استقالة ساعر من حكومة الطوارئ الإسرائيلية... هل تضع ائتلاف نتنياهو في مأزق؟

وسط خلافات حادة بين الفرقاء في الداخل وغضب غربي وأمريكي خارجي، يعيش رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أزمة حقيقية ربما تهدد ببقاء حكومته على سدة الحكم، في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة، التي يواجه فيها اتهامات بارتكاب "إبادة جماعية".
Sputnik
نتنياهو الذي تعرض لضربة قاسمة في مجلس الأمن قبل يومين، حيث لم تتخذ واشنطن فيتو ضد قرار وقف الحرب في قطاع غزة، يواجه معارضة داخلية في حكومة الطوارئ التي شكلها، سواء من بيني غانتس، أو جدعون ساعر الوزير الذي تقدم باستقالته أخيرًا.
وأعلن الوزير في حكومة الطوارئ الإسرائيلي جدعون ساعر، رئيس حزب "تكفا حداشاه" (أمل جديد) استقالته من الحكومة التي انضم إليها في بداية الحرب الحالية.
بن غفير: قرارات حكومة نتنياهو بشأن شهر رمضان تعطي صورة "النصر" لـ"حماس"
وقال في منشور على منصة "إكس": "وقّعت على الاستقالة، ولا أستطيع تحمل المسؤولية طالما ليس لدي أي تأثير، فنحن لم نأت إلى الحكومة إلى تدفئة الكراسي"، وفقا لـ"سكاي نيوز".
ويطالب ساعر الذي انشق عن كتلة المعسكر الذي يتزعمه بني غانتس، قبل نحو أسبوعين، بضمه إلى مجلس الحرب (كابنيت الحرب)، في حين عرض عليه حزب "الليكود" بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقترحا يتيح دعوته إلى جلسات مجلس الحرب بين الفينة والأخرى، على غرار عدد آخر من كبار الوزراء الذين تتم دعوتهم على هذا النحو، لكن ساعر يرفض العرض حتى الآن.
ويرى بأن مركز الثقل في الحرب الحالية انتقل من المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) إلى "كابنيت الحرب" وعليه يطالب بالانضمام إليه من أجل التأثير على سير الحرب.
وطرح البعض تساؤلات بشأن استقالة جدعون ساعر من حكومة الحرب، وإمكانية أن تشمل وزراء آخرين، وانعكاساتها على الائتلاف الحكومي الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو.

انهيار وشيك

اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن استقالة ساعر خطوة أولى نحو تفكيك حكومة الحرب المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن ساعر الذي شغل من قبل منصب سكرتير الحكومة، يعرف جيدًا نتنياهو، ويملك رصيدًا كبيرًا من المعرفة في كيفية إدارة الحكومات، لذلك كان انشقاقه عن حزب الليكود مؤثرًا، وحاليا انسحابه من الحكومة سيكون مؤثرًا كذلك، في ظل الحرب على قطاع غزة، في خطوة غير مسبوقة، باعتبار أن الحرب تؤجل الخلافات.
وقال إن ساعر طالب بدخول حكومة الحرب، فيما اعترض بيني غانتس والذي تجمعه خلافات مع ساعر بسبب انشقاق داخلي في معسكرهم السياسي، ما أدى إلى انسحاب الأخير بأربعة مقاعد، وانهيار التحالف بينهما، لكنه في النهاية ينتمي للمعارضة ويقدم نفسه كيمين وسط.
"الكابينت" الإسرائيلي يكشف توقعاته بشأن التحقيق مع تل أبيب في "جرائم حرب"
وتابع: "الأمور ضاغطة بشكل أكبر على نتنياهو، خاصة أن ساعر الذي تمرد يملك شفرة عقل نتنياهو، ويعرف جيدًا كيف يفكر ويتحالف ويخون من حوله، كما أنه يعيش في لحظة ضعف تتعلق بقانون تجنيد الحريديم، مع احتمالية انسحاب بيني غانتس من الحكومة".
ويرى أنور أن الجميع يقفز من السفينة، والأمور ضاغطة بشدة على حكومة نتنياهو لعلها تراجع موقفها قبل انفجار الأمور من الداخل، في ظل احتمالية انفجار جبهة لبنان وسوريا واندلاع حروب إقليمية عن طريق الخطأ، وكذلك أن يكون هناك انشقاق وتصدع داخلي.

لا تأثير

استبعد محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن تشكل استقالة الوزير جدعون ساعر تهديدًا للائتلاف الحكومي الحاكم بقيادة نتنياهو، حيث تمكن ساعر من التسلق على حساب بيني غانتس في الانتخابات الماضية من خلال التحالف، وحصد 4 مقاعد برلمانية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن استقالة ساعر وخروجه من حكومة الحرب لن تؤثر على نتنياهو وائتلافه الحاكم، بل ستضعف من مكانته نفسه، وهو اليوم بحسب استطلاعات الرأي يتأرجح ما بين عبور نسبة الحسم أو عدم عبورها، وفي النهاية يبدو أنه لن يكون موجودًا في الكنيست القادم إذا ما جرت الانتخابات هذا العام.
ويرى أن استقالة غانتس نفسه من مجلس الحرب لن يكون لها تأثير على الائتلاف الحاكم الذي يتمتع بأغلبية برلمانية من 64 عضو كنيست، بيد أن دخول ساعر وغانتس الائتلاف الحكومي كان لهدف الحرب على قطاع غزة، وإرهاق الشعب الفلسطيني في الضفة، وسفك الدماء وشن حرب الإبادة الإجرامية على الفلسطينيين.
مكتب نتنياهو يجري تحقيقا بشأن حصول غانتس على تذكرة سفر إلى واشنطن رغم معارضة نتنياهو
وأوضح أن استمرار سفك دماء الفلسطينيين في قطاع غزة، أو حملات الاعتقالات والاغتيالات في الضفة هي مهام حكومة الطوارئ، واستقالة أي من أعضائها لا يعني انهيار حكومة نتنياهو وائتلافه الحاكم.
ودعا يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، وزيرين في "كابينيت الحرب" على قطاع غزة إلى تقديم استقالتهما.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن لابيد دعوته لكل من بيني غانتس، وغادي آيزنكوت، عضوي مجلس الحرب الدائرة على قطاع غزة "كابينيت الحرب" إلى مغادرة هذا المجلس.
تغطية مباشرة لـ"طوفان الأقصى"... عباس يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى
وتتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حينما أعلنت حركة حماس، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 32 ألف قتيل، ونحو 75 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في القطاع.
مناقشة