هل خرجت الحرب في السودان عن السيطرة... ما السيناريوهات المقبلة؟

لم تكد تنتهي الهدنة الثالثة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلا وانطلقت آلة الحرب أكثر شراسة، معلنه عن جولة جديدة ربما تطول وتتسع رقعتها في مناطق أخرى من البلاد، بعد التصريحات الإقليمية والدولية عن عدم جدوى مفاوضات جدة، وعدم التجاوب مع مبادرة إيغاد.
Sputnik
يثير الوضع الحالي عدة تساؤلات عما تحمله الأيام المقبلة في السودان، وهل ينجح الجيش في السيطرة أم تتسع رقعة المواجهات ويظل الأمر لفترة طويلة قد تصل بالبلاد إلى الحرب الأهلية والتقسيم؟
بداية يقول د.محمد مصطفى، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، إن تجدد القتال في بعض المناطق خارج الخرطوم لا يعني اتساع نطاق المعارك، لأن الأوضاع لا تزال تحت السيطرة.

تحت السيطرة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لا يخفى على أحد أن القتال اشتد بعد الهدنة الأخيرة، وتجدد في إقليم دارفور، خاصة في نيالا والفاشر اللتين سادهم الهدوء بعض الشىء في الفترة السابقة، كما تواصل القتال في الجنينة التي شهدت أبشع أنواع الانتهاكات الإنسانية والتي تجاوزت كل التوقعات، أضف إليها مدينة كتم وطويلة في ظاهرة تجعل المراقب يعتقد أن الحرب قد خرجت عن السيطرة".
تغطية مباشرة للأحداث في السودان بين الجيش والدعم السريع
وأشار مصطفى إلى أن اشتعال بعض الجبهات قد يوحي للبعض أن القتال ورقعة الحرب قد اتسعت، لكن واقع السودان وتجاربه العديدة يؤكدان أن الحرب لا تزال تحت السيطرة، وإذا استثنينا إقليم دارفور الذي شهد من قبل حربا شبه عرقية، تحولت إلى أهلية شاملة تجاوزت حدود العرق، والذي عاد هذه الأيام ليشهد قتالا عرقيا مدعوما من الدعم السريع، حسب تقارير أممية وإقليمية ومحلية في الجنينة عاصمة إحدى ولايات الإقليم.
وتابع رئيس الحركة الشعبية: "في اعتقادي أن الحرب لا تزال حتى اليوم بين الجيش والدعم السريع، ووفق المتابعات وتقييم كثير من المراقبين، فإن الجيش قد تجاوز مرحلتي امتصاص الصدمة وحماية المواقع العسكرية الاستراتيجية ودخل في مرحلة الانتشار والسيطرة، وإذا صحت هذه التوقعات بكل تأكيد قد يسيطر الجيش على العاصمة الخرطوم وتنتقل الحرب إلى إقليم دارفور الذي يمثل حاضنة لقوات الدعم السريع".

مغامرات قاسية

وأكد مصطفى أن المواطن السوداني في غنى عن كل هذه المغامرات القاسية التي يدفع ثمنها منفردا من أمنه واستقراره وقوت يومه، لذلك نحن دشنا حملة "أعطوا السلام فرصة"، لأن الحرب والوعي والعقول المدركة والنفوس الطيبة لا يلتقيان أبدا.
مجلس الأمن يدعو طرفي النزاع في السودان إلى وقف القتال وحماية المدنيين
وأوضح رئيس الحركة الشعبية أن "الحرب رديف التخلف والجوع والفقر والمرض، والسلام رديف التنمية والتقدم والازدهار، حيث لم تتطور أوروبا إلا بعد أن أرست دعائم السلام، وكذلك لم تصبح أمريكا القطب الأوحد، إلا بعد أن تجاوزت كل سلبيات وجراحات الحرب الأهلية بسلام عادل يحفظ الحقوق السياسية والحريات المدنية لأي مواطن أمريكي، أعتقد أن الأوضاع حتى اللحظة تحت السيطرة، لكن إذا تواصل القتال قد تتطور الأحداث وتصبح خارج السيطرة".

أيامها الأخيرة

من جانبه، يقول د.ربيع عبد العاطي، القيادي في حزب المؤتمر الوطني السوداني، يبدو أن الأزمة في أيامها الأخيرة، بعد أن تشتت شمل المرتزقة والمتمردين وأصبحوا عبارة عن عصابات يحتمون في المنازل ويتخذون من المواطنين والمرضى دروعا بشرية.
لماذا رفض البرهان مبادرة "إيغاد" ورئاسة كينيا للجنة الوساطة لوقف الصراع في السودان؟
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "الجديد في الأمر أن الشوارع امتلأت بجثث المتمردين، وارتكازاتهم في الطرق الرئيسة لم تعد كما كانت، ويهربون من مواقعهم بمجرد إحساسهم بتحرك القوات المسلحة في اتجاههم، وتحول المتمردون إلى قطاع طرق ولصوص وخسروا عشرات الآلاف من المجندين، إما بالمعارك والمواجهات أو الهروب اليومي".

ليست حرب

وأشار عبد العاطي، إلى أن كثافة النيران بعد انتهاء الهدنة تنذر بالقضاء عليهم تماما، معربا عن خلافه مع من يصفون ما يجري بأنه حرب، قائلا: "هذا توصيف مخل لأنها جماعات متمردة ترتكب جرائم ضد الإنسانية، وتهدد حياة المدنيين، وتحتل دورهم وتنهب ممتلكاتهم ويتم التعامل معهم بناء على ذلك".
وتوقع عبد العاطي إنهاء هذه الفوضى في الأيام المقبلة والقضاء على هؤلاء قضاء مبرما "حسب ما أشاهده على أرض الواقع".

مخططات خارجية

وأكد أنه ثبت بالدليل القاطع تورط جهات خارجية و"للأسف من قبل من كنا نحسبهم أشقاء، فإذا بهم أعداء لشعوبهم قبل أن يكونوا أعداء لنا، فهم عملاء لتنفيذ مخططات أجنبية ومخالب قط لهم، وتلك منتهى الخيانة للأهل والأخوة وتلطيخ لتاريخ لم نعرف عنه إلا الإشراق، وعندما تنجلي الأمور سيكون لكل حادثة حديث".
"الصحة العالمية" تحذر من مخاطر تفشي الأوبئة في السودان
وأعلنت قوات الدعم السريع في السودان، اليوم الأحد، "سيطرة قواتها على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي في الخرطوم".
ونشرت قوات الدعم السريع، عبر حسابها على "تويتر"، مشاهد حية قالت إنها من "معركة السيطرة على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي على يد أشاوس الدعم السريع"، كما أعلنت مساء أمس السبت، إسقاط طائرتين حربيتين تابعتين للجيش السوداني.
جاء ذلك في بيان للقوات التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، على وقع استمرار المعارك مع قوات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، دون أن تتمكن وساطات عربية وغربية من وقفها.
وقال البيان: "أسقط أشاوس قوات الدعم السريع، مساء اليوم السبت، طائرتين من طراز (سوخوي 24 - ميغ) تتبعان لميليشيا البرهان الانقلابية"، على حد تعبيره.
وتدور منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تركزت معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين، في حين لا يوجد إحصاء رسمي عن ضحايا العسكريين من طرفي النزاع العسكري.
مناقشة