ضرائب الدخل.. لماذا أثارت الغضب في لبنان وما التعديلات المطلوبة؟

أثارت القرارات الضريبية الأخيرة التي أعلن عنها وزير المالية في لبنان ضمن موازنة 2022، غضبًا شعبيًا عارمًا، لا سيما فيما يتعلق بفرض ضرائب جديدة على الرواتب المقبوضة بالدولار الأمريكي.
Sputnik
وكان من المفترض أن تدخل هذه الإجراءات الضريبية حيز التنفيذ مع بداية شهر ديسمبر الجاري، وبمفعول رجعي يعود إلى مطلع عام 2022، إلا أن لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني أعلنت أنه تم الاتفاق مع وزارة المالية على تجميد هذه القرارات إلى حين إعادة النظر فيها.
رغم الأزمة الاقتصادية... أجواء ميلادية وسط بيروت
وقال مراقبون إن ما حدث مجرد تأجيل، لكن إلغاء تلك القرارات قراره يعود للوزير وليس للبرلمان، مؤكدين بأن هناك تعديلات مطلوبة في قرارات الحكومة، وكذلك في الموازنة مثل إلغاء الأثر الرجعي للقرار، وكذلك تعديل نظام سعر الصرف، مطالبين بضرورة التركيز على التهرب الضريبي.
تشريعات جديدة
قال النائب مارك ضو، عضو البرلمان، الذي شارك في اجتماعات لجنة المال والموازنة، إن اللجنة ناقشت مع وزير المالية القرارات الأخيرة التي أطلقها فيما يتعلق بفرض الضرائب، وضرورة التراجع عن أي مفعول رجعي لكامل هذه القرارات، مؤكدا عدم الحاجة لتعديل القانون، حيث عندما يتراجع وزير المالية عن هذه القرارات ستنتهي المشكلة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لم يقم الوزير بإقرار ضرائب جديدة بل تم تعديل سعر الصرف التي يتم على أساسها تحصيل واحتساب ضرائب الدخل على الأفراد، معتبرًا أن هذا الأمر غير جائز ويحتاج إلى تعديل ومراجعة.
وأكد أن قرارات الوزير مجحفة بحق المواطنين اللبنانيين، ومبنية على موازنة غير عادلة، معتبرًا أن الاعتراضات من قبل الشارع ستظل قائمة، وأن هذه الأزمة لن تحل إلا بوضع تشريعات جديدة صحيحة في هذا الإطار.
ولفت إلى ضرورة أن تترافق أي زيادة للضرائب مع زيادة الخدمات العامة والاجتماعية المقدمة للمواطنين، مشددًا على أهمية أن تهدف السياسة الضريبية لزيادة القاعدة الضريبية والحد كذلك من التهرب الضريبي.
الليرة اللبنانية عند أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأمريكي
تعديلات مطلوبة
بدوره اعتبر عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن الضريبة على رواتب الموظفين التي أثارت جدلا واسعًا، هي طبيعية وفقا للقانون، ومن الطبيعي أن يدفع كل من يتقاضى رواتب مرتفعة ضريبة كبيرة، لكن المشكلة في لبنان أن هناك تفاوتًا كبيرا في الرواتب بين القطاع العام والقطاع الخاص.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، باتت الخصومات العائلية لا تتناسب مع حجم الرواتب الكبيرة التي يتقاضاها بعض الموظفين في القطاع الخاص، كما أن الشطور الضريبية أيضا لم تعد تتناسب مع رواتبهم مما رفع قيمة هذه الضريبة وهو أمر طبيعي.
وتابع: "موظف يتقاضى ألفي دولار إذا ما تم احتساب قيمتها بالليرة اللبنانية على سعر منصة صيرفة تعادل حوالي 60 مليون ليرة، بينما راتب معظم موظفي القطاع العام وحتى معظم القطاع الخاص لا يتجاوز شهريا 10 مليون ليرة، لذلك من الطبيعي أن يكون الفرق في الضريبة كبير جدا".
وأوضح أن ما زاد من حدة المشكلة هو القرار الصادر عن وزير المالية، والذي جاء يطلب احتساب الضريبة بأثر رجعي من بداية هذه السنة، وهذا الأمر غير معتاد في الموازنات السابقة، والذي كان يفترض التعديل في الضريبة من تاريخ نشر القرار أو القانون في الجريدة الرسمية.
نائب عن "قوى التغيير": إقرار الموازنة سيؤدي بلبنان إلى الهاوية بشكل نهائي
ولفت إلى أن الخطأ في القرار منذ البداية احتساب الأثر الرجعي، نظرًا لأن الموظف ليس مسؤولًا عن القوانين إلا من تاريخ النشر، مؤكدًا على ضرورة تصويب القرار من هذه الناحية، أما موضوع الإصرار على تسعير الرواتب على سعر 1507.50 فهذا الأمر غير مقبول ويفقد الضريبة عدالتها، وهي أهم صفة يجب أن تتمتع بها.
وقد فرضت موازنة لبنان لعام 2022 والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية شهر ديسمبر الحالي، ضريبة تتراوح نسبتها بين 2 و25 بالمئة على كل من يتقاضى راتبه بالعملة الأجنبية، على أن يتم تحصيل هذه الضريبة بالعملة الوطنية، وفقا لسعر الصرف في السوق السوداء وليس السعر الصرف الرسمي، وبمفعول رجعي يعود إلى مطلع يناير 2022.
ويترافق انهيار سعر صرف الليرة المحلية مع موجة غلاء غير مسبوقة، وبحسب دراسة أجرتها "الدولية للمعلومات" حول الكلفة الأدنى لمعيشة أسرة لبنانية مؤلفة من 4 أفراد مع الأخذ بعين الاعتبار الفروقات بين السكن في القرية أو المدينة، وبين التملّك والاستئجار، فإن الدراسة خلصت إلى أن كلفة المعيشة تتراوح بين 20 و26 مليون ليرة شهريًا بالحد الأدنى، وبمتوسط 23 مليون ليرة شهريًا.
مناقشة