التصعيد العسكري لـ"أنصار الله" في مأرب... هل هو إعلان رسمي بعودة الحرب وفشل المفاوضات؟

عادت الاشتباكات مجددا إلى جبهات القتال في اليمن بصورة كبيرة بعد تواتر الأنباء عن توقف المفاوضات بين الرياض وصنعاء وفشل المساعي الإقليمية والدولية في تمديد الهدنة للمرة الرابعة.
Sputnik
كشف أبو بكر القربي، وزيرالخارجية اليمني الأسبق، عن توقف المفاوضات بين التحالف العربي بقيادة السعودية، وجماعة "أنصار الله" لوقف الحرب الدائرة منذ 8 أعوام، مشدداً على ضرورة التدخل العاجل للأمم المتحدة.
وكتب القربي في حسابه على "تويتر" اليوم السبت "المفاوضات لوقف حرب اليمن توقفت بسبب الخلاف على توزيع موارد الدولة وصرف المرتبات وتأخر مفاوضات الحل السياسي ونتيجة للوجود العسكري الدولي في المطارات والجزر اليمنية والتهديد لموانئ تصدير النفط وما قد يؤدي إليه من تصعيد عسكري".
هل تنتظر اليمن حربا أكثر شراسة خلال المرحلة القادمة؟
جدوى الهدنة
بداية، قال عبد العزيز قاسم، القيادي في الحراك الجنوبي اليمني، إنه منذ أكثر من شهرين يتحدث الحوثيون عن عدم جدوى الهدنة، نتيجة عدم إيفاء المجتمع بالتزاماته مثل دفع الرواتب ورفع الحصار والكثير من المسائل التي تمت مناقشتها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "نتيجة لقناعة الحوثيين بعدم الجدوى المستقبلية للهدنة، كانت تهديداتهم للمناطق النفطية، وأن أي هدنة جديدة لن تحل أي من الالتزامات الواضحة التي تم التوافق عليها في السابق، ما يعني أن المسألة مرتبطة بوضع إقليمي يرتبط بالنفط في المنطقة والشرق الأوسط والوضع بين روسيا وأوكرانيا وقرارات الاتحاد الأوروبي".
مسؤول يمني أسبق يكشف توقف المفاوضات بين التحالف العربي و"الحوثيين" لإنهاء الحرب
تفاقم الأوضاع
وأشار القيادي في الحراك إلى أن الحرب في اليمن تجددت وهناك عمليات قصف متكررة من جانب الحوثيين وتم قصف العديد من المناطق النفطية خلال الفترة الماضية، كما بدأ الحوثيون في تفعيل العديد من المسائل المرتبطة بالحرب، مشيرا إلى أن المبعوث الأممي حاول تهدئة الأوضاع والحيلولة دون تفاقم الأوضاع التي لا تخدم المنطقة والتجارة العالمية ومضيق باب المندب، والكثير من التداعيات التي تترتب على زيادة وتيرة التصعيد مجددا على الجبهات، لذا فإن التصعيد مجددا من جانب صنعاء يأتي لفرض شروط والتأكيد مجددا على أن الهدنة لم يعد لها أي معنى.
وأوضح قاسم، أن الحوثيين يقرؤون المشهد جيدا ويعلمون أن الهدنة لا جدوى منها وأنهم يستبقون نتائج كل ما يتم الإعلان عنه من قرب التوصل إلى هدنة جديدة، فلا يمكن التعويل على الهدنة والتهدئة طالما أن الحصار لا يزال موجود والرواتب مجمدة، ولم يتم الإلتزام بالشروط التي تم الاتفاق عليها خلال الهدنة السابقة.
صنعاء والرياض
بدروه، قال أكرم الحاج المحلل السياسي اليمني، إن هناك احتقانا واضحا بين طرفي الحرب وهناك اشتباكات وعودة للحرب في محافظة مأرب بين "أنصار الله" والقوات الموالية للمجلس الرئاسي اليمني، هذا الاحتقان الحادث الآن مستمد من المحادثات الطويلة التي جرت خلال الفترة الماضية بين صنعاء والرياض، وأيضا ما تعلق بتحركات المبعوث الأممي والأمريكي ودخول الوساطة العمانية إلى اليمن.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "يبدو أن هذا الاحتقان الحادث اليوم على أرض الواقع، ناتج عن أن تلك التحركات الدبلوماسية التي تجري الآن لتمديد هدنة رابعة فيما بين حركة أنصار الله والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، قد باءت بالفشل، ما دعا إلى عودة التصعيد على جبهات القتال وعلى رأسها جبهة مأرب، التي تصنف على أنها معقل لحزب التجمع الوطني للإصلاح".
قيادي جنوبي لـ"سبوتنيك": المشهد اليمني "قاتم"... لا سلام ولا حرب
الجاهزية القتالية
وتابع المحلل السياسي، "يبدو أن أشهر الهدنة الست الماضية خلقت نوعا من الجاهزية القتالية لدى كل الأطراف اليمنية استعدادا لعودة المعارك في الجبهات، هذا الأمرهو نتاج طبيعي طالما أن هناك ضبابية في المشهد وفي عمليات التواصل والتوافق مع صنعاء من جانب السعودية".
وحول ما إذا كان اليمن يتجه إلى حرب مدمرة بعد عودة التصعيد في الجبهات يقول الحاج: "أعتقد أن فشل المشاورات الرامية إلى التوصل لأي اتفاق حول هدنة رابعة، وضع الأمور باتجاه التصعيد من قبل حركة أنصار الله ضد الرياض خاصة ضد الشركات والحقول النفطية، هذا الخيار يبدو واضحا تماما في تلك المرحلة، هذه الحرب لن تكون لها خصائص جديدة لأنها امتدادا للفترات السابقة، كما أن غياب الثقة بين الأطراف اليمنية يعد أحد عوامل اشتعال الجبهات".
وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تبنت جماعة "أنصار الله" هجوما على ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت شرقي اليمن، هو الثاني على الميناء والثالث الذي يستهدف الموانئ النفطية في مناطق الحكومة، وذلك بعد شهر من إعلانها إبلاغ الشركات النفطية بإيقاف عمليات التصدير رداً على ما تعتبره الجماعة استحواذاً من الحكومة على إيرادات النفط والغاز وعدم توجيهها لدفع رواتب الموظفين.
وأعلنت جماعة "أنصار الله"، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصول مفاوضات تمديد الهدنة إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية.
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 آذار/ مارس 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
مناقشة