بطولة كأس العالم 2022

إساءة فيرز وتصريحات بلاتر... أهداف سياسية وراء الهجوم الأوروبي على قطر بسبب كأس العالم

قبل أيام من انطلاق كأس العالم، لا تزال الهجمة الشرسة التي تقودها بعض الدول الأوروبية ضد قطر مستمرة، متخذة من الرياضة غطاءً لإخفاء الدوافع السياسية التي تقودها نحو هذا الهجوم.
Sputnik
قطر التي تعرضت قبل أيام لتصريحات مسيئة من وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، حول استضافتها للنسخة الحالية من كأس العالم، تواجه انتقادات حادة ساقها هذه المرة سيب بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي السابق لكرة القدم، الذي وصف منح حق استضافة قطر للمونديال بـ "الخطأ" و"الاختيار السيئ".
يقول مراقبون إن الهجمات الأوروبية على قطر تأتي من باب "الغيرة والحقد" على تنظيم دولة عربية وإسلامية لبطولة كأس العالم، وكذلك لا يمكن فصلها عن أزمة الطاقة وموقف قطر من تزويد الدول الأوروبية بالغاز، لا سيما ألمانيا.
أسباب سياسية ونفسية
اعتبر المحلل السياسي القطري، عبد الله الخاطر، أن الدوحة بذلت جهودًا جبارة خلال السنوات الماضية من أجل استضافة نسخة ستكون فريدة لكأس العالم، فيما تأتي تصريحات بلاتر منسجمة مع الضغوط الكبيرة التي تمارس عليه، وكذلك مرتبطة بالروح السائدة في أوروبا والتي تعبر عنها تصريحات السياسيين هناك منذ فترة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك نوع من الغيرة والمكابرة الأوروبية في أن تكون هناك دولة عربية بالخليج قادرة على تقديم نسخة مميزة من كأس العالم، وهو ما يمكن أن يؤثر على التركيبة النفسية للمواطنين الأوروبيين، حيث الاستضافة تعني إبراز دولة قطر والمنطقة العربية بمستويات عالية من التقدم ربما تفوق أوروبا.
بطولة كأس العالم 2022
تضامن عربي يواجه الهجوم الغربي الذي تتعرض له قطر قبل انطلاق كأس العالم
وأوضح أن هذه الفكرة تؤرق السياسيين الأوروبيين، الذين يعتقدون أنها ستبعث برسالة عدم اطمئنان لمواطنيهم، وتدفعهم لانتقاد سياساتهم وشكل الإدارة للدول الأوروبية، خاصة بعد أزمة أوكرانيا، وفقدان الطاقة، وشعور الكثير من المواطنين هناك بأن أوروبا لم تكن قادرة على اتخاذ القرار، وتبعت الإدارة الأمريكية دون النظر للمواطنين الأوروبيين وحاجاتهم، لذلك اليوم يعانون من أزمة الطاقة، وفي الوقت نفسه تقدم قطر نسخة مختلفة كليًا لكأس العالم، وهو ما يدحض فكرة الأوروبيين عن أن الرفاهية مرتبطة بدولهم، وأن هناك من هم أكثر منهم رفاهية وتقدمًا.
في الوقت نفسه، يرى الخاطر بأن هناك أسبابًا أخرى سياسية لهذه الهجمة الشرسة، تتمثل في رفض أوروبا بالقبول بأسعار الطاقة الحالية والتي تضعها الدول طبقًا لاقتصاد السوق الحر، وهو ما لا تريده الدول الأوروبية التي تحاول إما وضع سقف للأسعار أو فرض أسعار طاقة تناسبها، وهو ما رفضته قطر التي أعلنت ضرورة القبول بأسعار السوق وأن آسيا قادرة على شراء الطاقة إن لم تكن أوروبا مستعدة.
وتابع: "عدم قدرة أوروبا على تقبل الأسعار الحالية في ظل ما تعانيه من أزمة طاقة، حرك المياه الراكدة ودفع الأمور إلى هذه الدرجة من الحقد والغيرة، لذلك تشن هجمات إعلامية على قطر وتستغل تنظيم الدوحة لكأس العالم، وتتحدث عن ملفات حقوقية، سبق وأثبتت قطر للعالم أنها غير حقيقية".
بطولة كأس العالم 2022
مسؤول قطري يقول إن بلاده تتعرض لحملة أوروبية عنصرية شرسة لأنها "عربية ومسلمة"
ألمانيا والغاز القطري
في السياق، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي القطري، علي الهيل، إن ما قاله بلاتر من أن اختيار ملف قطر كان خطأ كبيرا يدينه باعتباره كان الرئيس السابق للفيفا، وأحد أعضاء لجنة الاختيار، هو إذا المتسبب في هذا الخطأ، من الناحية المهنية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الهجمة الأوروبية تأتي باعتبار أن دولة قطر هي الدولة الإسلامية الأولى، وكذلك العربية والشرق أوسطية التي تحصل على استضافة كأس العالم، وكل الهجمات المسعورة من قبل المسؤولين الأوروبيين مثل وزيرة خارجية ألمانيا، وغيرها من المسؤولين تدل على أن هناك "نزعة عنصرية أوروبية"، حيث يعتبر الأوروبيون أنفسهم أفضل من الجميع، والأجدر باستضافة هذا الحدث الضخم.
وعن إمكانية أن يكون هناك ترابط بين هذه الهجمات وأزمة رفض قطر توريد الغاز إلى أوروبا، يرى الهيل أنه ممكن، لا سيما من قبل ألمانيا بعد أن رفضت قطر توقيع عقود قصيرة الأجل معها لتوريد الغاز.
وأشار الرئيس السابق لـ"الفيفا" في مقابلة مع صحيفة "تاغيز إنزيغر" السويسرية، إلى أن الدولة (قطر) صغيرة جدا بالنسبة لحدث مثل كأس العالم، مضيفا أن فيفا عدل في 2012 المعايير التي استخدمها لاختيار البلدان المضيفة في ضوء المخاوف بشأن ظروف العمل في مواقع البناء المرتبطة بالبطولات في قطر.
من جهته أكد الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم المقرر انطلاقها في قطر، ناصر الخاطر أن دولة قطر تعرضت لحملة شرسة بنيت على أسس سياسية ودواعٍ عنصرية وواهية غير معقولة ومنطقية وأخرى لا أساس لها من الصحة، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، اتهم وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ألمانيا بازدواجية المعايير بسبب انتقاداتها لسجل حقوق الإنسان للبلد المضيف لنهائيات كأس العالم لكرة القدم.
بطولة كأس العالم 2022
بلاتر: قطر دولة صغيرة جدا وإسناد المونديال إليها كان قرارا "خاطئا"
وقال محمد بن عبد الرحمن، في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية، إنه "يتم تضليل الشعب الألماني من قبل السياسيين الحكوميين"، مدافعا عن استدعاء الدوحة السفير الألماني للاحتجاج، حسب إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية.
وأضاف: "نحن مستاؤون من ازدواجية المعايير، وقطر واجهت حملة ممنهجة ضدها على مدى 12 عاما منذ اختيارها لاستضافة كأس العالم، وهي حملة لم تواجهها أي دولة أخرى حظيت بحق استضافة هذه البطولة".
وتابع الوزير القطري: "من المفارقات أن يتم اللعب على هذا الوتر في دول أوروبية تسمي نفسها ديمقراطيات ليبرالية. وبصراحة، ينم هذا التصرف عن غطرسة وعنصرية".
ودعا وزير الخارجية القطري السياسيين الألمان إلى التركيز أكثر على جرائم الكراهية التي تحدث داخل حدود بلادهم، واصفا النداءات المطالبة بضمانات أمنية للأقليات، والتي طلبتها (وزيرة الداخلية الألمانية نانسي) فيزر كشرط مسبق قبل موافقتها على حضور كأس العالم، بأنها غير ضرورية.
واستدعت وزارة الخارجية القطرية، الجمعة الماضية، السفير الألماني لدى الدوحة، احتجاجا على تصريحات ‏وزيرة الداخلية الألمانية بشأن استضافة الدولة الخليجية لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.‏
مناقشة