ماذا وراء دعوة "أنصار الله" لإنهاء الحرب مع التحالف العربي بقيادة السعودية؟

رغم استمرار التهدئة منذ أشهر بين السعودية وصنعاء، إلا أن السلام الحقيقي لا يزال بعيدا، فلم توقع أطراف الحرب على خارطة رسمية للسلام في اليمن، وهو ما دعت له "أنصار الله" مؤخرا، عندما طالبت بإنهاء العمليات العسكرية بين التحالف واليمن.
Sputnik
ماذا وراء دعوة أنصار الله السعودية للتوقيع على خارطة السلام وإنهاء الحرب مع التحالف في هذا التوقيت، وهل تسمح التدخلات الخارجية باستقرار اليمن في تلك الأوضاع التي تعيشها المنطقة والعالم؟
بداية يقول أكرم الحاج، المحلل السياسي اليمني: "من المفترض أن 9 سنوات من الحرب الداخلية في اليمن كافية لكي تعود جميع الأطراف إلى الصواب المتمثل في عودة الإخاء اليمني بين الجميع سواء كانوا في الشمال أو الجنوب".

التدخلات الخارجية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "في اعتقادي أنه لو كان الأمر قاصرا على اليمنيين أنفسهم دون تدخلات من الخارج، لما استمرت الحرب طيلة السنوات الماضية وحتى الآن، لكن المعضلة تكمن في الدور العربي والدولي الذي يعبث كثيرا بتلك العلاقة الداخلية بين الشمال والجنوب مستندا للانقسام الذي حدث بعد سقوط الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح، حيث تم الانقسام إلى فريقين ما يطلق عليهم الشرعية والطرف الآخر يطلق عليهم الحوثيين أو أنصار الله".
مصدر يمني لـ"سبوتنيك": توافق قريب بين أنصار الله والشرعية لإنهاء الأزمة في اليمن
وتابع الحاج: "إن حالة التشرذم التي حدثت بعد سقوط صالح والتدخلات الخارجية هي من أوصلت الأوضاع لما هي عليه الآن، لكنني أعتقد أن الجميع اليوم أصبحت لديه قناعة، ما عدا المستفيدين من الحرب، بأن اليمن واحد وأنه يجب إنهاء تلك المأساة"، مضيفا: "هناك من يلعب بالأوراق وبصماتهم واضحة في إحداث الانشقاق ولهم مصالح في بقاء اليمن ممزق وفي حالة احتراب واقتتال، لأنهم يرون أن استقرار اليمن يشكل خطر كبير عليهم".

مواجهة المستقبل

وأشار الحاج إلى أن "الأوضاع الحالية في المنطقة والعالم تحتم على اليمنيين أن يجمعوا شتاتهم ويتحدوا لمواجهة المستقبل الذي لا يزال غامضا سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي أو حتى على المستوى المحلي، ولا نستطيع إنكار أن التصريحات بشأن السلام والحرب من الطرفين قد يكون بها مناورات يختبئ ورائها التدخل العربي".

انقسام جنوبي

وحول ما جرى مؤخرا من الزج بالمجلس الانتقالي لمواجهة "أنصار الله"، التي تستهدف السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية في البحر الأحمر، يقول الحاج: "عندما نتحدث عن اليمنيين في الوقت الراهن نجد أن هناك خليط من الانقسام، فمن المفترض أن تكون شرعية رشاد العليمي وفريقه هى التي تحكم الجنوب، لكننا نجد أن هناك المجلس الانتقالي في الجنوب بقيادة عيدروس الزبيدي، الذي يتبع الإمارات وفق لكل الشواهد خلال السنوات الماضية، على حد وصفه.
وأضاف: "لذا وجدنا هذا المجلس خلال الأسابيع الماضية يعلن أنه على استعداد أن يلعب دور حامي الملاحة والسفن الأمريكية والإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وذلك بتمويل أمريكي إماراتي، وهذا التحرك من جانب الانتقالي أرى أنه قد قوض من شرعية مجلس العليمي الرئاسي".
ولفت المحلل السياسي إلى أن هناك حالة من الصراع في الجنوب قد تصل بالجنوب إلى الحرب الأهلية، وهو ما يؤكد أن المجتمعين العربي والدولي هما سببا أساسيا في حالة التمزق الحالية التي يشهدها اليمن".
قيادي في "أنصار الله": أوصلنا رسالة للسعودية بأنها ستكون هدفا لو ساندت أمريكا في العدوان على اليمن

مناورة سياسية

في المقابل، يرى الدكتور عبد الستار الشميري، رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن، أن "التصريحات المتعلقة بقبول الحوثيين (أنصار الله ) لمبادرات السلام في الوقت الراهن، يمكن اعتبارها نوع من المناورة السياسية، لأنهم يرون أن وضعهم العسكري اليوم أفضل بكثير مما كانوا عليه مع السنوات الأولى للحرب".
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك": "في الحقيقة ليس هناك أرض ممهدة لأي اتفاق سلام في الوقت الراهن، وأن تلك التصريحات التي خرجت من صنعاء تأتي كمناورة، لأن الجماعة الحوثية شعرت أنها الآن في وضع أفضل عسكريا وربما سياسيا رغم تصنيفها جماعة إرهابية".

استمرار التهدئة

وأشار الشميري إلى أن تلك التصريحات حول السلام تأتي ضمن التكتيكات والمناورات التي لن تفضي إلى شيء، نظرا لأن عملية السلام بعد الصراع في البحر الأحمر وبعد المناوشات الداخلية وبعد كل هذه المستجدات الكبرى ليست قريبة، وليس هناك أمل في أي خارطة سلام".
وختم بالقول: "في الوقت الراهن وبعد اشتعال المنطقة لا أرى أن الحديث عن خارطة طريق أو عن السلام أمر منطقي لأن الرعاه يعيشون أزمات جديدة في المنطقة والعالم، فقط يمكن الحديث في هذه الفترة عن تهدئة أو استمرار التهدئة وتمديدها لا أقل ولا أكثر".
ووجهت جماعة "أنصار الله" اليمنية، قبل يومين، دعوة إلى السعودية لإنهاء العمليات العسكرية للتحالف العربي، الذي تقوده في اليمن، والتوقيع على خارطة سلام، قالت إنها توصلت إليها مع المملكة خلال مفاوضات برعاية سلطنة عُمان، متهمةً أمريكا وبريطانيا بعرقلة السلام في اليمن.
"أنصار الله" اليمنية: طائرات العدو الأمريكي البريطاني تشن غارة على منطقة القطينات في صعدة
وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى المشكل من جماعة "أنصار الله"، مهدي المشاط، في خطاب بمناسبة "اليوم الوطني للصمود" عشية ذكرى انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي في اليمن، نشرت نصه وكالة الأنباء اليمنية "سبأ": "نؤكد حرصنا التام والمتجدد على المُضي قُدمًا في طريق السلام، ونُطمئن الجميع بأن اليمن لا يمثل خطرًا على أحد، وأن كل من لديه مشكلة مع صنعاء يمكنه حلها بالحوار والتفاهم وتغليب لغة الاحترام باعتبارها اللغة الوحيدة والمتاحة لحل أية مشاكل".
وأضاف المشاط: "أدعو قادة التحالف إلى المضي قدمًا نحو إحلال السلام المستدام وإنهاء العدوان (أي عمليات التحالف) وتوقيع وتنفيذ خارطة السلام، التي تم التوصل إليها في المفاوضات برعاية سلطنة عُمان، وبعد جهد كبير ونقاشات طويلة، ونؤكد جهوزية صنعاء لذلك".
واتهم المشاط أمريكا وبريطانيا، بعرقلة جهود إحلال السلام في اليمن، بقوله: "أملنا أن تتمكن قيادة التحالف من جهتها من قطع الطريق على تجار الحروب وفي مقدمتهم أمريكا وبريطانيا اللتين تظهران إصرارًا واضحًا على إعاقة وعرقلة جهود السلام في اليمن والمنطقة".
وفي 23 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، في بيان، توصل الأطراف اليمنية إلى الالتزام بتنفيذ تدابير تشمل تنفيذ وقف لإطلاق النار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة، واصفًا ذلك بـ"الخطوة المهمة"، مؤكدًا "العمل مع الأطراف لوضع خارطة طريق تحت رعاية الأمم المتحدة تتضمن هذه الالتزامات وتدعم تنفيذها".
خبير لـ "سبوتنيك": الضغوط الأمريكية تعرقل التوصل إلى اتفاق سعودي يمني
وحينها، أوضح أن "خارطة الطريق تشمل التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة"، مؤكدًا أن "خارطة الطريق ستنشئ آليات للتنفيذ وستعد لعملية سياسية برعاية الأمم المتحدة".
وتصاعد التوتر في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، منذ بدء جماعة "أنصار الله"، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شن هجمات على سفن، تقول إنها تستهدف المرتبطة منها بإسرائيل أو المتجهة إلى موانيها، ردًا على عمليات الجيش الاسرائيلي ضد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
ومؤخرا، أعلن زعيم "أنصار الله" عبد الملك الحوثي، إطلاق قواته 479 صاروخًا وطائرة مُسيرة، منذ بدء الجماعة "عمليات إسناد غزة" عبر هجمات في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، أو عمليات استهداف إسرائيل، كاشفًا عن استهداف إيلات جنوب إسرائيل بصاروخ مطور تجاوز تقنيات الرصد والاعتراض الأمريكية والإسرائيلية.
وأعلنت جماعة "أنصار الله"، قبل أيام، بدء توسيع نطاق هجماتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانيها والسفن الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي لتشمل المحيط الهندي، وذلك بعد يوم من إعلان الجماعة استهداف 73 سفينة وبارجة، منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله" إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة، التي استمرت 6 أشهر.
مناقشة