هل تستطيع تركيا نقل "غاز المتوسط" إلى أوروبا عوضا عن الروسي؟

استبعد خبراء طاقة إمكانية قيام تركيا بنقل غاز من "شرق المتوسط" إلى أوروبا كبديل عن الغاز الروسي، بعد مفاوضات بين أنقرة وتل أبيب في هذا الصدد.
Sputnik
أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، في وقت سابق، أن تركيا وإسرائيل تتفاوضان على نقل الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، غير أن الخبراء عددوا الأسباب التي تحول دون نقل غاز لبنان وإسرائيل ومصر (شرق المتوسط) خلال سنوات طويلة قادمة.
في مايو/ أيار الماضي، قال قالن إن الغاز القادم من شرق البحر المتوسط يمكن أن يصبح بديلا للإمدادات إلى الاتحاد الأوروبي، وأن أنقرة مستعدة لتكون جزءا من هذه العملية.
وبحسب قالن، من المقرر أن تعقد تركيا وإسرائيل اجتماعا حول هذا الملف في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وأشار إلى أن غاز شرق المتوسط ​​من إسرائيل ولبنان ومصر يمكن أن يذهب إلى أوروبا عبر تركيا.
حادث "التيار الشمالي"... كيف يهدد أوروبا بأزمة اقتصادية أعمق مما حدث في 2009

استحالة نقل غاز المتوسط

حول هذا الطرح أكد خبراء استحالة الخطوة في الوقت الراهن، خاصة في ظل الأزمة القائمة بين لبنان وإسرائيل حول حقول الغاز، إضافة إلى عدم الانتهاء من ترسيم الحدود، وكذلك عدم الانتهاء من الاستكشافات أو تحديد الكميات، إضافة للأزمات السياسية بين تركيا وبعض الدول الأخرى.
وشد الخبراء على استحالة تعويض نسبة 40% من استهلاك أوروبا (وهي نسبة الإمدادات الروسية) قبل سنوات طويلة، وأن أي حديث عن هذا الأمر هو موجه "للاستهلاك الإعلامي ليس أكثر".
قلل وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال، في يونيو/ حزيران الماضي، من تأثير الاتفاق بين مصر وإسرائيل وأوروبا لرفع إمداد غاز الشرق الأوسط لأوروبا، على سد الفجوة الناجمة عن تراجع إمدادات الغاز الروسي لأوروبا، واعتبرها مسكنا مؤقتا عالي التكلفة، بحسب تصريحاته لـ"سبوتنيك".
تركيا ومنتدى الغاز
من ناحيته قال الدكتور عبد الجليل معيوف مستشار الطاقة الليبي، إن المقترح التركي بخصوص توريد الغاز إلى أوروبا من دول شرق المتوسط غير ممكن لأسباب عدة.
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن أول الأسباب يتمثل في عدم وجود تركيا ضمن "منتدى غاز شرق المتوسط"، فضلا عن أزماتها مع اليونان وقبرص، خاصة بعد توقيعها اتفاقية بحرية مع ليبيا وعدم موافقة برلمان الأخيرة.
ولفت إلى أن الدولة الوحيدة التي لديها إمكانية لتصدير الغاز إلى أوروبا، هي مصر، وأنها ليست بحاجة لتصديره عبر تركيا التي تسعى للاستفادة بأي طريقة من غاز المتوسط.
ألمانيا تعلن الإبقاء على محطتين نوويتين قيد التشغيل لمواجهة أزمة الطاقة

عقبة لبنان وإسرائيل

من ناحيته قال الأكاديمي والاقتصادي اللبناني عماد عكوش، إن الحل الذي تقترحه تركيا غير واقعي لأسباب عدة. وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن أحد هذه الأسباب يتمثل في عدم سماح لبنان بأي أنبوب يمكن أن يحمل غاز إسرائيلي ويمر ضمن مياهه الاقتصادية، وأن أي أنبوب يصل لتركيا لا بد أن يعبر المياه الاقتصادية اللبنانية.
وأضاف أن حجم الإنتاج الإسرائيلي والمصري اليومي لا يتعدى 10 مليارات متر مكعب، في حين أن لبنان لن يستطيع إنتاج الغاز قبل خمس سنوات. وشدد على أنه في حال إنتاج لبنان للغاز، فإن كل الفائض من الإنتاج في شرق المتوسط، لا يمكن أن يؤمن أكثر من 10% من حاجة أوروبا.

مساعي تركيا

ولفت إلى أن تركيا تسعى لتصبح معبرا إلزاميا لكل الغاز القادم إلى أوروبا سواء من شرق المتوسط، أو غرب آسيا لا سيما دول مثل أذربيجان وإيران، وحتى دول الخليج ولا سيما قطر، لكن الخطوة تحتاج إلى إعادة رسم سياسة تركيا في المنطقة، وهو مستبعد في الوقت الراهن، حسب عكوش، بسبب مشاكلها مع العديد من الدول.
في الإطار قال حمزة الجواهري خبير الطاقة العراقي، إن تركيا بعيدة كل البعد عن مثل هذه الخطوة. وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الحدود بين إسرائيل ولبنان لم تحدد حتى اليوم، كما لم تحدد الكميات، وهو ما يحتاج إلى نحو 3 سنوات، من أجل تحديد كميات الغاز في الأعماق.
وأوضح أن الغاز المنتج في مصر يستخدم في الاستهلاك المحلي، وأن النسب الفائضة غير كبيرة. وشدد على أن إنجاز ملف الغاز في شرق المتوسط وخاصة فيما يتعلق بإسرائيل ولبنان يحتاج لنحو 10 سنوات على الأقل.
مسؤول روسي: الناتو يمتلك غواصات روبوتية قادرة على تنفيذ هجمات ضد أهداف على غرار خط الغاز
ولفت إلى أن التصريحات التركية هي "للاستهلاك الإعلامي والمحلي ومحاولات لدعم الليرة، أو محاولات لإرضاء واشنطن خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية".
كان الاتحاد الأوروبي يبحث عن بدائل للغاز الطبيعي الروسي حيث تعهد بإنهاء الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية بعد أن بدأت موسكو عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط.
وافق الاتحاد بالفعل على سبع حزم من العقوبات ضد موسكو، بما في ذلك التخلص التدريجي من موارد الطاقة الروسية، ومع ذلك، أكد خبراء أنه سيكون "من المستحيل تقريبا" العثور على بدائل كافية وموثوقة للإمدادات الروسية.
في وقت سابق، حذر مدير وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، الدول الأوروبية من التدافع على أمن الطاقة هذا الشتاء، الذي يهدد بتحطيم وحدة الاتحاد الأوروبي وإثارة الاضطرابات الاجتماعية، في الوقت الذي تعطلت فيه الإمدادات الروسية إلى القارة تقريبا.
مناقشة