شروط قطرية للتطبيع مع سوريا... ما موقف دمشق وما إمكانية تحقيقها في ظل التقارب العربي؟

علم قطر
بعد سنوات طويلة من العزلة، بدأت العلاقات العربية السورية استعادة توازنها في الفترة الأخيرة، بعد مبادرات للتطبيع مع دمشق، ضمّت دولا أساسية في المنطقة، على رأسها مصر والسعودية والإمارات والأردن.
Sputnik
التقارب السوري العربي، ولا سيما على المستوى الخليجي، وجّه الأنظار إلى قطر، والتي تتخذ موقفا مغايرا لتلك المواقف العربية الأخيرة، إذ أكدت الدوحة أنها لم تغير موقفها من التحرك لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، مشيرة إلى أنها "لن تطبع مع النظام السوري حتى تزول الأسباب التي دعت إلى مقاطعته".
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أول أمس الثلاثاء، إنه "لا يوجد حتى الآن إجماع عربي حول عودة النظام السوري للجامعة العربية، ودولة قطر تتعامل مع هذه القضية باعتبارها من أولويات القضايا العربية، لذلك فإن الإجماع العربي فيها محل اهتمام، وحتى يتوافر هذا الإجماع الذي يأتي نتيجة تطورات إيجابية على الساحة السورية لا نراها ماثلة أمامنا".
وطرح البعض تساؤلات عن موقف سوريا من الشروط القطرية لعودة العلاقات، وإمكانية تحقيقها في ظل الحراك العربي الأخير، لا سيما مع المملكة العربية السعودية، والتي تستضيف القمة العربية المقبلة.
أمير قطر: أستغرب تأخر وصول المساعدات إلى سوريا
موقف قطري
اعتبر المحلل السياسي القطري، عبد الله الوذين، أن "الموقف القطري من عودة العلاقات مع سوريا لم يتغير، وسبق وأن أكدت وزارة الخارجية في أكثر من مناسبة عليه، حيث تقف الدوحة مع الشعب السوري منذ بداية الأزمة، ولم تتأخر عن أي مبادرة من شأنها دعم حقوق الشعب".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن

"الشروط القطرية لإعادة العلاقات واضحة منذ البداية وثابتة، وعلى النظام السوري تحقيقها، لا سيما فيما يتعلق بحل الأزمة القائمة سياسيا، وتحقيق مخرجات بيان "جنيف 1"، وكذلك أن يكون هناك إجماع عربي"، مشددًا على أن "قطر لن تتأخر عن أي خطوة في هذا الشأن، في حال أجمعت دول الجامعة العربية حوله".

وفيما يتعلق بالتقارب العربي من دول السعودية ومصر والإمارات والأردن مع دمشق، أوضح الوذين أنها "تبقى مجرد مبادرات فردية، قطر تعلم بها وقد تكون منخرطة في بعضها، لكن لا يمكن أن تمثل حالة الإجماع العربي المنشود".
خارج السياق
بدوره، اعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، الدكتور أسامة دنورة، أن "التطورات التي تشهدها المنطقة والإقليم والعالم العربي تدفع للقول بإن حقبة الربيع العربي التي موّلتها قطر بغطاء أمريكي من قبل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، وبشراكة استراتيجية تركية، قد لفظت أنفاسها الأخيرة بالفعل، فإمارة قطر حاولت تعظيم دورها الاستراتيجي في المنطقة، انطلاقا من طفرة في ريع عائداتها النفطية والغازية، والتي حاولت توظيفها في أكثر من اتجاه، فاستثمرت ثروات هائلة في إعلامها الإشكالي، وبنت علاقات تمويل مصلحية مع الخلايا النائمة لتنظيم الإخوان في غالبية البلدان العربية، وبنت شراكة استراتيجية مع التركي في إطار المشروع ذاته".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "تتضاءل اليوم عوامل القوة القطرية "المستعارة" إلى حد الاندثار، فالدعم الأمريكي للمشروع الإخواني قد انتهى، وقد فشِل هذا المشروع سياسيا وميدانيا في العراق ومصر وسوريا وتونس وليبيا والسعودية ودول مجلس التعاون بشكل عام، وتركيا من جهتها باتت مضطرة لتقديم أولوياتها الاقتصادية واعتباراتها السياسية الداخلية والانتخابية، واعتبارات الأمن الذاتي والمجتمعي لديها على أية اعتبارات أخرى".
وتابع: "كما فقد الإعلام القطري سطوته وبريقه مع هزيمة مشروع الفوضى الشعبوية والعنف المتفلت وإذكاء الصراعات الداخلية التي اشتغل عليها ذاك الإعلام لعقد ونيف من الزمان، أما القوى التي دعمتها قطر بالمال والسلاح فقد انتهت إلى اعتبارها من قبل الوعي الجمعي العربي (الشعبي والرسمي) أنها قوى خراب وتطرف وتخلف وفوضى وإرهاب وسفك دماء".
إعلام: أمير قطر يلتقي بالسيسي في القاهرة لأول مرة منذ المقاطعة "لإتمام التطبيع"
ولفت إلى أن "المشهد بعد عقد من الزمان شهد انعكاسا كاملا على المستوى العربي، فبعد أن قادت قطر إلى حد بعيد المجموعة العربية مطلع العقد المنصرم نحو حقبة من اللا استقرار، فهي تبدو اليوم، وبعد مرور عقد من الزمان، في حالة عزلة سياسية، وذلك على الرغم من الإنهاء العلني لحالة الحصار الذي فرض على الإمارة من قبل أشقائها الخليجيين ومصر، ولذلك فإن تمسك نظام إمارة قطر بخطاب متآكل يعود للعقد المنصرم ليس تغريدا خارج السرب فحسب، بل قراءة خارج السياق لحركة التاريخ".
أما من الجانب السوري، والكلام لا يزال على لسان دنورة، "فالمؤشرات توحي بأن اليد السورية ممدودة نحو المصالحة العربية - العربية، مع التأكيد على أن تلك المصالحة لا يمكن أن تكون مشروطة، ولا يمكن أن تقوم إلا بناءً على مسلمتين أساسيتين؛ عدم تدخل أي دولة عربية بالشؤون الداخلية للدولة الأخرى، وعدم التدخل في خيارات بعضها بعضًا على مستوى العلاقات الإقليمية والدولية".
وتابع موضحا أن "اليد السورية الممدودة للمصالحة العربية لم تبلور موقفا معلنا لحد الآن تجاه قطر، فالثقل الأساس وزعامة مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الثقل الهام على المستوى العربي والدولي ينعقد للرياض لا للدوحة، فضلا عن أدوار محورية لا تقل أهمية لأبو ظبي ومسقط، دون أن ننسى أيضاً أن النظام في قطر هو الذي مثل الطرف الأكثر تورطاً في استهداف سورية بالأرقام، وباعتراف مسؤوليها السابقين، وبالتالي الموقف السوري تجاه المصالحة مع الأسرة الحاكمة في قطر ما زال، وحتى إشعار آخر، ضمن مساحة عدم التعيين".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية قد شدد على "ثبات الموقف القطري"، قائلا:
"نعتقد أنه لن يكون هناك أي تغير من الموقف القطري، فموقفنا واضح وثابت ولا يتأثر بما يدور في المشهد ما لم توجد تطورات حقيقية داخل سوريا بشكل يرضي تطلعات الشعب السوري، أو يكون هناك إجماع عربي مبني على هذه التطورات الإيجابية في الداخل السوري، أما في الوقت الحالي فلا يوجد ما يدعو للتفاؤل بشأن وجود قرب للتطبيع مع النظام السوري وإعادته للجامعة العربية".
وأكد ترحيب ودعم دولة قطر للجهود العربية في إطار إيجاد حل للأزمة السورية، مشددا على أن "هذا الحل يجب أن يكون مبنيا على وجود تطورات إيجابية، واستجابة حقيقية للمطالب الشعبية، وألا يكون هناك "خيانة للدماء التي سالت" لتحقيق هذه التطلعات"، على حد قوله.
منذ أن ضربت الزلازل تركيا وسوريا في 6 فبراير/ شباط، وأودت بحياة أكثر من 5900 شخص في سوريا وفاقمت الأزمة الإنسانية في البلاد، توالت الزيارات الرسمية إلى دمشق ولقاء الرئيس السوري، بشار الأسد.
مساعدات قطرية وسعودية... هل تفتح "كارثة" سوريا الباب أمام تطبيع خليجي مع دمشق؟
وتقود الإمارات العربية المتحدة، المساعي الشرق أوسطية نحو إحياء العلاقات مع دمشق، وقامت بتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية في عام 2018، كما ساهمت في جهود الإغاثة في أعقاب زلزال 6 فبراير/ شباط الذي ضرب جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف.
وأجرى الأسد محادثات في عمان، الشهر الماضي، في أول رحلة خارجية له منذ وقوع الزلزال، وزار روسيا في وقت سابق من الشهر الجاري، والتقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
كما أبدت مصر نية لاستعادة العلاقات مع سوريا، مع زيارة وزير خارجيتها سامح شكري إلى دمشق الشهر الماضي، في أول زيارة لدبلوماسي مصري رفيع المستوى إلى دمشق منذ بدء الحرب.
وفتحت السعودية، التي توصلت مؤخرا إلى اتفاق مع إيران لاستعادة العلاقات الثنائية، الباب أمام حوار محتمل مع دمشق خاصة بشأن القضايا الإنسانية، قائلة إن هناك إجماعا عربيا متناميا يفيد بأن عزل سوريا أصبح غير مجدٍ.
أما قطر، فأعربت عن معارضتها لأي تحركات نحو إصلاح أو تطبيع العلاقات مع سوريا.
مناقشة