مطالب تونسية بتنويع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية باتجاه الشرق

تطالب جهات تونسية عدة بانتهاج سياسة دبلوماسية جديدة بخلاف التعويل المفرط على الغرب وعلى صندوق النقد الدولي، الذي تقول إنه يشترط على تونس إجراءات لها تكلفة اجتماعية باهظة.
Sputnik
وترى هذه الجهات أن تونس مطالبة بتنويع علاقاتها الخارجية باتجاه الشرق وتعميق معاملاتها خاصة مع القوى العالمية الصاعدة على غرار روسيا والصين.
وأقامت تونس على مدار تاريخها الحديث شراكة استراتيجية مع الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي)، وهي الشراكات التي أجمعت أوساط تونسية على أنها لم تكن متوازنة بل قادت تونس إلى انتهاج خيارات أضرت بها.

الحوار مع روسيا أصبح ضرورة

ويرى الدبلوماسي ووزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس، في تصريح لـ "سبوتنيك"، أنه بات من الضروري على تونس أن يكون لها حوار مع روسيا مثلما لها استشارات مع أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وأفريقيا.
خبراء: الشراكة الاقتصادية بين روسيا وأفريقيا تخلص الدول من القبضة الغربية الاستعمارية
وأكد ونيس، وجود مساعي دبلوماسية من الجانب التونسي لتحديد موعد لزيارة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى تونس، مشيرا إلى أن هذه المساعي تتوافق مع توجهات روسيا التي أبدت رغبة في تعميق علاقاتها مع دول شمال أفريقيا.
ولفت ونيّس إلى أن العلاقات بين تونس وروسيا كانت دائما مبنية على أسس ثابتة، مضيفا: "لدينا تقدير كبير في الداخل التونسي لتقييمات روسيا للحالة العربية وخاصة للتضامن الذي أظهرته مع سوريا وفلسطين ودفاعها عن القضايا العادلة في مجلس الأمن خاصة التي تستهدف الدول العربية، التي أصبحت مقسمة وضحية لاستراتيجيات هدامة".
ويعتقد ونيّس أن كلمة روسيا في المحافل الدولية لها وزنها، وبإمكانها أن تدفع باتجاه تجاوز الخلافات "العربية - العربية" وتساعد على فتح آفاق المستقبل، كما يمكنها في المقابل أن تعول على تونس.
السفير الروسي لدى تونس: حجم التجارة بين روسيا وتونس ارتفع بأكثر من 60%
وتابع: "باعتقادي، إذا ما رغبت روسيا في فتح ستار حديدي جديد مع أوروبا، فهي ستكون في حاجة إلى الاعتماد على صداقات قوية وثابتة، تختلف عن انتهازية جنوب أوروبا في البحر الأبيض المتوسط، حتى تضمن عدم بقائها أمام واجهة معادية بالنسبة لها غربا وجنوبا".
وأشار إلى أن هذه العلاقات يجب أن تكون مبنية على قاعدة التفكير والتقييم المشترك لمصالح البلدين بعيدا عن الانتهازية.
ويقول الدبلوماسي التونسي إن بلاده ترى أن النظام العالمي يكون معتدلا وقويا عندما تكون روسيا ركنا من أركانه، وهو ما قادها إلى رفض التصويت لصالح تعليق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان.
البنك الدولي يؤكد التزامه بدعم تونس في تنفيذ البرامج التنموية
وأشار ونيّس أن تونس لم تتخذ مطلقا مواقف دبلوماسية معادية لروسيا، مشيرا إلى أن تصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان على قرار "دعوة روسيا لاعتماد الحل السلمي والسياسي كسبيل لتجاوز الخلافات، مشيرا إلى أن هذا المبدأ هو قاعدة أساسية في السياسية الدبلوماسية التونسية.

الانفتاح شرقا

ويقول أحمد الكحلاوي، الناطق باسم حركة النضال الوطني، وهي إحدى الحركات الداعمة للرئيس قيس سعيد، إن علاقات تونس الخارجية مبنية على مستويين هما المستوى الرسمي والمستوى الشعبي.
ويؤكد لـ "سبوتنيك" أن حسابات الدولة تقوم على المصالح وعلى توازن العلاقات، وهي تتعارض أحيانا مع ما يريده الشعب.
وأوضح: "يتابع التونسيون التقلبات الدولية بدقة نظرا لانعكاساتها على معيشتهم، وهناك إجماع على أن خيارات الغرب بزعامة أمريكا وبمشاركة أوروبا لم تكن جيدة بالنسبة لشعوب العالم وخاصة بالنسبة للدول العربية، والأمثلة عديدة وأقربها سوريا التي دفعت ضريبة التدخل الأمريكي في شؤونها غاليا".
تونس... رئيسة الحكومة تؤكد أهمية التكامل الاقتصادي في أفريقيا
ويشير الكحلاوي إلى وجود حالة من الغضب في تونس ضد سياسات أمريكا التي تسعى، بحسب قوله، إلى التدخل في شؤونها الداخلية وفرض سياساتها عليها، مشددا على أن تونس مطالبة باعتماد سياسة دبلوماسية جديدة تنفتح على الشرق.
وأضاف: "لقد كسرت روسيا قاعدة القطب الواحد الذي كانت تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، والعالم اليوم بصدد استقبال وضع جديد يتمثل في صعود القطب الروسي الصيني الذي بمقدوره أن يوقف التغول الغربي".
وطالب الكحلاوي رئيس الجمهورية باتخاذ خطوة أولى نحو تنويع العلاقات وخلق نوع من التوازن بين الغرب والشرق، مشيرا إلى أن بلاده بقيت لعقود سجينة قطب واحد وهو ما جعلها تنصاع لضغوطات هذه الجهة، مشددا على أن تنويع العلاقات باتجاه الشرق سيقلل من هذا الضغط.

عجز تجاري قادر على التحسن

وعلى الرغم من أن تونس تحقق أرقاما مهمة على صعيد استقطاب السياح الروس، إلا أن مبادلاتها التجارية مع هذه الدولة تعاني من عجز تجاري طيلة السنوات الأخيرة.
وفي هذا الجانب، يقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي لـ "سبوتنيك"، إنه "بإمكان تونس تجاوز هذا العجز إذا ما توسعت علاقاتها مع روسيا وتخطت مسألة المبادلات التجارية إلى توقيع معاهدات واتفاقيات شاملة معها تشمل خاصة الجوانب الاستثمارية".
الرئيس التونسي: عصابات منظمة تقف وراء أزمة السلع ورفع الأسعار
ويرى الشكندالي أن تونس خطت خطوة أولى نحو الشرق بانضمامها إلى عضوية البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تمتلك كل من روسيا والصين أسهما فيه، مشيرا إلى أنه قد يتحول في المستقبل إلى ملاذ بالنسبة لتونس على مستوى تعويض صندوق النقد الدولي.
وفي السابع من مايو/ أيار 2022، أعلنت تونس أنها أصبحت رسميا عضوا بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لتصبح بذلك العضو رقم 90.
ومن جهتها، قالت وزارة الاقتصاد التونسية إن انضمام تونس لهذه المؤسسة المالية يندرج في إطار "تنويع مصادر تمويل المشاريع التنموية حيث يمكنها من إرساء شراكة جديدة بناءة على مستوى الاستثمار و التمويل والخبرة الفنية".
مناقشة