الحكواتي.. مهنة تقاوم النسيان وتنعشها ليالي رمضان في تونس... صور وفيديو

"يا سادة يا مادة يدلنا ويدلكم للخير والشهادة".. بهذه العبارات ينطلق الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته الشيّقة على جمهوره من جيل الصغار وحتى الكبار الذين ينتظرون جلساته بفارغ الصبر.
Sputnik
درويش (53 سنة) واحد من التونسيين القلّة الذين ما يزالون متمسكين بهذه المهنة التراثية ويحاول إحيائها بشتى الطرق، تساعده في ذلك التكنولوجيا وأجواء رمضان التي تغلب عليها الجلسات والمسامرات.
يتحدّث درويش لـ"سبوتنيك" عن قصته مع مهنة الحكواتي، قائلا: "اكتشفت شغفي بهذه المهنة عن طريق الصدفة ولكنها تحوّلت لاحقا إلى جزء من عالمي وهويتي".
وخلافا لبعض الفنون الفرجوية الأخرى، لا يمتلك الحكواتي أدوات لإبهار جمهوره، لذلك يعمد درويش إلى استخدام اللباس التقليدي التونسي لجلب انتباه متابعيه. فتراه يجلس قبالة الأطفال بجبته الأصيلة ويسرد عليهم حكاياته بلهجة عامية لا تخلو من فنون الإضحاك والإمتاع والحكمة، يساعده في ذلك تكوينه المسرحي وخبرته في التنشيط الثقافي.

مهنة تنعشها ليالي رمضان

ويبدو أن شهر رمضان بنفحاته ومسامراته نفض الغبار عن هذه المهنة التراثية، إذ يؤكد درويش أن نشاط الحكواتي يزدهر في هذا الشهر ويتعالى الطلب داخل المقاهي والفضاءات الثقافية على الخرافة التي تزيد من متعة مسامرات رمضان.
ويستعين درويش بذاكرته الصلبة التي تخزّن مئات القصص والخرافات وبمهارته في الإلقاء والتعبير في سرد حكاياته على جمهوره الذي عادة ما يكون من صنف الأطفال.
1 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
2 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
3 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
4 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
5 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
6 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
7 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
8 / 8
الحكواتي التونسي هشام درويش في سرد حكاياته على جمهوره
يقول درويش "العبرة هي حجر الأساس في كل حكاية، إذ لا بد للقصة أن تحمل بين طياتها حكمة وموعظة حتى يستفيد سامعوها منها ويعتمدونها كمنهج في سلوكهم ومعاملاتهم مع الناس".
ولأن أغلبية جمهوره من الأطفال، يجتهد درويش في تبسيط حكاياته قدر المستطاع حتى يَسهُل على الصغار فهم معانيها.
ويغيّر درويش أسلوبه حسب الفئة العمرية، فتراه يركّز على التعبيرات الجسمانية عندما يكون جمهوره في فترة الطفولة المبكرة (دون 5 سنوات)، في حين يكون التركيز على مضمون الحكاية عندما يكون مستمعوه من المرحلة المدرسية، لأنهم يمتلكون القدرة على فهم الجمل والترابط بين الأحداث.
وسائط متعددة
مشاهد من أجواء شهر رمضان حول العالم
ولا تنتهي مهمة درويش عند حدود سرد الحكاية، إذ يحرص الحكواتي على فتح باب النقاش مع الأطفال عند نهاية كل قصة، ويسألهم بأسلوبه الطريف عن العبرة المستخلصة منها، وعادة ما ينبهر بتفاعلهم وبذكائهم.
ورغم أن هذه المهنة لا تدرّ عليه الكثير من المال إلا أن درويش متمسك بها، فهو يقول إن أجرته الأثمن هي ضحكة الأطفال وفرحتهم عند سماع حكاياته.

مهنة الأجداد يحييها الأحفاد

والحكواتي مهنة ضاربة في القدم تعود جذورها إلى قرون خلت اشتهرت بها خاصة الدول العربية، وذاع صيتها في تونس مع الحكواتي الشهير "عبد العزيز العروي" الذي كان يروي خرافاته عبر الإذاعة بالدارجة التونسية وبأسلوب شيّق، ثم صوّرت في شكل أشرطة تلفزيونية ما تزال إلى اليوم تلقى رواجا واسعا.
وعن أصل هذه المهنة، يقول درويش: "قديما كان العرب كثيري الترحال، فتراهم يسافرون من بلد إلى آخر وينتقلون من سوق إلى أخرى. وعندما يعودون إلى مستقرهم يروون مغامراتهم وما يجوب الرحلة من وقائع إلى ذويهم".
وتابع:
"هذه الحكايات تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل إلى أن برزت الحاجة إلى شخصية الراوي التي تمتلك موهبة سرد الحكاية أو الخرافة بطريقة مشوقة وواضحة".
تدريجيا أصبح للحكواتي مكان مقدس داخل المقاهي، يجتمع حوله الناس مساءً للاستماع إلى حكاياته التي يتفنن في سردها مستخدما الأمثال الشعبية، ويقتبسها تارة من الموروث وأخرى من الواقع اليومي. وعادة ما يمتلك الحكواتي صفة الحكمة، فيقبل عليه الناس لاستشارته في أمور عدة بعضها شخصي ويتدخل أحيانا كوسيط بين المتخاصمين.
مجتمع
5 عادات مهمة للبقاء بصحة جيدة خلال شهر رمضان
ويؤكد درويش أن فن الحكاية تجذّر في الثقافة التونسية وتحوّل إلى تعبيرة فنية في فنون الفرجة الحيّة لها شروطها وأسرار نجاحها. يقول: "الحكواتي شبيه جدّا بالمغني الذي لا يمكنه أن يحقق النجاح إذا لم يكن له صوت جيد، وكذا الحال بالنسبة للحكواتي الذي يجب أن تتوفر فيه صفات محددة من بينها الصوت الشجي والحضور الركحي وامتلاك موهبة السرد بطريقة شيقة دون الوقوع في التمثيل".

حكايات تحييها التكنولوجيا

وفي ظل العصر الذي طغت عليه التكنولوجيا والعولمة، يُصارع الحكواتيون في تونس من أجل الإبقاء على مهنتهم التي يتهددها الاندثار بعد أن استُبدلت الحكايات بشاشات التلفزيون والهواتف الذكية.
لكن الحكواتي هشام درويش لا يستسلم إلى هذه المُعيقات، ووجد الحل لإحياء مهنته عن طريق استغلال التكنولوجيا في سرد حكاياته بطريقة مبتكرة استطاع من خلالها كسب جمهور عريض من مختلف الفئات العمرية.
يقول درويش: "انطلقت الفكرة زمن الحجر الصحي الشامل. حينما ركن الناس إلى بيوتهم وأصابهم الملل، بادرت بتسجيل مقاطع فيديو قصيرة تارة أسرد فيها حكايات شيّقة وتارة أقيم مسابقات في الأمثال الشعبية".
رمضان حول العالم
1 / 18
رجل يحمل فوانيس رمضانية تقليدية تسمى "فانوس" في كشك قبل شهر رمضان المبارك، في القاهرة، مصر، 31 مارس 2022.
2 / 18
رجل سعودي يستخدم منظارًا لرصد أول هلال للقمر، إيذانا ببداية شهر رمضان المبارك، في مدينة الطائف جنوب غرب السعودية، 1 أبريل 2022.
3 / 18
مصلون يؤدون صلاة التراويح عشية اليوم الأول من شهر رمضان المبارك في مسجد آيا صوفيا في اسطنبول، تركيا، 1 أبريل 2022.
4 / 18
مسجد آيا صوفيا الكبير في اسطنبول، 1 أبريل 2022، عشية اليوم الأول من شهر رمضان المبارك
5 / 18
رجل يراقب موقع القمر الجديد بمناسبة بداية شهر رمضان المبارك في سورابايا، إندونيسيا 1 أبريل 2022.
6 / 18
رجل فلسطيني يعلق أضواء زخرفية استعدادًا لشهر رمضان المبارك، في شوارع البلدة القديمة في القدس، 1 أبريل 2022.
7 / 18
يؤدي المصلون صلاة التراويح المسائية الأولى قبل بدء الصيام في الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، في مسجد أولو التركي في أوتريخت، هولندا من 1 أبريل 2022.
8 / 18
أشخاص يقفون لالتقاط صور بجوار زينة رمضان على شكل "هلال الأول من رمضان" إيذانا ببداية شهر رمضان المبارك في منطقة السيف بإمارة دبي، 1 أبريل 2022.
9 / 18
بائع يبيع الثوم ينتظر الزبائن في أحد الشوارع بينما يستعد اليمنيون لصيام شهر رمضان في صنعاء، اليمن، 1 أبريل 2022.
10 / 18
أطفال فلسطينيون يلعبون بالمصابيح المضيئة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة أثناء احتفالهم عشية أول ليلة من صيام شهر رمضان المبارك،1 أبريل 2022.
11 / 18
طفل سوري يؤدي صلاة التراويح الخاصة التي تبدأ مع حلول شهر رمضان المبارك، 1 أبريل 2022، في قرية جندريس بريف مدينة عفرين شمال غرب محافظة حلب.
12 / 18
الناس يتسوقون في سوق الجملة قبل شهر رمضان المبارك في الموصل، العراق، 31 مارس 2022.
13 / 18
مصلون يؤدون صلاة التراويح مساء أول ليلة قبل بدء الصيام في الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، في مسجد في معرة مصرين بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، في وقت متأخر من 1 أبريل 2022.
14 / 18
امرأة تتفقد زينة رمضان قبل حلول شهر رمضان المبارك في بيروت، لبنان، 30 مارس 2022.
15 / 18
مصلون يؤدون صلاة التراويح عشية الليلة الأولى من صيام شهر رمضان المبارك، في الجامع الأزهر بالمنطقة الإسلامية القديمة بالقاهرة، مصر، 1 أبريل 2022.
16 / 18
يتم توزيع الطعام من قبل منظمة مجلس الشعوب، وهي منظمة إسلامية غير ربحية، خلال توزيع الطعام الأسبوعي على المحتاجين وقبل عطلة شهر رمضان في 1 أبريل 2022 في منطقة بروكلين بمدينة نيويورك. ترى المنظمة ، الذي يساعد المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، في المتوسط أن أكثر من 1500 شخص في الأسبوع بحاجة إلى الطعام، وهو رقم ظل ثابتًا حتى مع انحسار الوباء. بينما يستعد سكان العالم البالغ عددهم 1.6 مليار مسلم لبدء شهر رمضان، وهو أكثر الأعياد الروحانية والمقدسة بالنسبة للمسلمين، لا تزال هناك حاجة ماسة للمساعدة الغذائية في أجزاء كثيرة من البلاد. وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، يعاني أكثر من 38 مليون شخص في الولايات المتحدة من انعدام الأمن الغذائي.
17 / 18
باكستانيون يصنعون الحلويات التقليدية في سوق لعرضها للبيع قبل شهر صيام رمضان القادم في حيدر أباد، باكستان، 2 أبريل 2022.
18 / 18
يستخدم مسؤول المزواة يراقب الهلال الجديد لصيام شهر رمضان المبارك للمسلمين، في بوتراجايا في 1 أبريل 2022.
فوجئ درويش بالاهتمام البالغ الذي حظيت به حكاياته على مواقع التواصل الاجتماعي من مختلف الأعمار والفئات، فحوّلها إلى موعد قار بعنوان "مع حكايات درويش"، قبل أن يبادر بترجمتها إلى لغة الإشارة مستعينا بمساعدة الجمعية التونسية لمترجمي لغة الإشارة.
تلقّى درويش عروضا كثيرة في توظيف البرمجيات في إحياء الحكاية، مضيفا "بهذه الطريقة انفتحت الحكاية على التكنولوجيا، وتحولت مواقع التواصل الإجتماعي إلى وسيلة لإعادة الروح في مهنة الحكواتي وأصبح الطفل شريكا في الإبداع وليس مجرد متلقي".
ويحرص درويش على مساعدة زملائه من الحكواتيين الذين تحولوا إلى عملة نادرة الوجود في هذا العصر، إذ بادر بإنشاء مجموعة فيسبوكية تحت عنوان "الحكاية حق للجميع"، يعرض فيها خبرته على المولعين بفن الحكاية ويساعدهم على شق طريقهم في هذا العالم.
مناقشة