جمال زحالقة لـ "سبوتنيك": حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا وبمثابة الإعلان عن نهاية سبل السلام مع فلسطين

قال الدكتور جمال زحالقة، رئيس حزب التجمع الوطني في أراضي 48 وعضو الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي السابق، إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يشكلها بنيامين نتنياهو هي الأكثر تطرفًا، ومن الطبيعي أن تثير غضبًا في العالم.
Sputnik
وأضاف في حوار مع "سبوتنيك"، أن السلام بين إسرائيل وفلسطين انتهى منذ وقت طويل، لكن تشكيل حكومة بهذا التطرف هو بمثابة الإعلان عن نهاية أي إمكانية للتوصل للسلام، وغلق الأبواب أمام أي حل سياسي في المستقبل.
واعتبر زحالقة أنه في ظل هذه الحكومة لن يكون هناك أي تأثير للنواب العرب داخل الكنيست (10 من أصل 120)، سوى فضح سياسات الحكومة وتفعيل الضغط الدولي على إسرائيل، حتى يكون هناك نوع من التجاوب العالمي للتأثير على إسرائيل.
وإلى نص الحوار..
بداية.. كيف تقيم تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة الذي أعلن بنيامين نتنياهو تشكيلها؟
الحكومة الجديدة هي الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، وبن غفير الذي سيتولى منصب ما يسمى بوزارة الأمن الداخلي والتي تغيرت اسمها لوزارة الأمن القومي، يمثل أقصى اليمين، وكان يدعو جهارة في الماضي إلى طرد المواطنين العرب من البلاد، والآن يستخدم تعابير أخرى، لكن كل أنصاره يكررون نفس الكلام، وهم معنيون بتنظيف كامل البلاد من العرب على حد قولهم، وكذلك سموترتيش الذي يمثل غلاة المستوطنين، وسيصبح وزيرًا للمالية، وستكون له صلاحيات أمنية كبيرة، ومسؤولية عن ما يسمى بالشؤون المدنية في الضفة الغربية، وكذلك مسؤولية حرس الحدود في الضفة، نحن أمام مرحلة جديدة ستكون فيها الحكومة الإسرائيلية أكثر تطرفًا من سابقتها.
"جاهزون للصراع"... ملك الأردن يحذر من "خطوط حمراء" في القدس مع عودة نتنياهو إلى السلطة
وكيف ترى تولي أسماء متطرفة مثل بن غفير وسموترتش وزارات الأمن والمالية ومخططات تغيير صلاحيات الكثير من المؤسسات؟
هؤلاء وغيرهم يستغلون فرصة أن نتنياهو يغرق في ملفات الفساد، وهو مستعد أن يعطيهم ما يحتاجون حتى يدعموه في التخلص والإفلات من العقاب والسجن، لهذا السبب هم يستغلون الفرصة ويحاولون تغيير قوانين اللعبة بالكامل، هناك قوانين وإجراءات يتم تغييرها بشكل دراماتيكي، فالجيش الإسرائيلي وقائد المنطقة الوسطى هو المسؤول الأول في الضفة الغربية، وهناك وزراء يحشرون أنفسهم في مسؤولياته، فمسؤولية الشؤون المدنية والمستوطنات لن تكون تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي بل لوزير متطرف يمثل غلاة المستوطنين، وهناك اتفاق بمنح شرعية للبؤر الاستيطانية غير الشرعية وفقًا للقانون الإسرائيلي نفسه، الآن يجري تغيير القانون الإسرائيلي في كافة مجالات الحياة، والسبب إعطاء اليمين اليد ليفعل ما يشاء في الضفة الغربية في كل ما يتعلق بقمع الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان.
هناك دعوات كذلك لتغيير القوانين بالنسبة للمسجد الأقصى والعبث لا يمكن إحصاءه، والمتغيرات متلاحقة ويبدو أن هذه الحكومة مقبلة على صدام، وهذه الحكومة حتى ولو نفذت جزءًا من نواياها ومخططاتها فنحن أمام حالة صدامية كبيرة.
بذكرك مشاريع القوانين التي تنوي الحكومة الحالية تغييرها.. ما خطورة تقليص مهام المحكمة الإدارية العليا؟
بالنسبة للمحكمة العليا، دائمًا ما كانت أداة طيعة بيد الحكومات الإسرائيلية ومشروع الاستيطان والمشروع الإسرائيلي بشكل عام، لكن هي أرادت أن تحمي المشاريع الإسرائيلية من القانون الدولي، فأعطت تفسيرًا للقانون الدولي بأن إسرائيل في حالة ما يسمى بـ "حيازة مسلحة" أو "احتلال مسلح"، ووضع مؤقت في الضفة، حيث رأت في ذلك أنه حماية لإسرائيل، ولكن الآن هناك من يقول بأننا لسنا بحماية من القانون الدولي وسنغير الأوضاع بالضفة، وهم يريدون عمليًا تغيير المحكمة حتى لا تضع لديهم بعض العراقيل في بعض القضايا، على الرغم من كونها لا تتدخل في كل شيء، لكن حتى في الأمور البسيطة التي تتدخل فيها المحكمة يريدون إلغاء هذه الصلاحيات.
فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بالبؤر الاستيطانية الموزعة في كل أنحاء الضفة، رفضت المحكمة العليا الاعتراف بها لأنها لم تنشأ بحسب القانون الإسرائيلي، والاعتراف بها الآن سيؤدي إلى صدام مع المحكمة العليا، لهذا يجب القيام بأمرين، تغيير القضاة أنفسهم وتغيير القوانين وتقليص صلاحيات المحكمة.
نتنياهو يؤكد اعتزام حكومته توسيع الاستيطان في الضفة والجولان ومواصلة الحرب ضد إيران
تقول استطلاعات الرأي إن الجماهير الإسرائيلية في الداخل غير راضية عن هذه الحكومة.. ما حقيقة هذا الأمر؟
الحقيقة إسرائيل في نظام ائتلافي، وسموترتش وبن غفير لا يحظيان بأغلبية في الشارع الإسرائيلي، لكن كتلة اليمين في مجملها تحظى بالأغلبية، لهذا السبب الأمر ليس برأي الشارع بينما برأي الكتلة اليمينية في المجتمع الإسرائيلي، ثانيًا برأي حزب الليكود وهو الأكبر في الحكومة، الائتلاف الحكومي الحالي مؤلف من 64 عضو كنيست؛ 32 منها لحزب نتنياهو والباقي من الأحزاب الدينية، لا يوجد أي حليف لنتنياهو سوى من هذه الأحزاب، وهي لديها عدد غير مسبوق من النواب في الكنيست، هي حكومة نصفها من المتدنين وداخل حزب الليكود هناك عدد لا بأس به من المتدنيين، هذه الحكومة المتدينيون فيها أكثرية، لكن ليست هذه المشكلة بل تطرفهم في مواقفهم السياسية. وحتى لو كان هناك بعض أعضاء هذه الأحزاب من المعتدلين في مواقفهم الشخصية، فهم يدعمون كل السياسات اليمينية بالكامل لحصد المكتسبات المتعلقة بالميزانيات والتمويل والمدارس وغيرها.
وهل تعتقد أن هناك تأثيرات سلبية على العلاقات الخارجية مع إسرائيل بسبب هذه الحكومة؟
من الطبيعي أن حكومة أكثر يمينية وتطرفًا أن تثير غضبًا في العالم، وهناك بوادر لهذا الأمر، حيث قام صندوق نرويجي كبير بسحب استثماراته من إسرائيل، ونأمل أن يخرج ذلك لحيز التطبيق، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية قالت إنها لن تتعامل معها، وستنتظر كيف ستتصرف هذه الحكومة ووزرائها، لكن بالحد الأقصى لن تستقبل واشنطن سموترتش وبن غفير في الولايات المتحدة لكنها ستواصل العمل مع نتنياهو، وهناك تساؤل حول إمكانية استمرار العلاقات الحميمية بين الأجهزة الأمنية، لتل أبيب وواشنطن في ظل هذه الحكومة. هناك في أمريكا من هو معني باستمرار هذه العلاقة ويقولون إن العلاقة مع إسرائيل لن تنكسر مهما فعلت تل أبيب وهو أمر خطير.
أما الموقف الأوروبي هناك تأتأة في هذا الأمر، ولم نسمع أي موقف محدد، سوى عدم تجديد اتفاقيات الأمن المتعلقة بالبوليس وتبادل المعلومات مع أوروبا بسبب الوزير الجديد، حتى الآن البوادر وردود الفعل العالمية فاترة، وكذلك رد الفعل العربي ضعيف جدًا، هناك فرصة لفضح السياسات الإسرائيلية ومحاصرتها دوليًا حتى تمتثل للقانون الدولي، لكن للأسف الشديد العالم العربي في وضع صعب ولا يمكنه استغلال الفرصة التي يمكن من خلالها تحويل لعنة الحكومة إلى بركة إذا ما أحكم استغلال نقاط الضعف فيها.
برايس: واشنطن تتحفظ على تسلم بن غفير وسموتريتش حقائب سيادية
طالبت فلسطين بتدخل المجتمع الدولي لوقف الاتفاقيات العنصرية بين نتنياهو وبن غفير.. ما الذي يمكن أن يفعله؟
هناك مطالب فلسطينية وتوجه إلى محكمة العدل الدولية، العالم الآن سيكون له آذان مصغية أكبر لما يقوله الفلسطينيون، وذلك لأن الحكومة الإسرائيلية نزعت عن وجهها كل الأقنعة، ولا تستطيع أن تدعي الديمقراطية أو تتحدث عن حقوق الإنسان أو السعي للسلام، في الماضي كان هناك أوهام بأن إسرائيل قد تغير موقفها وأنها متمسكة بحل الدولتين والمفاوضات، لكن هذه الحكومة لا تريد مفاوضات ولا حل الدولتين ولا أي تسوية سياسية وتقول ذلك جهارة، وبات هناك ضرورة لبدء الحديث عن فرض حل دولي لأن هذه الحكومة لن تسير برضى وطواعية إلى أي نوع من الحل السياسي، الآن انكشفت الأمور على الطاولة، في الماضي كانوا يزرعون أوهام السلام، لكن الآن لا يوجد، ومسؤولية المجتمع الدولي زادت، ومن المهم أن يكون هناك مواجهة من المجتمع الدولي كاملًا وليس من أمريكا فقط، يجب أن يكون هناك دور لروسيا والصين وأوروبا، وأن تكون واشنطن طرفًا فقط.
إذا تقصد أن فرص عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تعد قائمة؟
انتهت هذه الفرص من وقت طويل، لكن هذه الحكومة بمثابة الإعلان عن نهاية أي إمكانية للتوصل للسلام، ولا أحد يستطيع أن يتوهم أو يتحدث عن غير ذلك، بالعكس كل سياسات الحكومة مبنية على إجهاض أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي في المستقبل، ومن خلال واقع القدس والضفة وتغيير القوانين ومن خلال تكثيف الاستيطان وتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي، وعمليات الضم الساحقة التي أعلنت أنها ستقوم بها، لم تغلق فقط الباب أمام السلام، لكن أمام أي حل في المستقبل.
وكيف ترى الوضع بالنسبة للجماهير العربية والفلسطينية في الداخل الإسرائيلي؟
وزراء هذه الحكومة أعلنوا البطش بالجماهير العربية، وهناك دعوات إلى إطلاق النار على كل من يلقي حجرا، وهذا دعم لأي شرطي أن يطلق النار على كل عربي، وهو أمر خطير لأن أفراد الشرطة يشعرون بأن لديهم الحرية الكاملة لإطلاق النار وأن هناك من يدعمهم في الحكومة، بن غفير الذي اشتهر باعتدائه المتكرر على العرب، هو الآن وزير ويقرر، وغير كل القوانين وبات له مسؤوليات حياتية وليست سياسية فقط، وهو من يقرر الآن سلم أولويات الشرطة، وهو يستهدف النقب تحديدًا والفلسطينيين بالداخل بشكل عام، والقيادة السياسية الإسرائيلية الجديدة تدفع الشرطة إلى القمع والبطش والعنف تحت مسمى فرض هيبة القانون، كما حولوا رفع العلم الفلسطيني إلى مخالفة قانونية، وكل ذلك أمر خطير يؤكد أننا سنضطر إلى مواجهتهم يوميًا في كافة مستويات الحياة.
لابيد: نتنياهو يقود إسرائيل إلى "دولة شريعة مظلمة"
وماذا عن موقف النواب العرب داخل الكنيست وما الذي يمكن أن يقدموه في ظل انقسامهم؟
في ظل هذه الحكومة لن يكون هناك أي تأثير للنواب العرب، الأمر الوحيد الذي يستطيعوا القيام به هو فضح سياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ونتوقع أن يفعلوا ذلك، ومن المتوقع ألا تغير هذه الحكومة من السياسات الاقتصادية في الأراضي العربية بالداخل، لأن تطوير المجتمع العربي بالداخل يخدم مصلحة إسرائيل على كافة المستويات، لكن في موضوع مصادرة الأراضي وهدم البيوت واعتداءات الشرطة على المواطنين، وكتم الأفواه وتقليص حرية التعبير ومس حقوق الإنسان ستكون المعركة الأساسية القادمة، وهنا لن يكون هناك تأثير مباشر للنواب العرب، سيكون لهم فقط أن يقوموا بفضح سياسات الحكومة وتفعيل الضغط الدولي على إسرائيل، حتى يكون هناك نوع من التجاوب العالمي للتأثير على إسرائيل.
وكيف ترى موقف الاتحاد الأوروبي من هذا الأمر؟
نحن بدأنا عملية التواصل مع الاتحاد الأوروبي، باعتباره العملاق الاقتصادي وأكبر المتعاملين مع إسرائيل، ويمكن لهذه الدول أن تفعل ضغوطًا جدية على إسرائيل إذا اتخذت القرار، وبالطبع ستتراجع الحكومة أمام القوة الاقتصادية الأوروبية، لكن للأسف هناك خلافات داخلية بدول الاتحاد الأوروبي حول التعامل مع الحكومة الإسرائيلية.
إلى أي مدى تتوقع أن تستمر حكومة نتنياهو في سدة الحكم في ظل هذه الأزمات؟
من الصعب التكهن إلى متى ستستمر الحكومة، فقد تكون هناك عوامل انفجار داخلي بها باعتبار أن بعض مركباتها مثقلة بالإيديولوجيا ولن تتردد في إسقاط الحكومة إذا لم تحصل على ما تريد، لكن بالمقابل نتنياهو ثعلب سياسي قديم ويستطيع أن يواصل عمل هذه الحكومة لعدة سنوات قد تصل إلى 3 سنوات لكن في النهاية لا يمكن لها الصمود لنهاية فترتها.
أجرى الحوار: وائل مجدي
مناقشة