بعد ساعات من انتهائها… هل تتفق أطراف الصراع اليمني على هدنة جديدة خلال أيام؟

انتهت الهدنة في اليمن، لكن لا تزال المشاورات والوساطات جارية لتمديدها بعد موافقة "أنصار الله" بعدم التصعيد حتى نهاية الثامن من أكتوبر/ تشرين أول الجاري.
Sputnik

هل تنجح التحركات الأممية والإقليمية في البقاء على الهدوء في المنطقة واليمن خصوصا أن كل الأطراف بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة إلى تلك الهدنة، التي كان آخرها أمس الأحد؟

بداية يقول مدير مركز جهود للدراسات في اليمن عبد الستار الشميري، إن الهدنة انتهت بالفعل، لكن من المرجح بحسب تقديري أن تكون هناك هدنة قادمة، لكن هذا الأمر قد يستغرق أياما أو أسابيع من المباحثات.

السياسة الذكية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "ما يدور الآن في كواليس المشهد في صنعاء هو أن السياسة الإيرانية الذكية القادرة على التخطيط وإدارة التفاوض بالمناورة والتصعيد، دفعت "الحوثيين" إلى الامتناع، رغم أن هذه الهدنة والهدنة السابقة تصب في صالح "أنصار الله".
عضو بالمجلس الرئاسي اليمني: الحوثيون رفضوا الهدنة مدفوعين بوهم القوة
وتابع الشميري: "استطاع الحوثيون خلال الهدنة انتزاع مكاسب عديدة على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي، واليوم يحاولون رفع سقف المطالب للحصول على أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والمالية وتثبيت جواز سفر يمني يصدر منهم، وحرية تنقل الطيران اليمني إلى طهران وبيروت والهند وسبع دول أخرى تم اقتراحها".

هدنة جديدة

وأوضح الباحث السياسي اليمني: "سيكون هناك هدنة قريبا، وهناك مناوشات تجري منذ الأمس، لكنها مناوشات في جبهات محدودة بين الطرفين، حيث أن جميع الأطراف الآن تحتاج إلى هدنة الأمم المتحدة، وواشنطن تحتاج إلى هدنة لأنها لا تستطيع تحمل وجود مناوشات في البحر الأحمر".
"أنصار الله" تنتقد مقترح الأمم المتحدة لتمديد الهدنة في اليمن
وتابع: "هم يحتاجون إلى الطاقة وإلى الهدوء في ممرات الطاقة بالتزامن مع الأزمة الأوكرانية، فالتحالف الدولي يحتاج إلى الهدنة وكذلك الحوثيون يحتاجون مكاسب للهدنة، كما أن المجلس الرئاسي والشرعية يحتاجون هدنة لترتيب بعض أوراق الخلافة والتباينات داخل معسكرهم".
وأشار عبد الستار الشميري إلى أن الجميع بحاجة إلى الهدنة ولذلك سيعودون إليها في نهاية المطاف طال الأمد أو قصر، لأن هناك توازن ضعف حقيقي لا يسمح بعودة الحرب كما كانت عليه في بدايات سنواتها الأولى.

الفرصة الأخيرة

من جانبه يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني العميد عزيز راشد: "لا يزال أمام التحالف فرصة لإيجاد مخرج من الوضع الراهن باحترام بنود الهدنة، التي تم الاتفاق والتوقيع عليها قبل 6 أشهر مع سرعة تنفيذ تلك البنود المتعلقة بالبترول والمشتقات النفطية، وكذلك المطارات والمرتبات التي هي خاصة وإنسانية للشعب اليمني، سواء من موظفين أو متقاعدين أو عسكريين".
غروندبرغ يأسف لعدم التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة في اليمن
وتابع في حديثه لـ"سبوتنيك": "تنفيذ البنود المتفق عليها شيء لابد منه، لأن هناك حصار ومجاعة والأمم المتحدة تقول بأن ثمانين في المئة من اليمنيين يتعرضون لتلك المأساة ويعانون من تبعاتها"، مضيفا: "لكن الشيطان الأكبر (في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية) يفرض أجندته ويمتنع عن تسليم تلك المرتبات، وبالتالي لا يوجد خيار بعد ذلك بعد نفاد كل الخيارات السياسية وأيضا التنازلات، إلا القيام بما هو واجب علينا".

تحذير أخير

وأشار الخبير العسكري إلى أن صنعاء وجهت تحذيرات للشركات النفطية العاملة في المناطق، التي لا تقع تحت إدارة حكومة الإنقاذ، حيث تقوم تلك الشركات بالتنقيب والإنتاج وتصدير النفط والغاز إلى أوروبا لسد الفراغ الذي نتج عن الوضع الحالي في روسيا، مؤكدا أن تلك الشركات إن لم تتوقف فورا وتلتزم بالتحذيرات التي صدرت عن صنعاء، سوف تتعرض لضربات سواء في السفن أو مواقع الشركات التي تنقب أو في داخل دول عواصم العدوان وهذا تحذير أخير وجاد في هذه النقطة".
وتابع عزيز راشد: "كان هناك أكثر من اجتماع والعديد من الوسطاء العرب علاوة على الدور العماني، الذي قام بعدة جولات في بعض العواصم العربية للإبقاء على الهدنة، وتوصل الجميع إلى مد أمد الهدنة لمدة 5 أيام تنتهي السبت المقبل، على أمل التوصل إلى حل للأزمة السياسية في البلاد".
وزير الإعلام اليمني يتهم "أنصار الله" بعرقلة جهود السلام وعدم دفع مرتبات الموظفين
وأضاف: "إذا لم يتم التوافق خلال تلك المدة ستكون هناك خطوات جادة لردع العدو وتسلم المركبات، وهذا نظرا لأن تلك الشركات والناقلات تقوم بنهب ملايين البراميل من النفط والأموال اليمنية التي تذهب للبنك المركزي السعودي ولا يحصل اليمنيون حتى على دولار واحد منها".

أسلحة الردع

وقال الخبير العسكري اليمني عزيز راشد إن الهدنة لم يعد لها أي معنى طالما لم يلتزموا بالجوانب الإنسانية، وهذه ليست مطالب خاصة ولا للقوات المسلحة في صنعاء، بل هي مطالب إنسانية للشعب، وقد بدأت المناوشات وتحركات في بعض المناطق بعد ساعات من انتهاء الهدنة".
نائب رئيس مجلس القيادة اليمني يدعو إلى موقف دولي حازم تجاه جماعة "أنصار الله"
وأضاف: "سننتظر، لأن طيران التحالف إذا دخل سوف يكون هناك تصعيد شامل وسنحرم العدوان من أي بترول، فإذا كان لدى التحالف حنكة سياسية، سيعلمون أن الهدنة لمصلحتهم والقبول بتلك البنود الإنسانية التي طرحتها صنعاء أيضا لصالحهم، لأننا لا نتحدث ولا نهدد جزافا ولدينا الأسلحة الرادعة الكفيلة بحرمانهم من أي بترول أو غاز".
واتهم الجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا، اليوم الاثنين، جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بمهاجمة مواقع لقواته في مناطق متفرقة بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، غداة انتهاء هدنة الأمم المتحدة في اليمن وعدم التوصل إلى اتفاق لتمديدها.
ويأتي ذلك غداة إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، عدم التوصل إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة في اليمن، مع دعوة جميع الأطراف إلى "الحفاظ على الهدوء والامتناع عن أي شكل من أشكال الاستفزازات أو الأعمال التي قد تؤدي إلى تصعيد العنف".
الجيش اليمني يتهم جماعة "أنصار الله" بمهاجمة قواته في محافظة تعز
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار من 2015، عمليات عسكرية دعما للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 في المئة من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
8 سنوات من الحرب في اليمن
مناقشة