حق امتلاك الأسلحة في أمريكا... السلاح في أيدي التلاميذ

قبل أيام أقدم تلميذ أمريكي لم يتجاوز عمره 6 سنوات على إطلاق الرصاص من مسدس كان بحوزته على معلمته داخل إحدى الفصول الدراسية فأصابها وبث الذعر بين زملائه.
Sputnik
الشرطة الأمريكية قالت إن الطفل في الصف الأول الابتدائي ويبلغ من العمر 6 سنوات، وإنه أطلق النار على معلمته في المدرسة الواقعة في مدينة نيوبورت نيوز في ولاية فرجينيا، وتركها مع إصابات خطيرة بين الحياة والموت.
ولفتت الشرطة إلى أن المسدس مملوك لوالدة الطفل، وأنه حصل عليه دون علمها، وفي مؤتمر صحفي قال مدير المدارس العامة في نيوبورت نيوز، الدكتور جورج باركر: "إننا بحاجة إلى إبقاء الأسلحة بعيدا عن أيدي صغارنا".
وأعادت الحادثة إلى الأذهان حوادث مشابهة كثيرة تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية، فبحسب إحصائيات لمنظمة "إيفيري تاون" الأمريكية، فقد شهد عام 2022 ما لا يقل عن 176 حادثة إطلاق نار في المدارس، مما أدى إلى مقتل 57 شخصًا وإصابة 148 على المستوى الوطني.
ورصدت المؤسسة نفسها ما لا يقل عن 1024 حادثة إطلاق نار داخل مدارس منذ عام 2013 وحتى نهاية 2022، وأشارت إلى أن هذه الحوادث أدت إلى مقتل 338 وإصابة 724 على المستوى الوطني.

ماذا يقول الدستور الأمريكي عن امتلاك السلاح؟

وينص الدستور الأمريكي بشكل واضح وصريح على أحقية المواطنين في امتلاك الأسلحة، وجاء في نص التعديل الثاني من الدستور الأمريكي والصادر فى 1971، أنه "حيث أن وجود مليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها".
طفل بعمر 6 سنوات يطلق النار على معلمته بولاية فرجينيا الأمريكية... فيديو
وأصدر الكونغرس الأمريكي في 1994 قانونا بحظر التصنيع والاستخدام المدني للأسلحة النارية نصف الآلية والأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات، وبالفعل انتهى الحظر في سبتمبر/أيلول 2004، وفشلت محاولات تجديد الحظر، وفي 2013 رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون يقيد السماح بحمل الأسلحة، وكان ينص على توسيع التحريات والحصول على السجل العدلي لكل من يرغب فى شراء قطع سلاح.

موقف الجمهوريين والديمقراطيين من امتلاك الأسلحة

تعتبر مسألة حرية امتلاك المواطنين الأسلحة واحدة من أكثر القضايا التي يختلف حولها الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة الأمريكية الجمهوريين والديمقراطيين، وعادة ما تستخدم هذه القضية في المزايدات الانتخابية.
ويختلف الحزبان حول تفسير المادة الخاصة بحرية امتلاك السلاح والتي تم وضعها في التعديل الثاني للدستور، ففي الوقت الذي يرى فيه الديمقراطيون قصر الحق فى حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الأمريكي وأن الآباء المؤسسين أرادوا هذا الحق لأمريكا الفيدرالية وهذا ما يعرف بالتفسير الجماعي للحق، ويطالبون بضرورة إعادة النظر فى "الحق المطلق للفرد" بسبب المستجدات التي طرأت على المجتمع الأمريكي واستخدام هذا الحق في حوادث المتكررة.
بينما يرى الجمهوريون أن امتلاك السلاح من الحقوق التي نص عليها الدستور، ويعتبرون أن السلاح هوية أمريكية يدعمها الدستور، ويعرفون بأصحاب التفسير الفردي، ويرفضون أي قوانين يمكن أن تحجم امتلاك السلاح، ويصوت الجمهوريون ضد أي قانون يتقدم به الديمقراطيون.

وعد بايدن الذي لم ينفذه

ووعد الرئيس الأمريكي الحالي جو باين خلال حملته الرئاسية في 2020، بحظر حمل السلاح في البلاد عندما يصبح رئيسا، وأن يخوض مواجهة مع الاتحاد القومي للأسلحة.
وكتب بايدن، على "تويتر": "قبل 26 عاما، مرر مجلس الشيوخ قانونا يحظر الأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات وكنت من الداعمين لتلك الجهود وهذا يجعلني أشعر بالفخر".
وتابع: "كان الحظر يشمل الأسلحة الهجومية والأسلحة التي تمتلك مخزن ذخيرة بسعة كبيرة".
وأضاف: "حظر الأسلحة الهجومية أنقذ أرواح الكثير من الناس في تلك الفترة، ويجب على الكونغرس ألا يدعه يصبح من الماضي".
وتابع: "عندما أصبح رئيسا سأخوض حربا ضد الاتحاد القومي للأسلحة، الذي يدافع عن حقوق حمل السلاح في البلاد"، مضيفا: "سنعيد الحظر على الأسلحة الهجومية مجددا".

محاولات للسيطرة على السلاح في أيدي الأطفال

وفي يونيو/حزيران الماضي، بدأت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي، في مناقشة مشروع قانون من شأنه أن يسن مجموعة من تدابير السيطرة على حمل الأسلحة.
وناقش المشرعون قانون حقوق الإنسان 7910، المعروف باسم "قانون حماية أطفالنا"، والذي يتضمن تدابير مثل رفع السن القانوني للحصول على البندقيات الآلية أو بندقيات الخرطوش إلى 21 عاما.
كما يشترط القانون المقترح أن تكون جميع الأسلحة النارية قابلة للتتبع، وفرض التخزين الآمن للأسلحة النارية، وإغلاق ما يسمى بـ"ثغرة التخزين العثرة".
وجادل الجمهوريون في اللجنة بأن مشروع القانون عُجل به ولا يقدم حلولا حقيقية للمشاكل التي تكمن في جوهر عمليات إطلاق النار الجماعية.
بعد مقتل العشرات... أمريكا تبحث تشديد قواعد شراء وحمل السلاح
وأعربوا عن مخاوفهم بشأن دستورية التشريع بالنظر إلى التعديل الثاني بالدستور والذي يضمن الحق في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها.
فيما وصف الديمقراطيون التشريع بأنه تأخر، ولم يتسرعوا فيه، قائلين إن مثل هذه الإجراءات نوقشت بعد عمليات إطلاق نار جماعية تعود إلى عقود، وجادلوا بأن الإجراءات المقترحة لها مكانة قانونية قوية على الرغم من مخاوف الجمهوريين.
وناقش المشرعون أيضا ما إذا كان تمكين "الأخيار" بالأسلحة النارية، بما في ذلك تسليح المعلمين أو غيرهم من الأفراد للدفاع عن المدارس، سيكون إجراء فعالا.

أشهر حوادث استخدام السلاح في أمريكا

بينما كان سكان الولايات المتحدة عام 2014 نحو 319 مليون شخص، كان عدد قطع السلاح لدى الأفراد ورجال الشرطة 371 مليون قطعة، وهو ما يعني أن عدد الأسلحة تفوق عدد السكان أنفسهم.
واستخدم هذا السلاح في جرائم كثيرة منها ما حدث عام 1991 عندما قتل 23 شخصا أثناء جلوسهم على مقهى في مدينة كيلين بولاية تكساس، عندما اقتحم مواطن المقهى بسيارته وأطلق النار على المتواجدين قبل أن ينتحر.
وفي عام 1999 قتل 13 شخصا بعدما أطلق أمريكيان الرصاص على زملائهما وأحد المعلمين في مدرسة "كولومباين" الثانوية في ليتلتون بولاية كولورادو.
وكذلك عام 2007 قتل 32 شخصا حينما أطلق طالب النار على الطلاب في جامعة فرجينيا للتقنية قبل أن ينتحر.
وفي 2009 قتل 13 شخصا حينما أطلق شخص النار على مجموعة من الأشخاص في مركز للمهاجرين في نيويورك قبل أن ينتحر.
وسجل عام 2012 أطلق مواطن أمريكي الرصاص على 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات، وفي الحادث قتل ستة أشخاص بالغين قبل أن ينتحر في ساندي هوك بولاية كونيتيكت.
مناقشة