لمنع "إفشاء أسرار الدولة"... ما أهداف الحكومة الجزائرية من مشروع القانون الجديد؟

يرى مراقبون أن مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة الجزائرية الذي تتضمن إحدى مواده عدم "إفشاء أسرار الدولة"، يحافظ على الأمن القومي وسرية المعلومات التي تهم الأمن القومي.
Sputnik
ومن المقرر أن يعرض مشروع القانون الذي قدم لمكتب المجلس الوطني الشعبي (الغرفة الأولى للبرلمان) على اللجنة القانونية لإبداء الرأي وبحث قانونية مواده وتوافقها مع الدستور الجزائري، ومن ثم عرضه على الجلسة العامة للنقاش والتصويت.
تساؤلات مشروعة
التساؤلات التي طرحت عبر منصات متعددة تمحورت حول طبيعة القضايا التي لا يجوز الحديث فيها وآلية تحديدها، وما إن كان القانون هو بوابة لمنع النواب من الحديث، لكن مشروع القانون، الذي يعرض على اللجنة القانونية في البرلمان لم يصل إلى مرحلة المناقشة العامة أو الإقرار حتى الآن.
في الإطار، قال الدكتور إسماعيل خلف الله الخبير الاستراتيجي الجزائري، إن مشروع القانون في إطاره الطبيعي، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالأمن والجانب العسكري، خاصة في ظل ما يعيشه العالم اليوم من أزمات متعددة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن بعض الأمور التي تتعلق بالدفاع والأمن هي من الأشياء التي يجب الحفاظ على سريتها.
ولفت إلى أن التساؤلات المطروحة الآن تتعلق بالتداعيات أو التعسف من قبل بعض الوزراء في استعمال القانون، وعدم الإجابة على تساؤلات البرلمان إذا ارتبط الأمر بقضايا اقتصادية أو ملفات عامة.
نائب رئيس البرلمان الجزائري يكشف لـ"سبوتنيك" تفاصيل مشروع قانون يتضمن عدم "إفشاء أسرار الدولة"
صلاحية البرلمان
ويرى أن مشروع القانون أعطى الصلاحية البرلمانية للرقابة على الحكومة، وأنه يجب عدم التهرب من المساءلة من خلال بعض الثغرات في القانون.
واعتبر خلف الله أن هناك ضرورة لتحديد النصوص في المشروع بحيث لا يتم استغلاله من قبل الوزراء في التهرب من المساءلة أمام البرلمان بدواعي "إفشاء أسرار الدولة"، خاصة إذا لم تكن في محلها.
من ناحيته، قال علال بوثلجة نائب رئيس مجلس الشعب الوطني إن مشروع القانون الجديد الذي أثير حوله الجدل، خاصة فيما يتعلق بمنع "إفشاء أسرار الدولة"، يرتبط بتنظيم العلاقة بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه.
تفاصيل القانون
وأوضح بوثلجة في حديث خاص لـ"سبوتنيك"، أن مشروع القانون لم يخصص لمسألة إفشاء أسرار الدولة، وأن المشروع الذي تقدمت به الحكومة لمكتب المجلس يهدف لتعديلات تتماشى مع دستور الجزائر الجديد، في إطار ضبط العلاقة بين البرلمان والحكومة، وان إحدى مواده تنص على وجوب أن يكون النواب على مستوى الالتزام بعدم الخوض أو إفشاء أسرار الدولة.
ويرى نائب رئيس المجلس أن ما نصت عليه المادة يتعلق بأمن الجزائر ومستقبلها.
وأكد أن مشروع القانون لم يتم دراسته من طرف اللجنة القانونية المختصة حتى الآن، وأنه من المقرر مناقشة القانون في الجلسات العلنية، ومن ثم التصويت عليه.
أزمة جديدة بين المغرب والجزائر بسبب قميص كرة قدم... صور
ويرى أن "المسؤولية في الجزائر على كل المستويات تتوجب التحفظ وعدم الخوض في أسرار الدولة".
بعض التساؤلات تطرح نفسها حول ما قد يفرضه القانون من قيود على حرية الحديث في القضايا العامة، وطبيعة الموضوعات التي يمكن أن تراها الدولة تمس بأسرار الدولة ويمنع الحديث فيها.
حول هذه الإشكالية أوضح بوثلجة، أن النواب يحق لهم الخوض والحديث في كل القضايا التي تتعلق بالحياة العامة والمواطن في جميع القطاعات دون استثناء، وأنه يجب التفريق بين ما هو عام وما هو "أسرار الدولة".
ولفت إلى أن مشروع القانون ما زال في مرحلة النقاش في الفترة الحالية، وأن بعض التعديلات أو التدقيق يمكن أن تجرى عليه إذا ما رأت اللجنة القانونية ذلك أو خلال المناقشات.
مبدأ التحفظ
فيما قال المحلل السياسي الجزائري أحسن خلاص، إن مبدأ التحفظ من المبادئ التي تميز ثقافة الدولة الجزائرية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن ثقافة التحفظ يفترض أن يتميز بها كل مسؤول ونائب بالبرلمان، وأن ضعف ثقافة الدولة لدى بعض المسؤولين دفع الحكومة لاقتراح قانون يضبط تداول أسرار الدولة، خاصة تجاه المحيط الإقليمي والدولي، لا سيما وأن العالم يمر بمرحلة حساسة وحرجة.
ويرى أن كل الدول بما فيها الأكثر ديمقراطية تلتزم بمنسوب هائل من سرية سياساتها وعلاقاتها في مجال الدفاع والخارجية.
مع ذلك، اعتبر خلاص أن مشروع القانون وما يتبعه من ضبط قد يحد من حرية التعبير، مؤكدا في ذات الوقت أن البلاد وحفظ سيادتها أولى من كل شيء.
مناقشة