عايدة توما لـ "سبوتنيك": لا يمكن للنواب العرب بالكنيست التصدي لحكومة نتنياهو وننتظر حقبة أكثر فاشية
© Photo
تابعنا عبر
منذ إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن نجاحه في تشكيل الحكومة الجديدة، والتي تضم وزراء هم الأكثر عنصرية وفاشية، ينتظر الفلسطينيون في المناطق المحتلة وكذلك في الداخل الإسرائيلي مرحلة هي الأكثر خطورة وحساسية في ظل توقع زيادة الاستيطان والانتهاكات والجرائم بحقهم.
ورغم التعويل الكبير على النواب العرب بالكنيست في مواجهة هذه القوانين العنصرية، ترى عايدة توما سليمان، النائبة في الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية المشتركة، أن هؤلاء النواب لا يمكنهم التصدي للأغلبية التي يمكنها تمرير ما تريد من مشاريع، ولن يكون أمامهم سوى محاولة فضح هذه السياسات العنصرية.
وقالت توما في حوار مع "سبوتنيك"، إن خطورة هذه الحكومة لا تقتصر على وقف عملية السلام وسبل التفاوض، بل في بدء مرحلة جديدة من الاستيطان وضم المناطق الفلسطينية لإسرائيل، مؤكدة أن المجتمع الدولي مشغول بقضايا أخرى ولا يمكن التعويل عليه كثيرًا في صد هذه الإجراءات.
وإلى نص الحوار..
بداية.. كيف ترين طبيعة التركيبة الجديدة للحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو؟
من الواضح أن هذه الحكومة ستكون إحدى الحكومات الخطيرة جدًا في تاريخ إسرائيل، كونها تحمل ما تحمله من أعضاء ائتلاف فاشيين يؤمنون بأيديولوجية متطرفة، وبترقية العرق اليهودي، وعمليًا لا يتوانون عن استعمال الإرهاب والعنف لتطبيق السياسات التي يؤمنون بها، ونتنياهو عند تشكيل هذه الحكومة هو في أضعف حالاته لأنه مضطر لتشكيل الحكومة والخضوع لابتزازات هذه القوى العنصرية بسبب لوائح الاتهام الموجهة ضده، هو يريد أن يصل لوضعية رئيس حكومة ليتخلص من السجن، وهو قابل بالابتزاز وهم يقومون بذلك بشكل جيد لمصالحهم واستراتيجيات عملهم، وسوف نرى حزمًا كبيرة من القوانين العنصرية والفاشية التي يتم سنها في الكنيست القادمة وسياساته تمهيدية يتم تطبيقها.
نحن نعتقد أنها واحدة من أخطر الحكومات خاصة أنها ستسعى لتثبيت الأمر الواقع في قضية احتلال المناطق الفلسطينية، وترسيخ هذا الاحتلال إلى أبعد مستوى.
28 ديسمبر 2022, 18:11 GMT
بالحديث عن التشريعات هناك اتفاقيات بين نتنياهو وأعضاء الحكومة بتشريع بعض القوانين التي تقلص مهام المحكمة العليا وإعدام الأسرى وغيرها.. برأيك ما خطورة هذه الخطوة؟
هذه المشاريع خطيرة جدًا، نحن لسنا ممن يؤمن بأن المحكمة العليا في إسرائيل كانت محكمة عدل حقيقية وقامت بإحقاق العدل، خاصة فيما يتعلق بقضايا الفلسطينيين، إذا كانوا تحت الاحتلال أو مواطنين داخل دولة إسرائيل، في كل الحالات كانت المحكمة غير قادرة على اتخاذ خطوات جريئة في الأحكام التي تصدرها، ولكن رغم كل ذلك وجودها هو أمر هام جدًا، كونها تشكل نوعًا من الكبح للجنون اليميني الاستيطاني في إسرائيل.
هذا القانون يعني أنه لا يمكن للمحكمة العليا إلغاء قانون يتناقض دستوريًا مع ما يسنه الكنيست وإتاحة المجال للبرلمان أن يكون هو الآمر الناهي في قضايا القوانين، هذا سيفتح الباب والمجال على مصراعيه في حزم قوانين عنصرية تتناقض والمبادئ الأساسية للديمقراطية وحريات الإنسان والأقليات وما إلى ذلك.
أضف إلى ذلك، واضح أن هذه القوانين التي يريدون تشريعها هناك أغلبية واضحة لها، إذا قامت الحكومة بجلب قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات المقاومة هذا سيلقى أغلبية وسيتم إقراره للأسف، الخطر وارد وجدي جدًا، لأن هذه الحكومة معاييرها وموازينها مختلة ولديها أغلبية ويمكنها تنفيذ ما تريد.
وبرأيك ما تأثير تشكيل الحكومة بهذه الآلية على العلاقات الإسرائيلية مع المجتمع الدولي؟
للأسف الساحة الدولية منشغلة عما يجري واتفاقيات العار للتطبيع مع إسرائيل تساهم في منح إسرائيل حصانة دولية تجاه أي نقد، عندما تقوم أنظمة عربية بالتطبيع مع إسرائيل اليمينية الفاشية، وعندما يستقبل وزراء عرب الفاشي بن غفير بحفاوة بالغة يصبح من الصعب تنبيه العالم بالمخاطر القائمة من هذه الحكومة.
الساحة الدولية كذلك مهتمة على المستوى الرسمي بقضايا أخرى تشغل العالم، بالإضافة للقضية الفلسطينية، لكنها لا تأخذ الشكل الكافي الذي يجب أن يكون عليه الاهتمام الدولي، لكن هذا دورنا ودور كل من يهمه القضية فضح هذه السياسات على المستوى الدولي، وأن نظهر للعالم عمليًا ما تقوم به هذه الحكومة وأنه يتناقض مع القانون الدولي الذي يعرف المناطق الفلسطينية بما في ذلك القدس بأنها واقعة تحت الاحتلال، والكثير من الحالات والانتهاكات كجرائم حرب، فواجبنا ونضالنا فتح السياسات على مستوى دولي وكشف الحقائق ومطالبة المجتمع الدولي بأن يتخذ إجراءات تتماشى مع الاتفاقيات والقرارات الدولية التي اتخذتها الأسرة الدولية بذاتها فيما يتعلق باحتلال الشعب الفلسطيني، وممارسات إسرائيل.
هل هناك ترحيب داخلي من قبل الشعب الإسرائيلي عن تشكيل هذه الحكومة المتطرفة؟
من الناحية العملية حاز اليمين الإسرائيلي المتطرف على أعلى الأصوات في الانتخابات الأخيرة وبات يملك الأغلبية، لكن في داخل الأوساط الإسرائيلية بدأوا يقلقون من سيطرة العنصرية على تشكيلة هذه الحكومة، ويشعرون بأن هناك ضرورة لكبح جماح هذا الانفلات اليميني العنصري، فبين اليمينيين هناك تيار ليبرالي قد يكون يؤيد الاحتلال لكنه لا يؤيد تقييد الحريات الشخصية في إسرائيل، لأنه بالنسبة له هذه الحريات الشخصية والإكراه الديني في المؤسسات العامة سيطاله هو وسيتضرر منها، لذلك نرى بأن هناك تزمرا وغضبا وبداية تحرك على المستوى الشعبي من مجموعات مختلفة ضد هذه الحكومة وضد الخطوات التي سوف تمارسها في المستقبل القريب.
2 يناير 2023, 12:33 GMT
ما تأثير تولي أشخاص مثل بن غفير وسموترتش زمام الأمور في إسرائيل على الجماهير العربية والفلسطينية في الداخل الإسرائيلي خاصة فيما يتعلق بزيادة الجرائم ووقف الإنفاق والتمويل على المشروعات هناك؟
بالتأكيد هؤلاء الوزراء المستقبليين وهم من أخطر الشخصيات التي تولت هذه الوزارات الحكومية بأفكارهم العنصرية والفاشية، اختاروا أكثر وزارات يمكنها التأثير على الحياة اليومية في إسرائيل، إذا كان للفلسطينيين في المناطق المحتلة، أو الجماهير الفلسطينية في الداخل الإسرائيلي، عمليًا اقتراح القانون الذي تم تمريره اليوم والذي أعطى صلاحيات واسعة لبن غفير الذي بات وزيرًا لما يسمى بوزارة الأمن القومي، خطير جدًا يعطي لهذا المتطرف مساحات واسعة لممارسات قمعية، وللتدخل في العمل اليومي للشرطة، ووضع سياسات عامة للشرطة تعتمد المعايير السياسية وليس المعايير المهنية للشرطة، وهذا سيحول بن غفير المعروف بتأييده للإرهاب وارتكاب جنايات عديدة إلى إنسان يملك جيشا كبيرًا من الشرطة ورجال حرس الحدود، وهو لن يتوانى أو يتردد في قمع الجماهير العربية ومحاولة إخراجها وترويضها، وهذا أمر واضح ويجب أن نستعد له لحماية جماهيرنا العربية، والتصدي له.
النواب العرب داخل الكنيست.. كيف ترين وضعهم وما الذي يمكن أن يقدموه لمواجهة هذه الحكومة الفاشية؟
لا يخفى على الجميع بأن هناك تراجعًا في عدد النواب العرب الموجودين في هذه الدورة بالكنيست الإسرائيلي، ولكن لا يمكن أن يكون تحليل الواقع مبنيًا على ما هو عربي وغير عربي، لأننا رأينا في الدورة الأخيرة عرب ينضمون إلى حكومة مارست القمع والقتل والتنكيل والاحتلال تجاه شعبنا ورأينا بعض النواب اليهود يدافعون بشراسة عن حقوق الجماهير العربية، بالتالي المشكلة مضاعفة
هناك تراجع في التمثيل الوطني للعرب من ناحية العدد داخل الكنيست وتراجع من ناحية القوى الديمقراطية اليهودية التي تقف إلى جانبنا، لذلك ومع وجود أكثرية واضحة غير مهزوزة لليمين الإسرائيلي في الائتلاف الحكومي سيكون من الصعب جدًا على الأداء البرلماني أن يفرز شيئًا حقيقيًا، لذلك نحن نبني على أن يكون الأداء البرلماني في مرحلة التصدي ومنع أكثر ما يمكن من المخاطر على الجماهير العربية، أكثر من كونه تحصيلا للحقوق، ومن ناحية ثانية نحن نبني أكثر على التحركات الشعبية التي يجب أن تنطلق في محاولة لإثارة الرأي العام والدفاع عن الجمهور العربي الفلسطيني.
هل تعتقدين أن عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل انتهت عمليًا بتولي هذه الحكومة؟
عملية السلام لم تكن حقيقية وموجودة من الأساس للقول بإنها قد انتهت مع هذه الحكومة، لا يوجد عملية سلام منذ أكثر من 20 عامًا، ولا يوجد محاولات جدية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني منذ أكثر من 15 عامًا، بالتالي للأسف الخطر الحقيقي ليس بأن هذه الحكومة لم تفتح بابا للمفاوضات، بل أنها ستستغل الوقت القائم حتى تعمق الاحتلال أكثر، وتوسع الاستيطان أكثر وتطرح قوانينها لضم المناطق الفلسطينية بشكل أوسع.
وما الأخطر برأيك من وقف عملية السلام وفرص التفاوض؟
القضية هي أبعد وأخطر من عدم وجود مفاوضات، محاولة قلب الطاولة والتراجع عن كل الاتفاقيات السابقة، وهناك اقتراحات قوانين وضعت على طاولة الكنيست من الائتلاف الحكومي الحالي تعيد وتلغي عملية الانسحاب من المناطق سي وتريد أن تضم المناطق ج الفلسطينية (مناطق غور الأردن وما حولها) إلى إسرائيل، وترحيل الفلسطينيين منها، نحن نتحدث عن خطوات أبعد بكثير من عملية وقف المفاوضات، عمل جدي وفعلي لضم مناطق فلسطينية وسد الباب تمامًا أمام فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إلى أي مدى يمكن لهذه الحكومة الاستمرار في سدة الحكم مع كل هذا التطرف والعنصرية؟
للأسف القراءة الحالية تقول إن هذه الحكومة سيكون عمرها طويلًا، حتى الآن هناك 64 عضوا بالكنيست يؤيدون الائتلاف الحكومي، وهذه أكثرية تضمن لهم الاستمرار في عملهم، الأمل الوحيد أن تبرز الخلافات داخل الائتلاف الحكومي بسبب ربما استشراف اليمين الفاشي حتى النهاية، ومن ناحية أخرى وجود معارضة على بعض الأمور التي يريدون تمريرها من داخل الليكود، أو أن تنتهي محاكمة نتنياهو وتحدث هناك أمور جديدة، لكن حسب الوضع الحالي كما يبدو الأكثرية ستضمن استمرار هذه الحكومة.
أجرى الحوار: وائل مجدي
