شكوى لبنان بمجلس الأمن.. هل تسهم في وقف توسع القصف الإسرائيلي على الجنوب؟

في خطوة دبلوماسية مهمة، أوعز وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، أمس الأربعاء، إلى الدوائر المختصة في الوزارة، بتقديم شكوى ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي.
Sputnik
وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن "لبنان سيتقدم بالشكوى عن طريق بعثته الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وذلك عقب سلسلة اعتداءات إسرائيلية تعتبر الأعنف، بتاريخ 11 و12 مارس/ آذار الجاري، استهدفت المدنيين في مناطق سكنية في محيط مدينة بعلبك وقرى مجاورة، مما أدى إلى سقوط ضحايا وجرحى من المدنيين".
وقالت وزارة الخارجية اللبنانية إن "التصعيد بمناطق بعيدة عن الحدود الجنوبية يعكس رغبة إسرائيل بتوسيع الصراع وجر المنطقة لحرب"، داعية المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة بوتيرة تصاعدية".
إعلام إسرائيلي: 70 صاروخا من لبنان على الجولان والجيش يرد بقصف مجمعين لـ"حزب الله"
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية هذه الخطوة، ومدى إمكانية أن تساهم في وقف استمرار القصف الإسرائيلي للمدن الجنوبية اللبنانية، وتوسعها باتجاه العمق.

تباينات سياسية

اعتبر المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، أن الخطوة التي قام بها وزير الخارجية اللبناني بتقديم شكوى ضد إسرائيل بسبب تجاوزاتها واعتداءاتها على الأراضي اللبنانية واغتيال المدنيين، تحرك طبيعي وبديهي، باعتبار أن الاعتداءات الإسرائيلية تجاوزت الخطوط الحمر والاتفاقيات المرسومة بينها وبين المقاومة، وصارت تطال العمق اللبناني والمدنيين والمباني السكنية، ومن الطبيعي أن يقدم لبنان شكوى.
وتابع في حديثه لـ"سبوتنيك": "لكن بسبب الخلافات الداخلية والتباينات في وجهات النظر أصبح لهذا الموقف دلالات معينة خاصة أن بعض القوى السياسية لا تريد أن تتخذ الحكومة اللبنانية موقفا كهذا تعتبره منحازا وتطالب أن يكون الموقف اللبناني أكثر حيادا، مع العلم أن ذلك يشكل نوعا من التنازل عن حق لبنان في سيادته وأرضه ومن الطبيعي أن يقدم شكوى للدفاع عن المواطنين اللبنانيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي الذي لا يميز بين مقاتل وعسكري ومدني".
الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد للحظة اغتيال قيادي لدى حماس باستهداف سيارته في لبنان... فيديو
وأوضح أن "هذه الخطوة تعتبر موقفا إيجابيا وعمليا لأن المواطن اللبناني يريد أن يشعر بأن هناك حماية من الدولة لوضعه. كما أن الرأي العام العالمي يؤكد أن الدولة اللبنانية مسؤولة عن سيادتها ويتوجب عليها القيام بهذه الخطوات، مع أن البعض يطالب الدولة اللبنانية بأن تستمر في هذا النهج وأن يكون هناك رد من الجيش اللبناني عندما يتعرض المواطنون والأبرياء في الجنوب أو العمق للقصف"، مضيفا: "لكن الحساسيات والتباينات السياسية تفرض على الأجهزة اللبنانية وبعض المسؤولين نوعا من الحياد وتجاهل ما يحدث على الحدود".
وبين أن وزير الخارجية اللبناني والحكومة، بهذا التحرك، قد تجاوزوا كل هذه الاعتبارات واتخذوا موقفا من الطبيعي والبديهي أن تقدم عليه الدولة للحفاظ على سيادتها وأمن مواطنيها.

ممارسة دبلوماسية

اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن خطوة وزارة الخارجية برفع شكوى إلى مجلس الأمن بسبب توغل إسرائيل واستهدافها للمناطق اللبنانية، هي خطوة مهمة على الصعيد الدبلوماسي والسياسي، وخطوة جيدة فكرت فيها حكومة تصريف الأعمال.
وتابع في حديثه لـ"سبوتنيك": "لكن في النهاية الحرب هي من تفرض الحقائق على أرض الواقع، لا سيما أن المقاومة في لبنان تمثل قوة فاعلة ونشطة وما يجري يؤسس لتحولات استراتيجية في الصراع العربي الإسرائيلي".
وأكد المحلل السياسي اللبناني أن كلمة زعيم "حزب الله" حسن نصر الله، في خطابه أمس، أشار إلى نقاط مهمة تكشف أن المقاومة ومحورها يستعدان لعمل نوعي واستثنائي يحقق ما كان يتحدث عنه نصر الله في عبور وتحرير القدس، والحرب الكبرى.
لبنان يتقدم بشكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن بعد اعتداءاتها المتكررة على المدنيين
وأوضح ميخائيل عوض، أن الأمور عندما تكون سارية على هذا المنوال، يصبح اللجوء إلى مجلس الأمن ضد الممارسات الإسرائيلية في لبنان، ممارسة دبلوماسية جيدة.
وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية قصفا متبادلا بصورة شبه يومية بين إسرائيل من جهة و"حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية مسلحة في لبنان من جهة أخرى، وذلك منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
كما حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في وقت سابق، من أن استمرار "الاستفزازات" الإسرائيلية في جنوب البلاد قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع واندلاع حرب شاملة في المنطقة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية ضد قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وتخللت المعارك هدنة دامت 7 أيام جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، تم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال وإدخال كميات متفق عليها من المساعدات إلى قطاع غزة، قبل أن تتجدد العمليات العسكرية، في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وأسفر القصف الإسرائيلي والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، منذ الـ7 من أكتوبر الماضي، عن مقتل أكثر من 31 ألف قتيل، وأكثر من 73 ألف مصاب، إضافة إلى آلاف المفقودين، حسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
مناقشة