ما تداعيات إعلان بايدن "موت" جهود إحياء الاتفاق النووي مع إيران؟

في وقت وصلت فيه الجهود لإحياء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران إلى طريق شبه مسدود، أعلن الرئيس جو بايدن أن هذه الجهود "ماتت"، الأمر الذي يفتح الباب أمام تكهنات عدة بشأن مستقبل المنطقة برمتها، وسيناريوهات التصعيد المتوقع بين واشنطن وطهران.
Sputnik
أمريكا التي لم تنجح كل عقوباتها الاقتصادية في إخضاع إيران لتنفيذ مطالبها باتت أمام خيارات صعبة في التعامل مع ما تسميه بـ "التهديدات النووية الإيرانية"، لا سيما وأن طهران قد تلجأ إلى وقف التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، وتعود لرفع تخصيبها لليورانيوم، وفقا للمراقبين.
ورغم إعلان بايدن، لا يزال يرى خبراء بأن العودة للمفاوضات قائمة، لكن لا يمكن أن تكون في المدى القريب والمتوسط، وأن ما يحدث قد تكون مراوغة أمريكية لرفع سقف المطالب مجددًا.
وانتشر مؤخرا فيديو للرئيس الأمريكي جو باين وهو يتحدث مع ناشطين إيرانيين حضروا حدثا في جنوب كاليفورنيا في نوفمبر/ تشرين الماضي، بحسب موقع "إكسيوس":
"إن الاتفاق النووي مات، لكننا لن نعلن ذلك. قصة طويلة"
بايدن في فيديو متداول: الاتفاق النووي مع إيران "مات"

رفع السقف

اعتبر الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول الأول والأخير عن وصول الاتفاق النووي، إلى طريق مسدود، وفشل كافة المفاوضات التي عقدت في السنوات الأخيرة، لكنه أكد أن الاتفاق لا يزال موجودًا.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لا تزال مساع إحياء الاتفاق النووي قائمة، والتصريحات التي خرجت على لسان بايدن والمسؤولين الأمريكيين، مراوغة من أجل محاولة رفع سقف المطالب، لأنهم يعلمون أن وفاة الاتفاق النووي لا يصب في مصلحتهم أو مصلحة حلفائهم.
وفيما يتعلق بالعقوبات التي يلوح بها الأمريكي والأوروبي، لفت إلى أن وضع طهران بات واضحًا للجميع، وهي ترزح تحت أشد العقوبات الدولية، وهذا لن يغير شيئًا في وضع إيران الاقتصادي.
وتابع: "وفي حال لم يكن هناك اتفاق نووي فإن إيران سوف توقف كل تعاونها مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية خارج إطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وستزيد من سرعة برنامجها النووي بش كبير جدًا"، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة سوف ترفع التوتر في المنطقة، خاصة دون وجود اتفاق إيراني سعودي أيضًا، وستزيد إيران من تعاونها مع روسيا والصين خاصة في المجالات العسكرية.
أوليانوف: واشنطن تتصرف بطريقة غير مسؤولة تجاه الاتفاق النووي الإيراني

3 أسباب

من جانبه اعتبر الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب) أن هناك 3 أسباب رئيسية أدت إلى توقف مفاوضات النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية برعاية الاتحاد الأوروبي، الأول دخول الطرفين لهذه المفاوضات في عهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بسقوف سياسية مرتفعة جدًا، فيما يتعلق بالمطالبات وبالطموح والتوقعات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أما السبب الثاني لهذا الفشل، تتمثل في الضغوط الداخلية والخارجية التي مورست على الولايات المتحدة الأمريكية وجعلتها لا تستجيب لأي من المطالب الإيرانية المتعددة التي عرضتها.
أما عن السبب الثالث، بحسب أبو النور هو أن إيران لم تفهم بأن مشروع المبادرة التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق الاتحاد الأوروبي كانت الفرصة الأخيرة لإنجاح هذه المفاوضات والتوصل لاتفاق، ورأت طهران أن هذه الفرصة قد تكون مناورة أمريكية، بيد أن اتضح فيما بعد أنها كانت خطوة جادة ومحاولة أمريكية أخيرة للتوصل إلى حل في المسألة النووية.
ولفت إلى أن هذه الأسباب الثلاثة أدت إلى توقف المباحثات وتوقع الولايات المتحدة فشل المفاوضات في التوصل لاتفاق على المديين القريب والمتوسط، فيما توقع استئناف المفاوضات بين الطرفين والتوصل لتسوية على المدى البعيد وليس الآن.
تعليقا على حديث بايدن، قال منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية، جون كيربي، "إن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) ليست محور تركيزنا في الوقت الحالي وليست على جدول أعمالنا".
وأضاف: "نحن ببساطة لا نرى اتفاقا قادما في أي وقت قريب بينما تواصل إيران قمع مواطنيها ودعمها لروسيا في أوكرانيا".
وتابع: "لذا فإن ما نركز عليه الآن هو طرق عملية لمواجهة إيران في تلك المجالات وليس على الصفقة الإيرانية".
الاتفاق النووي الإيراني... إلى أين وصلت المفاوضات وهل أصبحت أمريكا والغرب غير راغبين فيه؟
وفي الشهر الماضي، قللت وزارة الخارجية الإيرانية من احتمالات التوصل إلى تفاهم بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، قائلة إن المفاوضات "يبدو أنها وصلت إلى طريق مسدود"، متهمة الجانب الأوروبي بالتقاعس عن الوفاء بالتزاماته.
يذكر أن الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي كانوا قد وقعوا على الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015.
وانسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاقية في عام 2018 وأعادت فرض عقوبات شاملة على إيران، فيما ردت طهران بالتخلي التدريجي عن التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق، وبدأ البلدان محادثات حول إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بعد أن تولى جو بايدن منصبه في يناير/ كانون الثاني 2021.
وتعثرت المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي، بسبب عدم اتفاق الولايات المتحدة وإيران على النص النهائي للاتفاق الذي قدمه الوسيط الأوروبي. وتطالب إيران بإغلاق ملف "الادعاءات" للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن العثور على آثار مواد نووية في ثلاثة مواقع إيرانية غير معلنة.
بالمقابل، اعتبرت أمريكا، أن رد طهران على المسودة الأوروبية، لم يكن "بناء".
مناقشة