منع دخول الأهالي قرية الغجر... أين يصل الصدام الحدودي بين إسرائيل ولبنان؟

زاد التوتر الحدودي بين لبنان وإسرائيل، والذي تركز في الآونة الأخيرة في مزارع شبعا، ليشمل قرية الغجر المتنازع عليها.
Sputnik
وندد لبنان بمنع إسرائيل دخول مواطنيه إلى قرية الغجر واتهمها بأنها محاولة ضم وقضم للحقوق، ووصفت الخارجية هذه الخطوات بأنه "خرق واضح لقرار مجلس الأمن رقم 1701".
وقال بيان للخارجية اللبنانية، إن هذا الأمر يخلق واقعًا جديدا على الأرض، ودعت كافة الأطراف الدولية بالتدخل من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين واستقرار الجنوب، مطالبا بالضغط على تل أبيب لوقف هذه الخطوات.
وطرح البعض تساؤلات عن الأسباب التي دفعت إسرائيل لإثارة هذا الملف وسر التوقيت، ومدى إمكانية أن يشكل نقطة صدام عسكرية جديدة مع لبنان.

تقصير لبناني

اعتبر العميد خالد حمادة، الخبير الأمني اللبناني، ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات أن واقعة ضم إسرائيل للجزء اللبناني من قرية الغجر توضح بعدين، الأول إمعان إسرائيل في اعتدائها على القرار رقم 1701 وعلى لبنان وتجاوز القانون الدولي.
الجيش الإسرائيلي ينشر "القبة الحديدية" على حدود لبنان وغزة تزامنا مع قصف جنين
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، أما البعد الثاني وهو الأهم يتركز حول إهمال الدولة اللبنانية لهذه القضية الحدودية وغياب القرار السيادي حولها، بفعل عدم اتخاذ قرار حكومي منذ تطبيق قرار الـ1701، بأن الدولة اللبنانية هي المعنية بأمن المنطقة الجنوبية.
وقال إن هذه إحدى المناطق المتنازع عليها، وقرية الغجر احتلتها إسرائيل عام 1967م واعتبرتها جزءا من الجولان، ثم بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000 احتفظت إسرائيل بجزء من الأراضي اللبنانية التي كانت قد شيدت عليها أبنية لمن كانوا يسكنون في قرية الغجر، وغالبيتهم من الجنسية السورية.
ويرى أن المؤسف هو تقاعس الدولة اللبنانية على القيام بواجباتها بعدم نشر الجيش اللبناني في القسم غير المأهول في منطقة الغجر، وكان بالإمكان السيطرة عليه، وهذا الإهمال في التعامل مع المناطق الحدودية مثل مزارع شبعا وغيرها كان واضحًا عبر إسناد المسؤولية لبعض القوى ومنها "حزب الله"، هو ما أدى إلى تطوير إسرائيل موقفها على الأرض.
شكوى في مجلس الأمن وحشد عسكري متبادل.. أين يصل التوتر الحدودي بين إسرائيل ولبنان؟
ولفت إلى أن الدولة اللبنانية لم تقم بأي ردة فعل، لا على المستوى الدبلوماسي أو المستوى الحكومي، ولا حتى على مستوى تحريك القوى العسكرية باتجاه المناطق غير المأهولة والتي يجب السيطرة عليها قبل أن يتطور الموقف أكثر من ذلك، وتذهب إسرائيل أبعد من هذا في اعتداءاتها.
وقال إن تقصير الدولة اللبنانية في هذا الملف هو العامل الواضح والفاضح، ولا بد من أن يكون هناك تحرك لبناني، ويتم استدعاء قائد اليونيفيل للبت في النقاط المتنازع عليها، وتكليف الجيش فعليا بالقيام باتخاذ تدابير في هذه المناطق وعدم الاختباء خلف كونها مناطق متنازع عليها للتراجع عما يمكن السيطرة عليه من حقوق لبنانية.

أزمة مفتعلة

اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن قضم إسرائيل للأجزاء اللبنانية الخاصة بقرية الغجر الحدودية، هي محاولة واضحة لافتعال أزمة سياسية مع لبنان، ودفعه إلى حرب أو رد فعل عسكري مضاد لهذه التحركات.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، تأتي التحركات الإسرائيلية الأخيرة لأسباب عدة، أبرزها الوضع الداخلي الإسرائيلي المتأزم، ومحاولة اليمين المتطرف هناك بقيادة بنيامين نتنياهو لافتعال أزمات خارجية تغض الطرف عن التظاهرات والأوضاع الداخلية، لعل ذلك يساعده في الخروج من مأزقه السياسي بالداخل.
إعلام: إسرائيل تقول إن "حزب الله" فكك خيمه على الحدود اللبنانية
ويرى أبو زيد أن إسرائيل والحكومة كذلك غير راضية للتطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، إن كانت لجهة التقارب بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، أو بين طهران والمملكة العربية السعودية، وكذلك عودة سوريا لمحيطها العربي، وإعادة علاقاتها مع الدول العربية.
وأكد المحلل السياسي أن تل أبيب تحاول استدراج المنطقة لإشكال أو مواجهة أمنية لعلها تستطيع الخروج من مأزقها الداخلي والإقليمي، واختيار لبنان بشكل أساسي يعود إلى حالة الضعف والهشاشة التي يعيشها بسبب الوضع الداخلي المتأزم، حيث فراغ سدة الرئاسة، وعدم وجود حكومة مكتملة الصلاحيات، ناهيك عن الأزمات والخلافات ما بين القوى السياسية.
ولفت أبو زيد إلى أن الأزمة مفتعلة ومقصودة، تسعى من خلالها حكومة نتنياهو المتطرفة والتي تواجه وضعا صعبا في الداخل، وتظاهرات واحتجاجات ضدها الهروب من هذه الوضعية عبر أزمات خارجية مفتعلة.
والغجر، قرية صغيرة سكانها من الطائفة العلوية، تقع في ركن محاصر من 3 دول في الشرق الأوسط، وهي إسرائيل ولبنان وسوريا.
مناقشة