هل بات دستور 1951 في ليبيا الحل الوحيد للخروج من الأزمة

بعد الإخفاق المتكرر في الوصول إلى قاعدة دستورية متوافق عليها من جميع الأطراف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية، عاد مقترح اعتماد دستور 1951 للواجهة من جديد.
Sputnik
ويعتبر دستور 1951 الذي أقر إبان عهد الملك الراحل إدريس السنوسي، أول دستور ليبي بعد نيل ليبيا استقلالها بقرار من الأمم المتحدة يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 1951.
نواب من البرلمان الليبي يرون أن التصويت على الدستور لاعتماده بات الخيار الأمثل والوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، بعد التعثر المستمر منذ سنوات في الوصول إلى مقاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، خاصة بعدما أصبح للمجلس الأعلى للدولة حق الموافقة على القاعدة الدستورية من عدمها بعدما كان رأيه استشاريا فقط.

مطالب برلمانية

وطلب 32 نائبا من رئيس البرلمان عقيلة صالح، في بيان أمس السبت، عرض دستور 1951 غير المعدل للتداول في جلسة تنقل على الهواء مباشرة للنظر في العودة إلى النظام الاتحادي وفقا للأقاليم التاريخية الثلاثة.
وأكد نواب لـ"سبوتنيك"، أن المقترح يلقى ترحيبا من عدد كبير من أعضاء البرلمان، وأن المقترح سيقدم بشكل رسمي بعد جمع المزيد من التوقيعات خلال الأيام المقبلة.
ويرى المراقبون أن تعدد الأطراف المتمثلة في البرلمان والأعلى للدولة والحكومات والهيئة التأسيسية للدستور، والتي تتباين فيما بينها يحول دون التوصل إلى أي توافق بشأن قاعدة دستورية جديدة، وان العودة للنظام الاتحادي بات الخيار الأمثل لوقف عمليات الاقتتال والصراع الدائر منذ سنوات.
طرح "مشروع الدستور" للاستفتاء...هل ينجح المسار الأخير في ليبيا
وينص دستور عام 1951 الذي أقر في عهد الملك الراحل إدريس السنوسي، على أن ليبيا دولة واحدة تحميها مؤسسة عسكرية واحدة، وبنظام الأقاليم الثلاثة "برقة وطرابلس وفزان" ونظام العاصمتين "طرابلس وبنغازي".
وألغي النظام الفيدرالي عام 1964 وحل محله نظام لامركزي قائم على 10 محافظات بعد تولي العقيد معمر القذافي السلطة في 1969.
الطرح الذي عاد للواجهة مرة أخرى ليس الأول، حيث ظهر قبل سنوات مضت في عام 2016 عندما أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية ووجهاء القبائل تشكيل جسم أطلقوا عليه اسم "حراك العودة للشرعية الدستورية"، الذي دعا حينها إلى العودة للنظام الملكي، فيما يطالب البعض باعتماد الدستور مع بعض التعديلات.

تأييد برلماني

قال البرلماني الليبي مصباح دومة، إن العودة إلى دستور 1951 هو الحل والطريق الإجباري للمسار الدستوري، بعد الإخفاق الكبير في إدارة الدولة من عاصمة مركزية تحكمها "المليشيات وتستنشق الفساد الإداري والمالي والسياسي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العودة إلى دستور 51 يعني المشاركة السياسية الحقيقية لكل الليبيين، والتوزيع العادل للموارد التي يقوم بنهبها المركزيون في طرابلس، حسب قوله.
وأوضح أن شكل الدولة يوضحها دستور 1951 غير المعدل، في إطار نظام الحكم الاتحادي.

كيف تجرى الانتخابات

ولفت إلى أنه بالعودة لدستور 51 فإن الانتخابات تقام على أسايس مجلس تشريعي لكل ولاية، ومجلس نواب للدولة ككل، على أساس الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية، مع إمكانية إضافة الثروة، بالإضافة إلى مجلس شيوخ تتساوى في أعداد الممثلين للأقاليم التاريخية.
ولفت دومة إلى أنه يتم انتخاب مجلس رئاسي من الأقاليم الثلاثة، يتداول كل منهم الحكم خلال فترات متساوية. موضحا أن المقترح يقدم من تكتل فزان للمجلس خلال الفترة المقبلة.
حفتر يتهم السياسيين والمتصارعين على الكراسي بإدخال ليبيا في نفق مظلم
يعتبر دستور 1951 أول تجربة دستورية عقب استقلال ليبيا، وهو أول نظام دستوري ينظم الحكم في البلاد، حيث اعتمد النظام الملكي كنظام للحكم بصلاحيات واسعة، وتضمن الدستور اثني عشر فضلا.
وكانت السلطة في الدستور ملكية وراثية يتولاها الملك، وهو الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية، كما يتولى ممارسة السلطة التشريعية بالاشتراك مع مجلس الأمة الذي يتكون من مجلس الشيوخ ويتم تعيين أعضائه بواسطة الملك.

الرأي القانوني

من ناحيته قال الدكتور عمر عبد الله، أستاذ القانون الليبي، إن الظروف التي تمر بها الدولة الليبية الآن تختلف عن تلك الظروف التي صاحبت تأسيس الدولة الليبية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك":
هيكلة السلطات العامة تختلف، خاصة فيما يتعلق بهيكل السلطة التنفيذية.
ويرى أن نظام الحكم الذي أسسه دستور 1951 يقوم على أساس تركيز السلطة، وهو نظام إن كان مقبولا في تلك المرحلة، لا يمكن قبوله الآن.
وأوضح أن الملك في الدستور يتولى رئاسة السلطة التنفيذية وهو مصون وغير مسؤول، ما يعني أن الدستور وإن كان ظاهريا بمبدأ الفصل بين السلطات من جهة توزيعها، لكنه يعتمد على تركيز السلطة وليس فصلها وتوزيعها.
ولفت إلى أن دستور 1951 يأخذ بالحظر الدائم المطلق، ويعتبر شكل الحكم الملكي، ونظام وراثة العرش، والحكم النيابي وغيرها من المسائل المحظور تعديلها، ما يعني أنها عقبة حقيقية تعترض طريق العودة إلى هذا الدستور.
ولفت إلى أن النظام الفيدرالي الذي ينادي البعض بالعودة له وتطبيقه، هو نظام تم إلغاؤه بموجب التعديل الدستوري الذي تم سنة 1963.
مناقشة