بعد طلب رأيها في "ممارسات الاحتلال"… ما الذي يمكن أن تقدمه "محكمة العدل الدولية" للقضية الفلسطينية؟

في خطوة وصفها المراقبون بـ "الانتصار التاريخي"، أعلنت محكمة العدل الدولية، أنها "تسلمت طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم فتوى بشأن الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
Sputnik
وذكرت المحكمة، في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن "الطلب نقل إليها عبر رسالة وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتاريخ 17 يناير/ كانون الثاني الجاري، وتم تسجيل الطلب يوم الخميس الماضي.
ووصف خبراء هذا القرار بأنه "قرار تاريخي" باعتبار محكمة العدل أكبر مرتبة قضائية في النزاع ما بين الدول، لكنهم أكدوا أنه رغم إلزامية القرارات الصادرة عنها تبقى الأزمة في عملية التطبيق والتنفيذ مثل باقي القرارات الأممية السابقة.

انتصار فلسطيني

اعتبر جمال نزال، المتحدث باسم حركة فتح الفلسطينية وعضو مجلسها الثوري، أن الطلب الأممي المقدم لمحكمة العدل الدولية لإبداء الرأي في احتلال فلسطين، هو انتصار فلسطيني كبير وخطوة جديدة ومهمة.
العدل الدولية تعلن تلقيها طلبا أمميا لإبداء الرأي في "الاحتلال الإسرائيلي" في الأراضي الفلسطينية
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فقد حققت فلسطين في هذا الملف خطوات ناجحة، حيث تمكنت في حشد أصوات وموافقة 107 دولة مقابل 13 دولة، خلال اجتماع لجنة الإدارة والميزانية الذي سبق اجتماع الجمعية العامة، ثم حشد 87 صوتا مقابل 26 رغم الضغوط الإسرائيلية الهائلة المدعومة من قوى عظمى كبيرة.
وأكد أن قبول المحكمة النظر في الطلب يمثل خطوة مهمة في طريق كبح انتهاكات إسرائيل والتي تعتقد أنها دولة فوق القانون بسبب ارتباطها بمصالح بعض الدول النافذة، بموجب محسوبية دبلوماسية موهومة ومضادة للقانون الدولي والحقوق التاريخية.
وأوضح أن الفلسطينيين ينظرون قرار محكمة العدل الدولية، بوصفها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، حيث يرسل القرار رسالة مهمة للعالم، بأنه لا حق لدولة احتلال في أن تلغي القانون الدولي، مهما حاولت الاستفادة من ظاهرة المحسوبية الدبلوماسية التي تقدمها لها بعض الدول، على حساب الحق والقانون الدولي.
اشتية يطالب الأمم المتحدة بإدانة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني
ويرى نزال أن هذه الخطوة تعطي الأمل للفلسطينيين نحو تحقيق توازن يلغي الخلل الذي يتسبب فيما ترتكبه إسرائيل بشكل يومي من عنف وانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته الدينية وحقوقه الثابتة.

أزمة التطبيق

بدوره، اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن هذا الطلب يأتي تتويجا للجهود الدبلوماسية الفلسطينية المتعاظمة لمواجهة إجراءات الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان الإسرائيلي، مؤكدا أن القرار مهم كونه ينبع من حقيقة أن "العدل الدولية" تعد أعلى محكمة تتبع الأمم المتحدة للتعامل مع النزاعات بين الدول، وتعتبر أحكامها ملزمة رغم أنها لا تملك أي سلطة لتنفيذها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الإشكالية في مثل هذه الخطوات كانت دائمة ولا تزال في عملية التطبيق، ولعل القرار الأممي رقم 2334 أبرز مثال على ذلك، حيث لم يتم تنفيذ أي شيء من أحكامه على الرغم من أنه ينص على وجوب وقف هذه الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في فلسطين.
"حماس": المسجد الأقصى المبارك في خطر
واعتبر أن المجتمع الدولي اليوم مطالب بالخروج من دائرتي الاستنكار والنفاق، وأن يتوقف عن ازدواجية المعايير فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأي قضية أخرى.
وشدد على ضرورة أن يتقدم المجتمع الدولي ومؤسساته من أجل حماية الأجهزة التابعة للأمم المتحدة من الابتزاز الأمريكي والإسرائيلي، وكذلك من الأجندات السياسية المتحكمة في مسارات عملها لتأدية واجباتها المنصوص عليها في القانون الدولي.
من جهتها، دعت وزارة الخارجية الفلسطينية، "الدول الشقيقة والصديقة لتقديم مرافعاتها القانونية لمحكمة العدل الدولية، ورأيها في قانونية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي على أرض دولة فلسطين، وأثر ذلك على الحقوق الفلسطينية".
وقالت الخارجية الفلسطينية، في بيان، إن "الطريق الى إصدار الفتوى القانونية في ماهية الاحتلال الإسرائيلي قد بدأ، وهذا يحتاج الى تضافر الجهود الوطنية، والإقليمية والدولية وصولا إلى تحقيق العدالة".
مقتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن في رام الله
وأوضحت أن "الدبلوماسية الفلسطينية جاهزة للتعامل مع هذا التحدي الكبير، وتنفيذ تعليمات القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، في اتخاذ كل السبل لإحقاق حقوق شعبنا وحمايتها حتى إنهاء الاحتلال، وإنجاز الاستقلال"، مشددة على أنها "تتابع مع بعثاتها في الأمم المتحدة، ولاهاي، هذه الإجراءات الفنية، وصولا الى دعوة الدول لتقديم المرافعات المكتوبة والشفهية".
وأكد البيان "استلام رسالة رسمية من مسجل محكمة العدل الدولية فيليب قاوتر، يعلم فيها دولة فلسطين والدول المعنية بالظهور أمام المحكمة"، مشيرة إلى أن الإجراءات تسير بشكلها الطبيعي، وبناء على المعايير القانونية لعمل المحكمة، ونظامها الداخلي.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت بالأغلبية مشروع "القرار الخاص بالممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، في جلستها التي عقدت بتاريخ 30 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
مناقشة