التجديد لـ "يونيفيل".. أزمة دولية جديدة في لبنان ومخاوف من انعكاساتها السياسية

سجال سياسي ومعركة دبلوماسية جديدة يدخلها لبنان مع مجلس الأمن، بسبب التجديد لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، وذلك وسط الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.
Sputnik
الأزمة تأتي في ظل إعلان وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، عبد الله بوحبيب، رفض بلاده للصيغة المطروحة حاليا في مجلس الأمن لمسودة مشروع قرار التجديد لـ "اليونيفيل"، لأنها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق عملياتها مع الحكومة اللبنانية، ممثلة في الجيش اللبناني، وفقًا لاتفاقية عمل الـ"يونيفيل" المعروفة بـ "SOFA"، حسبما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام.
وأشار بو حبيب إلى أن "تجديد ولاية القوة الدولية في الجنوب، يأتي بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية"، مشددا على "رفض لبنان لنقل ولاية الـ"يونيفيل" من الفصل السادس، وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الصادر عام 2006، الذي يدعو إلى حل النزاع بالطرق السلمية، إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على "فرض القرار بالقوة"، على حد قوله.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أزمة التجديد لقوات اليونيفيل، وإمكانية أن تقود لأزمة جديدة بين لبنان والأمم المتحدة، ومدى انعكاس ذلك وتداعياته على الداخل اللبناني.
الخارجية اللبنانية تعلن رفض الصيغة المتداولة لمسودة مشروع قرار التجديد للـ"يونيفيل"
معركة دبلوماسية
قال الخبير الأمني اللبناني، ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، العميد خالد حمادة، إن لبنان يقود معركة دبلوماسية في الأمم المتحدة لمحاولة تغيير تعديلات العام السابق الخاصة بقواعد الاشتباك، والتي أعطت لقوات اليونيفيل حرية الحركة دون أخذ موافقة الجيش اللبناني.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه التعديلات التي تمت جاءت استنادا لمجموعة من التقارير التي امتدت لسنوات على خلفية عدم تمكين قوات اليونيفيل القيام بمهمتها طبقا للقرار 1701.
واستبعد حمادة أن يتراجع مجلس الأمن عن التعديلات التي أجراها، حيث يبدو أن الإدارة الأمريكية ذاهبة باتجاه الإبقاء على هذا التعديل، لأن المجتمع الدولي يشعر بأن القرار الأممي لا يطبق، وأن تجاوزات البعض في الجنوب قد تؤدي إلى إشعال الجبهة الجنوبية على خلفية محاولة تكريس وضع سياسي وأمني ما، والاستفادة مما يمكن أن ينتج عن تجاوز القرار الأممي.
ويرى أن مجلس الأمن سيجدد القرار كما كان، وربما يؤدي ذلك إلى نوع من التوترات مع قوات اليونيفيل، وقد يكون خطوة أولى على طريق محاولة المجلس استعادة المبادرة وتطبيق القرار 1701 كما يجب أن يطبق.
الجيش الإسرائيلي يرسل مبعوثا إلى أمريكا للتباحث في تمديد فترة عمل قوات الـ"يونيفيل" في لبنان
رغبة أمريكية وإسرائيلية
بدوره، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن هذه مسألة قديمة جديدة، وكل عام يكون هناك محاولة لتمديد وتعديل صلاحيات قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا التوجه للتعديل يأتي لمحاولة إعطاء دور أقوى لهذه القوات، وسط رغبة لنشرها على الحدود السورية اللبنانية، وأن يكون لها قدرة على الدخول للمخيمات الفلسطينية، ومناطق تواجد "حزب الله" اللبناني.
وأكد أن الدولة اللبنانية تريد أن يكون هناك تنسيق بين القوات الدولية والجيش، حتى لا يكون هناك تضارب ومشاكل، لا سيما في ظل مخاوف البعض من أن تؤدي هذه التعديلات وتدخل قوات اليونيفيل من دون تنسيق مع الجيش إلى صدام بينها وبين الأهالي، وهذا ربما يؤدي إلى تطوير الوضع اللبناني بشكل غير مستحب.
وقال أبو زيد إن هناك محاولات وشد حبال وتجاذب بين الدول اللبنانية والأمم المتحدة، حيث يطالب لبنان بعدم تعديل مهام تلك القوات، في مقابل الرغبة الأممية بتطوير هذه المهام، الأمر الذي سيكون له تداعيات على الساحة اللبنانية، وربما يقود إلى مواجهة وتصادم بين الأهالي وقوات اليونيفيل.
"حزب الله" اللبناني: خيمة مزارع شبعا أوقفت العدو الإسرائيلي وجعلته ضعيفا ولا يقوى على اتخاذ قرار
وأوضح أن الوضع حساس وخطير وسيكون له آثار وانعكاسات، حيث يراهن البعض بأنه قد يؤسس لحالة دولية جديدة يمكن الرهان عليها في أن تكون مدخلا لتدويل المسألة اللبنانية، مشددًا على ضرورة انتظار تطور الأوضاع.
يذكر أنه، في منتصف أغسطس/ آب الجاري، التقى ممثلون عن الجيشين الإسرائيلي واللبناني وقائد قوات حفظ السلام الدولية "يونيفيل"، بشأن نصب خيمة "حزب الله" على الحدود المشتركة بين البلدين.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية، أن "اللقاء الثلاثي عقد في مقر الأمم المتحدة في مدينة رأس الناقورة"، ونظم اللقاء على خلفية التوترات بين الجيش الإسرائيلي وعناصر "حزب الله" اللبناني على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ونصب الحزب لخيمة على تلك الحدود.
ومنذ نهاية الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان، عام 2006، تجرى الاجتماعات الثلاثية المنتظمة تحت رعاية قوات "يونيفيل" باعتبارها آلية أساسية لإدارة النزاع وبناء الثقة.
مناقشة