هل تعمدت واشنطن إدارة الأزمة في ليبيا.. وما جدوى طرح مبادرة "الطاولة الخماسية"؟

المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي
بعد أيام من لقاءات متعددة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، بالأطراف الليبية، جدد المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، الدعوة لاجتماع "الطاولة الخماسية".
Sputnik
ونشر باتيلي تغريدة جديدة له عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، مساء أمس الخميس، أكد من خلالها أن تصريحاته جاءت خلال لقائه بسفيرة كندا لدى ليبيا، إيزابيل سافارد، من أجل بحث العملية السياسية في ليبيا والسبل الممكنة للدفع بها إلى الأمام.
فيما أثنى باتيلي⁠ على دعم الحكومة الكندية لعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وكذلك بشأن "جهودها المساندة لمبادرته لجمع الأطراف الليبية الخمسة الرئيسية لاجتماع سياسي عاجل، يهدف إلى تشكيل حكومة موحدة تقود ليبيا على طريق الانتخابات، التي ستعيد الشرعية إلىالمؤسسات الحالية المنتهية الصلاحية"، بحسب قوله.
وكان السفير الأمريكي، ريتشارد نورلاند، التقى عددا من المسؤولين الليبيين، من بينهم رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السائح.
يقول البرلماني الليبي، علي الصول، إن "طرح المبادرة بنفس الصيغة هو مجرد إدارة للأزمة، وليس سعيا لحلها".
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "مبادرة باتيلي تحتاج لتكون سداسية بمشاركة الحكومة المكلفة من البرلمان، أو رباعية باستثناء الحكومة المتمركزة في الغرب".
ويستبعد البرلماني الليبي "نجاح أي خطوة في ظل التخبط الحاصل في المشهد"، مشددا على أن "مجلس النواب لن يشارك في الطاولة، بينما يعمل على تشكيل حكومة موحدة مصغرة لتوحيد السلطة التنفيذية، والإشراف على الانتخابات".
في الإطار، قال أستاذ القانون الدولي في ليبيا، الدكتور محمد الزبيدي، إن "مبادرة الطاولة الخماسية مرفوضة من طرف البرلمان والجيش في الشرق".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "طرح المبادرة مرة أخرى هو مجرد استهلاك للوقت وتدوير للأزمة، خاصة أن واشنطن لا ترغب في إنهاء الأزمة الليبية في الوقت الراهن، وتتركها على ما هي عليه في ظل انشغالها في أوكرانيا".
ولفت إلى أن "واشنطن لو أرادت حل الأزمة لعملت على ذلك بشكل عاجل، لكنها غير مستعدة لإنهاء الأزمة حاليا، بينما تتحدث عن دعم حل لا تتوافر شروطه على الأرض".
وأشار الزبيدي إلى أن "رئيس الحكومة تدخل الأسبوع الماضي عبر الاتصال بالجانب التونسي لإلغاء اجتماع لأعضاء من النواب والأعلى للدولة في تونس، كان يهدف لوضع خارطة طريق لإجراء الانتخابات بتوافق بينهم".
وشدد على أن "الجانب الأمريكي متمسك ببقاء رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة في الغرب، في ظل مراعاة مصالح الدول الغربية والحفاظ عليها"، وفق رأيه.
رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي: باتيلي "شخص غير مرحب به" ومستعدون للتعامل مع خليفته
من ناحيته، قال الباحث الليبي، محمد الأسمر، إن "مبادرة الطاولة الخماسية هي مجرد إطالة لأمد الأزمة، خاصة أنه تحدث في وقت سابق عن قبول الأطراف الليبية بالمبادرة".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "التحركات الأمريكية وما تقوم به البعثة هي "خط موازٍ" للمجهودات التي يقوم بها البرلمان والأعلى للدولة والقبائل من أجل التوصل لتوافقات".

ويتفق الأسمر حول الموقف الأمريكي الذي يسعى لإبقاء المشهد على ما هو عليه، نظرا لتحقق المصالح الغربية في ظل الوضع الراهن.
ويرى الأسمر أن "الوضع في ليبيا "يبقى على ما هو عليه"، نظرا لعدم توافر الطرف الذي يمكنه أن يسير الحوار والتوافق بين الأطراف الليبية التي تتباين مواقفها، في ظل إخفاق البعثة الأممية ومجلس الأمن".
ليبيا.. المبعوث الأممي يجدد الدعوة لطاولة خماسية عاجلة لتشكيل حكومة موحدة
وتتحضر ليبيا لإجراء انتخابات للمجالس المحلية والبلدية، لكن لم يتم تحديد موعدها حتى الآن بسبب عدم وجود تمويل للعملية الانتخابية التي تشمل 98 بلدية.
كما كان من المقرر أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021، لكنها أُرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات بين الفرقاء السياسيين.
ويشار إلى أن الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان الليبي، طالبت الشهر الماضي، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإبعاد المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، عن المشهد الليبي نهائيا واختيار خلف مناسب له يساعد على حل الأزمة السياسية في البلاد
جاء ذلك في خطاب رسمي موجه إلى الأمين العام والأعضاء الدائمين في الأمم المتحدة حول إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، التي تقدم بها أمس الخميس، حيث وصفت الحكومة الليبية إحاطة المبعوث الأممي بأن "بها الكثير من المغالطات وجانبها الصواب في أغلب الأمور، ولا تؤدي في نهايتها إلى حل المشكلة".
وكان باتيلي قد قال، خلال إحاطة أمام أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، أنه "بعد مضي 13 عامًا من الإطاحة بحكم معمر القذافي، لا يزال الليبيون ينتظرون تحقيق تطلعاتهم إلى السلام المستدام والديمقراطية".
وتشهد ليبيا أزمة سياسية متصاعدة في ظل وجود حكومتين في البلاد، واحدة شرقي البلاد مكلفة من البرلمان، وأخرى في الغرب وهي منبثقة عن اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، إذ ترفض الحكومة في طرابلس غربي البلاد، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
مناقشة