انتخابات الرئاسة التونسية في 2024… هكذا نقل الدستور المعدل كامل الصلاحيات لرئيس الجمهورية

جاءت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التونسية الأخيرة مؤشرا على ما قد يحدث في الانتخابات الرئاسية في 2024، إذ جاءت نسبة المشاركة في المرحلة الأولى 10% فقط.
Sputnik
فبعد نحو سنة من الآن سيكون التونسيون على موعد من الانتخابات الرئاسية التي بات عدد كبير من المعارضين والسياسيين يعولون عليها كأحد مخارج الأزمة التي تعيشها البلاد حاليا، وتجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة وفقا لدستور 2022 لأول مرة، حيث وصل الرئيس الحالي قيس سعيد إلى منصبه وفقا لدستور 2014.
انتخب قيس سعيد في أواخر عام 2019، وتسلم مهام عمله رسميا، وواجه أزمة مع حزب النهضة أكبر أحزاب البرلمان، وفي يوليو/ تموز 2021 قرر تجميد أعمال واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن كافة أعضائه، وإعفاء رئيس الحكومة (وقتها) هشام المشيشي، وتولي السلطة التنفيذية ورئاسة النيابة العمومية، ثم عاد في مارس/ آذار 2022 وقرر حل البرلمان، وأصدر سعيد سلسلة من المراسيم التي ألغت معظم بنود دستور 2014 ومنح نفسه سلطة الحكم بمراسيم لا تقبل الطعن، حتى 25 يوليو الماضي، جرى الاستفتاء على تعديلات دستورية، دخلت حيز التنفيذ في أغسطس/ آب 2022.
وبعد إصدار الدستور طالبت العديد من الشخصيات والمنظمات الوطنية والحزبية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، من بينهم الاتحاد العام التونسي للشغل وحزب آفاق تونس وغيرهم، في وقت توقعت حركة النهضة تأجيل انتخابات 2024 لمزيد "احتكار السلطات واستهداف المعارضين"، خاصة وإن الدستور نص على أنه إذا تعذر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدد يسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها.

صلاحيات واسعة وتكريس حكم الفرد

واجهت التعديلات الدستورية التي دعا إليها قيس سعيد معارضة كبيرة من أغلب التيارات السياسية في البلاد، لما اعتبروه تكريسا لسياسة حكم الفرد، وتوسيعا لصلاحيات رئيس الجمهورية وإجهازا على مكتسبات الثورة التونسية 2011.
وبحسب الدستور أصبح لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعه في مقابل التقليل من صلاحيات البرلمان والحكومة، والقضاء أيضا، حيث نص الدستور في البند 120 على أن تعيين القضاة يتم بأمر من الرئيس بعد ترشيحات من مجلس القضاء الأعلى المعني بالأمر. وهم ممنوعون من الإضراب.
عبير موسي: قيس سعيد يستغل الفترة الاستثنائية للانفراد بالحكم
ووفقا للدستور أيضا تمتع منصب الرئيس بالحصانة الكاملة، فنصت المادة 109 على تمتع الرئيس بالحصانة طيلة فترة ولايته، ولا يجوز استجوابه عن تصرفاته أثناء تأدية مهامه، وبحسب البند 95 يسمح للرئيس باتخاذ "تدابير استثنائية" إذا ما رأى أن هناك "حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها" بعد استشارة رئيس الوزراء والبرلمان، وفي البند 106 من الدستور يمنح الرئيس سلطة تعيين من يشغلون الوظائف العسكرية والمدنية العليا بناء على اقتراحات من رئيس الوزراء.

وبحسب الدستور الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأيضا أصبحت قوات الأمن الداخلية، التي تتلقى أوامرها من الحكومة، مسؤولة أمام الرئيس.

وجاء في البند 140 يمدد صلاحية المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس قيس سعيد في سبتمبر/ أيلول 2021 وسمح له بالحكم من خلال إصدار المراسيم لحين اضطلاع البرلمان بمهامه.

برلمان ضعيف أمام رئيس قوي

أجريت مؤخرا المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية وبلغت نسبة المشاركة في حوالى 10%، وفاز فيها 10 مرشحين بالتزكية نظرا لعدم وجود منافسين لهم، وقاطعتها معظم الأحزاب إما لاعتراضهم على التعديلات التي أدخلت على الدستور بشأن البرلمان وصلاحياته، أو بسبب اعتراضهم على إجراءات الانتخابات نفسها.
وبحسب دستور 2022، منحت المادة 68 رئيس الجمهورية الحق في طرح مشروعات القوانين على مجلس النواب، ورغم أن هذه المادة كانت موجودة في الدساتير السابقة إلا أنه تمت إضافة أن لهذه المشروعات لها الأولوية على المقترحات التشريعية الأخرى. وتنص كذلك على أن الرئيس هو الذي يقدم مشروعات قوانين الموافقة على المعاهدات ومشروعات القوانين المالية.
تونس تشهد أول انتخابات برلمانية في ظل الدستور الجديد
وأيضا تنص المادة 61 على أن التفويض الممنوح للنائب يمكن سحبه وفق الشروط التي يحددها قانون الانتخابات، ولم يتم توضيحها، وكذلك نصت المادة 69 على أن مشروعات القوانين والاقتراحات الخاصة بتعديل قوانين موجودة، التي يقدمها مشرعون، غير مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالموازنات المالية للدولة، دون تحديد ما يعنيه ذلك.
ونص الدستور كذلك على إنشاء ما أطلق عليه "مجلس ولايات" ليكون غرفة ثانية في البرلمان.

شروط الترشح

وأدخل الدستور تعديلات أيضا على شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حيث حرم الدستور الجديد كل من كان يحمل جنسية أجنبية من الترشح لمنصب الرئاسة. في حين كان الدستور القديم يشترط أن يكون المرشح للمنصب تونسي الجنسية منذ الولادة، وأنه إذا كان حاملا جنسية غير الجنسية التونسية فإنه يقدم ضمن ملف ترشحه تعهدا بالتخلي عن الجنسية الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية، أما في الدستور الحالي أن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية أخرى مولود لأب وأم وجدّ لأب وجد لأم تونسيين وكلهم تونسيون دون انقطاع.
ورفع الدستور كذلك سن من يريد الترشح لمنصب الرئيس من 35 إلى 40 سنة.
مناقشة