من بوابة ليبيا... هل تعلن إيران حضورها القوي في شمال أفريقيا؟

بعد إغلاقها طيلة 12 عاما، تستعد إيران لافتتاح سفارتها في العاصمة طرابلس، في ظل انقسام تعانيه ليبيا على مستويات سياسية وعسكرية.
Sputnik
قبل يومين بحثت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش والسفير الإيراني لدى ليبيا محمد رضا، في العاصمة طرابلس ترتيبات عودة سفارة طهران لممارسة مهامها.
الخطوة جاءت بعد أيام قليلة من الاتفاق السعودي-الإيراني على إعادة العلاقات خلال شهرين برعاية صينية. الأمر الذي اختلفت حوله تفسيرات الخبراء، ما بين الارتباط بالاختراق الذي وقع على مستوى العلاقات بين طهران والرياض، وعدم الارتباط بالمسار، استنادا إلى قوة العلاقات منذ العام 2011 وحكومات طرابلس، الذي قامت على معادة الرئيس الراحل معمر القذافي الذي كان على خلاف دائم مع طهران.

تعزيز العلاقات الثنائية

وبحث الجانبان "سبل تعزيز العلاقات الثنائية"، وكذلك تفعيل لجنة اقتصادية مشتركة وبدء الترتيبات لعودة السفارة الإيرانية ومباشرة مهام عملها من طرابلس.

علاقات لم تنقطع

ويرى البعض أن الحضور الإيراني في المشهد الليبي لم ينقطع منذ العام 2011، وأن استمرار إغلاق السفارة كان خشية من الرأي العام العربي.
تصويت... هل تسهم عودة العلاقات السعودية الإيرانية بالوصول إلى اتفاقات في سوريا واليمن؟

حضور غير مؤثر

ورجح الخبراء أن الحضور الإيراني في المشهد الليبي في الوقت الراهن غير مؤثر بدرجة كبيرة، نظرا لاهتمامها بشكل أكبر بالساحة الخليجية ومنطقة الشام بعد الاتفاق مع الرياض، وكذلك عدم وجود حاضنة شعبية للفكر الإيراني في ليبيا، غير أن البعض لم يستبعد سعيها لاستثمار الحالة والتواجد في شمال أفريقيا بشكل أكبر عما سبق، خاصة في السباق نحو العمق الأفريقي من القوى الكبرى.
يستعبد عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب في حديثه مع "سبوتنيك" تأثير إعادة العلاقات بين طرابلس وطهران على النفوذ الغربي بصفة عامة، والأمريكي بصفة خاصة.
لكن معزب يشير إلى أن "التواجد الإيراني له تداعياته على المجتمع الليبي". موضحا أن "بعض النشاطات المشبوهة من جهات إيرانية رصدت خلال الفترة الماضية، والتي تهدف لنشر المذهب الشيعي، وهو من شأنه تعزيز الانقسام في المجتمع الليبي على أسس مذهبية وطائفية، كانت ليبيا تتميز بخلوها منها".

هل تسعى للحصول على اليورانيوم؟

فيما يتعلق بالمساعي للحصول على اليورانيوم من ليبيا، حيث تشير العديد من التقارير إلى أن مناجم اليورانيوم تتواجد بالجنوب الغربي لليبيا في منطقة العوينات الغربية بالقرب من مدينة غات، الحدودية مع الجزائر. لكن معزب يوضح أن ليبيا لا تحتوي على اليورانيوم، وأنه متوجد في دول الجوار التي تسيطر على مخزونها فرنسا.
الجامعة العربية ترحب بالاتفاق السعودي الإيراني وتعتبره خطوة في تحقيق الاستقرار الإقليمي

تقاطع الأهداف

على عكس توقعات البعض بأن واشنطن لن تسمح بتغلغل إيران في شمال أفريقيا، يقول معزب أن عمليات تقسيم المجتمعات على أي أساس سياسي أو طائفي تتماهى مع أهداف واشنطن في المنطقة، لذلك يمكن أن تسمح بذلك.
في الإطار يقول الدكتور محمد الزبيدي أستاذ العلاقات الدولية الليبي، إن العلاقات بين الجانب الإيراني والحكومات التي تعاقبت على طرابلس قوية منذ العام 2011.

علاقات قوية ومستمرة بين طهران وطرابلس

ويضيف في حديثه مع "سبوتنيك"، أنه رغم عدم وجود السفارة إلى أن التعاون مع الحكومات المتعاقبة في طرابلس مستمر منذ فترة طويلة.
يوضح الزبيدة أن "قوة العلاقة بين الجانبين قائمة بالأساس على العداء التي تنصبه الحكومات التي تعاقبت في طرابلس للنظام الليبي السابق" الرئيس معمر القذافي"، وهو ما يتلاقى مع العداء بين إيران وحزب الله مع القذافي، بسبب قضية اختفاء "موسى الصدر"، وكذلك موقف ليبيا من "الجزر الإماراتية".
إيران تعرب عن أملها في استئناف علاقاتها مع البحرين بعد السعودية

ما علاقة الخطوة بالاتفاق مع السعودية

يشير إلى أن افتتاح السفارة في طرابلس ليس مرتبطا بالاتفاق مع السعودية، خاصة أن الانتظار ربما كان خشية من الرأي العام العربي، إثر التوترات القائمة منذ سنوات.
برؤية مغايرة يقول المحلل السياسي الليبي محمد الأسمر، إن السياسة الخارجية في ليبيا مرهونة بعدة معطيات، في مقدمتها القوى الحاكمة التي تتقاطع مصالحها مع بعض القوى المنخرطة في المشهد. موضحا أن المنقوش تعمل على موائمة الوضع و"المحاباة"، وفقا للإرادة الدولية، خاصة في ظل التغيرات التي حدثت على مستوى العلاقات بين واشنطن وإيران، أو منطقة الخليج.

مدى الترحيب بإيران في ليبيا

على عكس الزبيدي يوضح الأسمر أن الوجود الإيراني في ليبيا، ليست لديه معطيات داعمة، من الناحية الأيدولوجية أو تقاطع المصالح، خاصة أنها تركز بالقدر الأكبر على منطقة الخليج والشام.
في العام 2011 تواجدت مجموعات من "فيلق القدس" في ليبيا حسب العديد من التقارير وشهادات أدلى بها البعض من المنخرطين في الميدان حينها. لكن المحلل السياسي محمد الأسمر يشير إلى أن المجموعات التي تواجدت من الحرس الثوري في ليبيا في العام 2011، لم تجد "الحاضنة" الاجتماعية للفكر والتوجه الإيراني.
الدبيبة يعلن استعداده التخلي عن رئاسة حكومة الوحدة الليبية

حضور أمريكي لافت

في الفترة الأخيرة حضرت الولايات المتحدة في المشهد الليبي بشكل أكبر، حيث يشير الخبراء إلى أنها الداعم الأول لمبادرة باتيلي التي يسعى لتنفيذها، وهي دائما تقول إنها تناهض أي تحركات أو تواجد إيراني في أي دولة أو منطقة. في هذه النقطة يشير الأسمر إلى الجانب الأمريكي يوازن المعادلة في ليبيا عبر الوجود التركي في غرب البلاد أيضا، في حين أن إيران تحاول استثمار حالة التهدئة بانفتاح أكبر مع العديد من الدول.

أهداف حكومة الدبيبة

مسعى أخر لحكومة الدبيبة يفسره المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل، حيث يوضح أن إيران تعتمد في سياستها الخارجية على التناغم مع روسيا، وعدم الوقوع في تضارب مع سياسة موسكو أينما وجدت.
ويرى إسماعيل في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة يحاول تحسين العلاقات الثنائية مع حلفاء موسكو، لكي يتحصل على دعم روسيا، والتخلي عن دعم حكومة البرلمان برئاسة فتحي باشاغا أو ضمان حيادها"، وفق قوله.
وفق المحلل الليبي، فإن مساعي الدبيبة مرتبطة بكون اعتماد حكومته على اعتراف مجلس الأمن، وتوجسا من ذهاب روسيا إلى خيار دعم اختيار حكومة جديدة لإنجاز الانتخابات.
أغلقت السفارة الإيرانية في العام 2011، إلى جانب العديد من السفارات الأجنبية بعد اندلاع الاحتجاجات المسلحة في البلاد.
سادت التوترات بين إيران وليبيا منذ حادثة اختفاء رجل الدين الشيعي اللبناني البارز موسي الصدر أواخر السبعينات عندما زار العاصمة الليبية طرابلس، ورغم ذلك ظلت العلاقات قائمة بين البلدين، حتى إغلاق السفارة في العام 2011.
مناقشة