الكهرباء مقابل الماء... ما أهمية المشروع الجديد بين الأردن وإسرائيل؟

وسط تفاقم أزمة المياه في الأردن، وفشل الحكومات المتعاقبة في الوصول لحلول جذرية تخرج المملكة من دائرة الخطر، وقّعت عمان مع إسرائيل والإمارات، اتفاقا جديدا، حول مشروع مشترك للمياه والطاقة.
Sputnik
والمشروع الذي يعد استكمالا لإعلان النوايا الموقع بين الدول الثلاث، العام الماضي، ووُقع على هامش مؤتمر المناخ المنعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة بين 6 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية: "سيؤدي توقيع الاتفاقية بين إسرائيل والأردن والإمارات إلى تعاون ثلاثي الأطراف، حيث ستبني الإمارات محطة لتحلية المياه في إسرائيل (ربما على ساحل الجليل الغربي) لتزويد الأردن بالمياه، وفي الوقت نفسه، ستبني الإمارات مزرعة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية ستوفر نسبة من استهلاك إسرائيل للكهرباء".
وطرح البعض تساؤلات عن أهمية المشروع للدول المشاركة فيه، وكذلك مدى قدرة الأردن على توليد الطاقة الكهربائية وتوليدها لإسرائيل، لا سيما في ظل التوتر المتصاعد بينهما الفترة الأخيرة.
إسرائيل والأردن والإمارات تخطو للأمام نحو مشروع "الماء مقابل الكهرباء"

أهمية مشتركة ولكن

قال النائب ناجح محمد قبلان، مقرر لجنة الزراعة والمياه والبادية في مجلس النواب الأردني، إن مشروع المياه والطاقة المشترك الذي وقع بين الأردن وإسرائيل والإمارات، مهم ويفيد جميع الأطراف الموقعة، لا سيما في مجالات المياه والكهرباء المهمة، لكنه بحاجة إلى تأني ودراسة جيدة قبل تنفيذه.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن الأردن من ضمن الدول الفقيرة للمياه، والمشروع يعمل على تحلية مياه البحر، وهو المشروع الذي يعول عليه الأردن منذ فترة طويلة لإنقاذه من أزمة المياه التي تتفاقم بشكل يومي، وتهدد الدولة الأردنية.
وأوضح أن الدولة الأردنية كانت تتجه نحو تحلية مياه البحر، لتعويض النقص الحاصل في مياه الشرب والزراعة، حتى قبل الإعلان عن الاتفاقية أو توقيعها، إلا أن هذه الخطوة تحتاج إلى جهود كبيرة وموارد ضخمة.
ويرى قبلان، أن المملكة الأردنية قادرة على التعاون في مجال توليد الطاقة الشمسية، وإنشاء أماكن بالصحراء يمكن من خلالها توليد كميات هائلة من الطاقة الشمسية، وتصديرها للبلدان المجاورة.
رئيس إسرائيل يشيد بمشروع "الماء مقابل الكهرباء" مع الأردن والإمارات ويحذر من "كارثة"

أزمة مياه

في السياق، اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي الأردني، وعضو مجلس النواب السابق، أن توقيع اتفاقية الكهرباء مقابل الماء بين الأردن وإسرائيل والإمارات، برعاية أمريكية تأتي في ظل ما يعانيه الأردن من شح المياه وقلة مصادرها، ونقص الأمطار الناتجة عن الانحباس الحراري، والذي يتجاوز الـ 50% من معدل الهطول المطري سنويا.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن مشكلة المياه في الأردن تتصادم مع زيادة عدد السكان بشكل هائل، والناتجة عن وجود أكثر من 4 ملايين لاجئ على الأراضي الأردنية، ما أدى إلى مفاقمة أزمة المياه في البلاد والتي وصلت إلى حدود غير مسبوقة تتطلب تدخلات عاجلة لحلها.
ويرى أن توقيع الاتفاقية اليوم في قمة المناخ التي تستضيفها مصر، جاء من أجل التشابك الإيجابي، وتعزيز ما يسمى بـ"عملية السلام" مع إسرائيل، ومحاولة الأخيرة الاستفادة من الأردن في توفير كميات كبيرة من الكهرباء عبر مشروع الطاقة الشمسية في الصحاري المتوفرة بكثرة في الأردن.
وأكد أن الاتفاقية تأتي في ظل التعهد الأمريكي باستكمال مشروع توصيل الطاقة الكهربائية من الأردن إلى لبنان مرورا بسوريا، ومحاولة تبديد المخاوف من الانتهاكات الإسرائيلية المتوقعة بعد فوز اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، وفي ظل الانتهاكات المستمرة للقوات الإسرائيلية تجاه القدس والمقدسات الدينية ومحاولة تقسيمها مكانيا وزمانيا.
الأردن يشيد باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

استفزاز ومخاوف

في السياق ذاته، أكدت الدكتورة صباح الشعار عضو مجلس النواب الأردني السابق، أن توقيع اتفاقية الكهرباء مقابل المياه مع الجانب الإسرائيلي تشكل استفزازا شعبيا، في ظل وجود مخاوف من أن تعطي الاتفاقية الجانب الإسرائيلي ورقة للضغط على المواقف الأردنية، تجاه القضية الفلسطينية في وقت تزداد فيه "الجرائم الصهيونية" على الشعب الفلسطيني.
وبحسب حديثها لـ"سبوتنيك"، فإن توقيع الاتفاقية يأتي في توقيت تتجه فيه إسرائيل إلى تشكيل حكومة يمينية متطرفة بقيادة نتنياهو والذي يختزن عداء كبيرا للأردن، كما يحاول أن يجعل الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، غير محاولته لاحتلال الأغوار.
وأشارت الشعار إلى أن الداعمين للمشروع كان لديهم خيار أن يكون مشروعا الطاقة والمياه على الأراضي الأردنية من خلال استغلال وتحلية مياه البحر الأحمر في مدينة العقبة.
وأوضحت أن الأردن يعاني شحا بالمياه ويبحث عن أي مصدر مائي يوفر مياه شرب نتيجة ازدياد أعداد السكان واللاجئين السوريين بأي وسيلة كانت نظرا لتراجع الدعم الدولي للاجئين ومشاريع المياه في الأردن.
وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية: "الأردن، الذي يعاني من شح المياه وله ساحل قصير للغاية، سيحصل على حل لواحدة من أكثر مشكلات المملكة إلحاحا؛ بينما إسرائيل، التي وضعت أهدافا طموحة للانتقال إلى الطاقات المتجددة، وليس لديها مساحات مفتوحة كافية لإنشاء مزارع شمسية، ستستفيد في هذا السياق؛ فيما الإمارات، بصفتها المنفذ للمشروعين، ستكسب المال من الدولتين".
وبحسب صحيفة "معاريف" العبرية، فإن الاتفاق ينص على أن تبيع إسرائيل المياه المحلاة للأردنيين وتشتري الكهرباء الشمسية منهم، على خلفية أزمة المساحات المفتوحة في إسرائيل.
مناقشة