مدير مبادرة "الإسناد الإعلامي" يتحدث عن تغير موازين القوى بين الجيش السوداني والدعم السريع

بعد مرور نحو 10 أشهر على بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، لا يزال الحديث عن التوصل إلى السلام ووقف الحرب، غير واضح، فتارة يتم طرح مبادرات وتارة أخرى يكون هناك تصعيد وتغير موازين القوى على الأرض بين طرف وآخر.
Sputnik
حول التطورات الميدانية ومبادرات الحل وأسباب تحول الجيش السوداني من الدفاع إلى الهجوم في الأيام الأخيرة وما تحقق من تقدم على الأرض، أجرت وكالة "سبوتنيك" المقابلة التالية مع أبو بكر عبد العزير، مدير مبادرة "الإسناد الإعلامي" للجيش السوداني.

إلى نص الحوار:

بداية.. لماذا ظهرت مبادرة الإسناد الإعلامي للجيش السوداني الآن وما هو الدور الموكل إليها؟
مبادرة الإسناد الإعلامي للجيش كانت فكرة من قبل ضباط القوات المسلحة من داخل السودان، بدأها إبراهيم الحولي، الذي يعد أحد أذرع القوات المسلحة، ثم تبنينا نحن المهمة من الخارج، بالإضافة إلى شبكات التواصل الموجودة وقنوات الاتصال داخل الجيش من أجل أن نقدم للعالم ما يقوم به الجيش من أجل الحفاظ على أمن واستقرار البلاد بما يقدمه من تضحيات، لذا نحن نسير في نفس الخط لدعم قواتنا المسلحة لأن سلاح الإعلام أقوى من طلقات المدافع.
هل تيقنتم متأخرا إلى الدور الإعلامي في تلك الحرب بعد أن استخدمته الدعم السريع؟
الميليشيات المتمردة (الدعم السريع) استغلت الإعلام بشكل كبير خلال أشهر الحرب وحاولت أن تروج أمام العالم أنها تسيطر، وقامت مبادرة الإسناد الإعلامي للجيش من أجل دحر تلك الشائعات والأكاذيب التي جرى الترويج لها خلال الأشهر الماضية وعملت على كشف الحقائق على الأرض أمام الرأي العام الداخلي وأمام العالم، مع بث المواد الموثقة لتقدم الجيش في الكثير من المحاور، علاوة على رفع الروح المعنوية التي تعرضت لتضليل إعلامي وحرب نفسية خلال الفترة الماضية.
البرهان: إذا لم تنته الحرب في السودان فلن تكون هناك عملية سياسية
معظم التقارير الميدانية السابقة منذ اندلاع الحرب كانت تتحدث عن الموقف الدفاعي للجيش والذي تحول خلال الأيام الماضية إلى الهجوم.. ما سر هذا التحول؟
كان الجيش السوداني منذ بداية الحرب ينتهج سياسة الدفاع، نظرا لأنه كان يضع سلامة وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة في المقام الأول، وكان يستخدم سياسة التعامل مع حرب المدن التي تتبعها المليشيات المتمردة، فكان الجيش يعمل على الدخول إلى مناطق الدعم السريع بأقل الخسائر البشرية في المقام الأول ويقوم بتطهير تلك المناطق، ثم يعود بعدها للدفاع عن المقار الرئيسية لأسلحة القوات المسلحة والمناطق الاستراتيجية.
بدأت الحرب في الخرطوم.. ما حقيقة تفوق الدعم السريع على الجيش في العاصمة؟
في الحقيقة كان هناك تفوق للدعم السريع على الجيش في العاصمة السودانية الخرطوم حتى أشهر قليلة مضت، لكن بعد استنفار الجيش والمواطنين وزيادة الدعم العسكري من العتاد والأفراد، هنا تحول الجيش من الدفاع إلى الهجوم وتمثلت بداية النجاحات الكبرى التي حققتها القوات المسلحة في تحرير مقار سلاح المهندسين في الخرطوم والذي ظل محاصرا لمدة 10 أشهر.
ما هي القوى التي دعمت الجيش خلال الفترة الأخيرة وهل هي قوى داخلية أم خارجية؟
هناك أجهزة أمنية واستخباراتية هى التي تعمل باستمرار على تقدير الموقف في ساحات المواجهة، لكننا لا نستطيع أن ننكر دور المقاومة الشعبية، فلدينا في السودان تجد أن غالبية خريجي المعاهد والجامعات والمدارس قد مروا بفترات تدريب عسكرية خلال دراستهم فيما يعرف بـ"الخدمة الإلزامية"، لذا نجد أن غالبية المواطنين يجيدون حمل السلاح، هذا ما كان له دور في قيام القوات المسلحة باستدعاء أبنائها الذين أنهوا خدمتهم العسكرية، ما عزز من كثافة وقدرات الجيش في الخرطوم والضغط على المليشيات وتغيير ميزان القوى في العاصمة.
وماذا عن عودة العلاقات مع إيران؟
عودة العلاقات "الإيرانية - السودانية" تتعلق بمسائل خارجية وعسكرية، وقد رأت القوات المسلحة السودانية ما ينفعها من علاقات وفي التوقيتات التي ترى فيها مصلحتها في مواجهة مليشيات الدعم السريع المدعومة من بعض الدول بالتدريب والمال والسلاح والأمر ليس خافيا على أحد، لذلك نحن نرحب بكل الدول التي تدعم أمن واستقرار الدولة السودانية سواء كانت إيران أم غيرها.
الجيش السوداني: هروب جماعي للدعم السريع من محيط الإذاعة والتلفزيون وانهيار وشيك لمواقعهم
هل تغيرت موازين القوى بشكل حقيقي في الخرطوم بين الجيش والدعم السريع.. ومتى تعود الحكومة من الشرق إلى العاصمة؟
بالفعل تغيرت معادلة القوة لصالح الجيش في المرحلة الأخيرة، وهذا نتيجة انضمام الشعب ممثلا في المقاومة الشعبية، علاوة على التحولات التي جرت من جانب الحركات المسلحة السودانية الموقعة على اتفاق سلام جوبا، والتي أعلن العديد منها الانضمام والقتال إلى جانب الجيش ضد مليشيا التمرد ومن بينها حركات "مني أركو مناوي ومصطفى طنبور وجبريل"، وهذه التحولات أمدت الجيش بالمزيد من الرجال والعتاد لمواجهة الدعم السريع الذي جلب الآلاف من المرتزقة للقتال في صفوفه ضد القوات المسلحة السودانية.
تتحدث عن انضمام الحركات المسلحة للجيش.. لماذا تأخرت تلك الخطوة؟
بعد أن تطورت الأمور وبدأ التمرد يستقوي بالخارج ضد الجيش، لم يكن أمام قيادة الجيش والفريق البرهان سوى الاجتماع بقادة تلك الحركات وأبلغهم بأن الحياد غير مجدي في تلك الأيام وأن ضرر السكوت وعدم نصرة الدولة سيكون ثمنه غاليا جدا وقد يضيع البلاد، فاستجابت الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا لنداء الجيش وانخرطت في العمليات العسكرية وتقدمت إلى الصفوف الأمامية، وشاهدنا خلال الأيام الماضية وبالتحديد في منتصف فبراير/ شباط الجاري تقدم حركة العدل والمساواة بقيادة عبد العزيز عشر ووصلت إلى قاعدة "سيدنا العسكرية".
حركة "التحالف السوداني" تعلن انضمامها لقوات الدعم السريع
تقول إن موازين أو معادلة القوى تغيرت في الخرطوم.. كيف ذلك والدعم السريع لا يزال يسيطر على مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي؟
الوضع في الخرطوم، أن مدينة أم درمان التي بها مقر الإذاعة والتلفزيون جميعها الآن تحت سيطرة الجيش فيما عدا مبنى التلفزيون والذي لا تزال تسيطر عليه بعض جيوب المليشيا المتمردة، وخلال الساعات الماضية قام الجيش بعمليات نوعية داخل مبنى التلفزيون ما أدى إلى هروب بعض جيوب مليشيات الدعم السريع من المبنى، وأتوقع سقوط الإذاعة والتلفزيون خلال الساعات القادمة بيد القوات المسلحة السودانية لنحقق الانتصار الكامل وتصبح مدينة أم درمان خالية بالكامل من التمرد، أما في منطقة بحري التابعة لولاية الخرطوم فلا تزال هناك بعض جيوب التمرد، والجيش يحاول تطهير المدينة من التمرد، كما أن هناك أيضا جيوب للتمرد تتمركز في القصر الجمهوري ويتعامل معها الجيش.
ما هي مناطق الثقل التي تتركز فيها قوات الدعم السريع بخلاف العاصمة الخرطوم؟
مليشيا الدعم السريع أصبحت محاصرة من قبل القوات المسلحة السودانية، واليوم نجد أن قوات الدعم السريع تتركز في ولاية الجزيرة ومدينة "ود مدني" حاضرة الولاية، وهذه المناطق تتركز فيها قوات التمرد بمساعدة المليشيا التي قدمت من ليبيا والنيجر، لذلك يعد الجيش السوداني للقيام بأكبر عملية زحف عسكري في أفريقيا نحو ولاية الجزيرة، وعندما يدخلها الجيش فإنها ستكون آخر معاقل الدعم السريع وجيوب التمرد.
ماذا عن المبادرة الليبية ودعوة البرهان لزيارة طرابلس؟
مع تقديرنا للأخوة في ليبيا، لكن لا أرى جدوى لتلك المبادرة، فقد تحدثت القوات المسلحة السودانية وقادتها أكثر من مرة بأنها لا تعترف بأي وساطة أو مبادرة سوى "منبر جدة".
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب
مناقشة