة وجدت "سبوتنيك"، الحسن بودي، رجل خمسيني من سكان منطقة "ثلاث يعقوب" يتجوّل ويدقق النظر بين الركام، بعيون ترك الحزن فوقها سنوات من الوجع، وبهدوء اقتربت منه وأخبرته برغبتنا في الحديث إليه، ولم يردنا رغم ما ألمّ به من مصاب.ويستعيد الحسن معنا المشاهد التي عاشها في لحظات معدودة، وسبقت دموعه حديثه، وغلبت تنهيدات الوجع صوته في قوله: "مشى لي الوالد والوالدة وأخواتي والعائلة، مشى الدراري والجميع".يصمت الحسن بعض الوقت بعد أن غلبته الدموع وغاب صوته، ثم عاد ليخبرنا: "في اللحظات الأولى التي وقع فيها الزلزال، انتفضت لإخراج أطفالي من المنزل، لكن الجدران لم تمهلنا، وانهار على الفور وكان نصفي خارج المنزل، وأمسك والدي بقدمي متعلقا بي ومستنجدا "أنقذني"، لكني لم أستطع وانهار المنزل فوق الجميع، وحين تمكن الأهالي من إخراجي ورفع الأنقاض عني، كان قد فارق الحياة مع جميع أفراد الأسرة".يصف الحسن بودي المشهد وكأنها "أهوال يوم القيامة"، جميع المنازل انهارت، البعض نجا، خاصة من كانوا خارج المنازل، يحولون إنقاذ الجميع، يهرولون يمينا ويسارا، يستجيبون لاستغاثات متفرقة في أنحاء المكان، من يخرج من تحت الأنقاض وهو مدمي يحفر بيديه ليخرج من هم تحت الأنقاض، وكانوا يسمعون الأنفاس الأخيرة لأطفال صغار وأمهات وشياب في ظلام الليل بعد انقطاع التيار الكهربائي.وأكد الحسن أن نداءات من ظلّوا لساعات تحت الأنقاض دون التمكن من إنقاذهم ما زالت عالقة في ذهنه، الذي يشعر بالعجز لعدم قدرته عن إنقاذ أسرته، وجيرانه، ويعيش انكسارا يشبه تلك المنازل التي عادت إلى سيرتها الأولى.. تراب وأحجار متناثرة فوق سطح الأرض.ولم يكن الحسن بودي الوحيد الذي فقد أفراد عائلته بالكامل.. وربما ليست القصة الأكثر وجعا وألما... الكثير من القصص ننشرها تباعا في الحلقات التالية.ويمتد الإقليم على مساحة تقدر بنحو 6200 كيلومتر مربع، ويضم نحو 40 دوارا ومدينة، أبرزها: ثلاث يعقوب، وأيت أورير، ومولاي إبراهيم، وأسني، وأمزميز، وتحناوت، وتمصلوحت، وتمكروت، وتيدلي، وقرية إيغيل التي سُجل فيها مركز الزلزال الذي ضرب الإقليم وأقاليم أخرى مجاورة له.ويبلغ عدد سكان الإقليم نحو 700 ألف نسمة – بحسب آخر تعداد سكاني عام 2014 - ويعتمد أغلب سكانه على الزراعة، وخاصة حقول الزيتون والجوز والتفاح والغابات والمواشي، ويعتمدون على الزراعة المطرية أو الري عبر تجمعات الأمطار في بحيرات صغيرة هناك.محمد حميدة
https://sputnikarabic.ae/20230918/زلزال-المغرب-إحصاء-المنازل-التي-انهارت-كليا-أو-جزئيا-لتحديد-الدعم-الملكي-1081167012.html
أخبار المغرب اليوم
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rosiya Segodnya“
2023
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rosiya Segodnya“
الأخبار
ar_EG
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rosiya Segodnya“
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rosiya Segodnya“
تقارير سبوتنيك, أخبار المغرب اليوم, زلزال, حصري, العالم العربي
تقارير سبوتنيك, أخبار المغرب اليوم, زلزال, حصري, العالم العربي
الطريق إلى بؤرة "زلزال المغرب"... رائحة الموت تحت أشجار الجوز (الحلقة الأولى)
13:47 GMT 23.09.2023 (تم التحديث: 14:24 GMT 23.09.2023) حصري
لم تهدأ صرخات الأطفال بعد، إذ ينادي أحدهم أمه، بينما تنادي أخرى والدها، وآخر ينادي أشقاءه... دون جدوى" أمي، أبي، أخي" صرخات تشق القلوب وحدها، وعجزت عن شق جدران المنازل التي انهارت فوق رؤوسهم إثر زلزال المغرب، أطبقت على أجسادهم حتى فارقوا الحياة. دُفنت بعض القصص تحت الأنقاض.
واستقرت بعض الصرخات في قلوب من نجوا، وتحوّلت إلى حكايات تُدمي القلب، تُذكّر بلحظات الهلع والخوف في الظلام الحالك، التجربة التي قلبت أحوال سكان الأطلس في ثوان معدودة؛ حراس الجبال لعقود من الزمن.
ووسط تضاريس جبال الأطلس الوعرة التي تزينها أشجار الجوز المنتشرة في الإقليم، وعلى بعد نحو 70 إلى 100 كيلو متر من مركز مدينة مراكش، دمر
الزلزال عشرات المناطق فجر الثامن من سبتمبر/أيلول 2023، لم يكن الوصول هيّنا إلى إقليم "الحوز" التابع لمدينة مراكش، رغم أن المسافة ليست بالكبيرة، فقد قطع الزلزال الطريق وجعل الوصول إليها شاقا بسبب الانهيارات الصخرية التي تسبب بها على الطريق التي كانت طبيعتها وعرة، فأصبحت خطرة والخيام ترتشم على جانبي الطريق في عشرات الأماكن التي طالها الزلزال جزئيا أو كليا.
وفي السابعة صباح يوم 12 سبتمبر 2023، انطلقنا بالسيارة من مدينة مراكش نحو الإقليم، الذي تصدّر اسمه شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، رافقني "عم سعيد"، رجل خمسيني مغربي من سكان المنطقة، يحفظ تضاريسها الوعرة ودواويرها المتفرقة في أماكن عدة أعلى القمم الجبلية، يجيد التحدث بالأمازيغية، وهي اللغة السائدة بين سكان المنطقة هناك إلى جانب الدارجة المغربية.
وفي الطريق إلى منطقة "ثلاث يعقوب" الأكثر تضررا، رأينا عشرات الأسر على الأرصفة في مناطق متفرقة، وخياما بدائية وأخرى مجهزة، وأطفالا لم يستيقظوا بعد، ونساء يرتبن الفراش وينشرن الملابس على الحبال التي امتدت بين أفرع الأشجار، بعضهن تحملن الصغار الناجين فوق أكتافهن، وأخريات يحاولن تهدئة الأطفال الذين فارقت أمهاتهم الحياة أو ما زلن تحت أنقاض المنازل.
توقفنا في مناطق عدة، وتحدثنا إلى الناس الذين تضرروا ماديا، أو من فقدوا أحد أفراد أسرهم، ورغم بساطة الحال وفقدانهم لمنازلهم، إلا أنهم لم يردوا لنا سؤال، وتحدثوا بصبر وعزم وإيمان غير معهود في مثل هذه الكوارث.
وفي منطقة "تحناوت"، افترشت عشرات الأسر الرصيف بعد انهيار معظم المنازل جزئيا أوكليا، كان الأطفال نهضوا من النوم واجتمعوا حول سيدة تعد "الحريرة" المغربية، والتي تقدم في الصباح عادة إلى جانب "الآتاي" الشاي المغربي، ويجلس إلى جانبهم 3 رجال ظلوا طوال الليل بجوار الخيام التي تنام فيها النساء والأطفال، من أجل حراستهم من أي مكروه.
وفي الخيمة المجاورة للسيدة التي تعد الحريرة توجد بعض المساعدات الغذائية والمعيشية، التي قدمها بعض الأهالي والسلطات في اليوم الثاني مباشرة للكارثة، رغم أن الكثير من الاحتياجات ما زالت تنقصهم، كما أخبرونا.
وتقول "فتيحة" سيدة خمسينية من سكان منطقة "تحناوت": "لقد فقدوا كل شيء، المنزل بكل ما فيه، وتمكنا من الهرب من المنازل في لحظات مرعبة".
وتؤكد فتيحة في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن "كل ما يخشوه هو العيش في الخيام حتى إعادة إعمار المنزل، خاصة مع قدوم فصل الشتاء القاسي في هذه المناطق.
ثلات يعقوب...رائحة الموت في كل مكان
بعد أكثر من 3 ساعات بين سلاسل جبال الأطلس، وصلنا إلى منطقة "ثلاث يعقوب".. هنا رائحة الموت تعمّ المكان، بعضهم يقول إنها رائحة الماشية التي قتلت تحت الأنقاض، والبعض الآخر يقول هذه رائحة الجثث التي بقيت تحت الأنقاض، ولم يتبق هنا من عشرات المنازل إلا بعض ملامحها، نحو 4 بنايات تصمد جزئيا بعد انهيار أركانها، يحمل أحدها
علم المغرب... هشاشة المواد التي شيّدت منها المنازل قديما أدت بها إلى جعلها حفنة تراب عبثت بها فأس فلاح يقلب أرضه، ووسط الركام أحذية ذات مقاسات مختلفة، ألعاب الأطفال ملطخة بدمائهم، ملابس متراصة، وأخرى مبعثرة، وكتب لمراحل دراسية مختلفة، من بينها الجغرافيا والتاريخ وخريطة المغرب، صفحات بقيت مفتوحة بين تراب المنازل، ربما كان بعضهم يكتب واجبه الدراسي قبل أن يفارق وتبقى الجغرافيا والتاريخ هنا تحت الأنقاض.
بين البنايات التي تهاوت والآيلة للسقوط في أي لحظة، يواصل رجال الإنقاذ البحث من خلال كلاب الأثر المدربة للكشف عن أماكن الجثث أو الناجين، خاصة في المواقع التي يخبر الأهالي بوجود ضحايا تحتها، وفي جانب آخر من المشهد، نساء يجلسن داخل الخيم وفي عيونهن حزن طافح يفوق حد الحزن، أطفال ينادون على أمهاتهم دون إجابة، وفتيات ينادين شقيقاتهن، لا أحد يجيب، رجال يبكون أبنائهم ويستحضرون الصور الأخيرة ولحظات الرعب، وسط شعور بالعجز عن إنقاذهم ربما سيلازمهم طوال الحياة.
18 سبتمبر 2023, 17:48 GMT
بين المنازل المنهارة وجدت "سبوتنيك"، الحسن بودي، رجل خمسيني من سكان منطقة "ثلاث يعقوب" يتجوّل ويدقق النظر بين الركام، بعيون ترك الحزن فوقها سنوات من الوجع، وبهدوء اقتربت منه وأخبرته برغبتنا في الحديث إليه، ولم يردنا رغم ما ألمّ به من مصاب.
ويستعيد الحسن معنا المشاهد التي عاشها في لحظات معدودة، وسبقت دموعه حديثه، وغلبت تنهيدات الوجع صوته في قوله: "مشى لي الوالد والوالدة وأخواتي والعائلة، مشى الدراري والجميع".
يصمت الحسن بعض الوقت بعد أن غلبته الدموع وغاب صوته، ثم عاد ليخبرنا: "في اللحظات الأولى التي وقع فيها الزلزال، انتفضت لإخراج أطفالي من المنزل، لكن الجدران لم تمهلنا، وانهار على الفور وكان نصفي خارج المنزل، وأمسك والدي بقدمي متعلقا بي ومستنجدا "أنقذني"، لكني لم أستطع وانهار المنزل فوق الجميع، وحين تمكن الأهالي من إخراجي ورفع الأنقاض عني، كان قد فارق الحياة مع جميع أفراد الأسرة".
ويتابع: "لا زال صوت أبي في أذني وكلمته الأخيرة "أنقذني" تتردد.. لقد عجزت عن ذلك، لا يمكنني وصف المشهد قلبي ينفطر كل يوم وكأن والدي ما زال يتعلق بي أينما جلست أو مشيت".
يصف الحسن بودي المشهد وكأنها "أهوال يوم القيامة"، جميع المنازل انهارت، البعض نجا، خاصة من كانوا خارج المنازل، يحولون إنقاذ الجميع، يهرولون يمينا ويسارا، يستجيبون لاستغاثات متفرقة في أنحاء المكان، من يخرج من تحت الأنقاض وهو مدمي يحفر بيديه ليخرج من هم تحت الأنقاض، وكانوا يسمعون الأنفاس الأخيرة لأطفال صغار وأمهات وشياب في ظلام الليل بعد انقطاع التيار الكهربائي.
وأكد الحسن أن نداءات من ظلّوا لساعات تحت الأنقاض دون التمكن من إنقاذهم ما زالت عالقة في ذهنه، الذي يشعر بالعجز لعدم قدرته عن إنقاذ أسرته، وجيرانه، ويعيش انكسارا يشبه تلك المنازل التي عادت إلى سيرتها الأولى.. تراب وأحجار متناثرة فوق سطح الأرض.
ولم يكن الحسن بودي الوحيد الذي فقد أفراد عائلته بالكامل.. وربما ليست القصة الأكثر وجعا وألما... الكثير من القصص ننشرها تباعا في الحلقات التالية.
ويمتد الإقليم على مساحة تقدر بنحو 6200 كيلومتر مربع، ويضم نحو 40 دوارا ومدينة، أبرزها: ثلاث يعقوب، وأيت أورير، ومولاي إبراهيم، وأسني، و
أمزميز، وتحناوت، وتمصلوحت، وتمكروت، وتيدلي، وقرية إيغيل التي سُجل فيها مركز الزلزال الذي ضرب الإقليم وأقاليم أخرى مجاورة له.
ويبلغ عدد سكان الإقليم نحو 700 ألف نسمة – بحسب آخر تعداد سكاني عام 2014 - ويعتمد أغلب سكانه على الزراعة، وخاصة حقول الزيتون والجوز والتفاح والغابات والمواشي، ويعتمدون على الزراعة المطرية أو الري عبر تجمعات الأمطار في بحيرات صغيرة هناك.
